الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أين تذهب حجارة القدس؟

27 ديسمبر 2009 00:06
لا يوجد بين اليهود أنفسهم اتفاق حول مكان الهيكل المزعوم، وهناك ثلاث نظريات على الأقل لمكان هذا الهيكل، لا يوجد دليل عليها. بل على العكس أدت الدراسات الغربية في نصف القرن الماضي لدحض الرواية التوراتية (الكتب الملحقة بأسفار موسى). فيوجد من يعتقد أن الهيكل يقع تحت قبة الصخرة، ومن يعتقد أنه شمالها، ومن يعتقد أنه بينها وبين الأقصى. تعدد هذه النظريات لا يعكس نقص الأدلة المادية على المزاعم التاريخية حول وجود الهيكل وحسب ولكنه ذو أبعاد سياسية أيضاً. فمن جهة كان عدم وجود من يزعم معرفة المكان المزعوم للهيكل تحديدا، سلاحاً بيد المؤسسة الدينية الرسمية الإسرائيلية لمنع دخول اليهود لمنطقة الحرم، استنادا لفتوى قديمة تعود لمئات السنين مفادها أنّ مكان قدس الأقداس في الهيكل غير معروف، وأن دخول اليهود العاديين لهذه المنطقة محظور إلا بشروط تاريخية معينة لم تتحقق، ولذلك حظر دخول منطقة الحرم الشريف أو ما يسمى (جبل الهيكل) بحسب الخطاب اليهودي، وهو منع يعود لمعتقدات دينية ولحسابات سياسية. والبعد السياسي الآخر لتعدد نظريات مكان الهيكل يتعلق بنوع الحل الذي يؤيده أصحاب كل نظرية، فهناك من يؤيد بناء هيكل إلى جانب المساجد الإسلامية، وهناك من يريد هدمها. سبق لبعض الإعلاميين الذين عملوا في برامج وثائقية عن الحفريات أدنى الجدار أن قالوا لي ملاحظة مهمة، اكتسبت مصداقية في الأيام الفائتة. فقد لاحظ بعد المصورين والمنتجين التلفزيونيين أن أحجار المنازل المهدومة في القدس يتم حملها لجهة ما، بطريقة مدروسة، وهذه المنازل تعود أحيانا لمئات أو آلاف السنوات، ما دفع هؤلاء الإعلاميين للتساؤل إن كان سيتم إعادة استخدامها في مكان ما، لبناء ما، قد يدّعى أنّه أثري ويهودي، أو على الأقل لإعطاء انطباع خادع بذلك؟. مثل هذه الممارسة تم تسليط الضوء عليها في الأيام الفائتة، بالإشارة إلى اقتلاع حجارة كبيرة وبوابات تعود لمبان أثرية تعود للعصر الأموي الإسلامي، ونقلها وتخزينها على نحو خاص. إذا ما ربطنا بين تغير الخطاب الديني اليهودي إزاء منطقة الحرم الشريف، مع مسألة نقل الحجارة والأنفاق في منطقة الحرم، وربطنا كل ذلك مع طبيعة الهجمة الاستيطانية، التي تستهدف بيوت العرب في قلب الأحياء العربية في محيط مدينة القدس القديمة، يتضح أننا أمام تحرك ثلاثي الأبعاد. البعد الأول هو التراجع عن رفض دعاوى الصهاينة المتدينين، ففي الماضي كانت المؤسسة الدينية اليهودية، (غير الصهيونية وأحزاب دينية مثل شاس)، ترفض دعوات الصهاينة المتدينين للصلاة في منطقة الحرم، وكانت الشرطة تحد أو تمنع ذلك. ومن الواضح أن هناك تغيرا في خطاب المؤسسة الدينية، وتأييدا من المؤسسة السياسية والأمنية لتحركات في هذا الاتجاه. خصوصا مع تبني قوى دينية أساسية، مثل شاس، مواقف صهيونية. والبعد الثاني هو تسارع مخططات تغيير الأمر الواقع في الأماكن المقدسة ونقل الحجارة على هذا النحو الذي قد ينبئ بمخططات بناء قريبة معينة. والبعد الثالث، هو فكرة اختراق الأحياء العربية وطرد السكان العرب، وهي خطة بدأت في حكومة نتنياهو الأولى وها هي تستكمل الآن. جميع هذه الأبعاد تحتاج لمتابعة حثيثة، وفي موضوع حجارة القدس تحديدا، هناك ضرورة لمتابعة ذلك من خلال الأطر الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والإسلامية، واليونسكو، والهيئات الدولية المعنية بالتراث والثقافة، وخوض معركة دبلوماسية وإعلامية وشعبية ميدانية بشأن ذلك، ولا بد من توثيق ما يحصل، منعا لاستمرار مخططات تزوير التاريخ. باحث في مناهج إدارة الصراع
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©