الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة نيجيريا: مَرِض الرئيس فَشُلَّت الحكومة

27 ديسمبر 2009 00:05
عندما أُدخل رئيس نيجيريا "عُمَرو يار أدوا" إلى المستشفى في السعودية أواخر الشهر الماضي، لم يكن أحد يتوقع أن الجهاز الحكومي برمته سيتعطل في غيابه. فرغم أن المتحدثين باسم الحكومة يطمئنون النيجيريين بأن كل المهام الرئاسية يقوم بها الآن نائب الرئيس "جودلاك جوناثان"؛ فإن "يار أدوا" لم يحرر رسالة ينص عليها الدستور لمجلس الشيوخ النيجيري يفوض فيها صلاحيات اتخاذ القرارات الرئيسة لجوناثان في غيابه. وفي انتظار ذلك، تظل عدد من المبادرات السياسية معلقة اليوم. فالمتمردون في منطقة دلتا النيجر الغنية بالنفط، والذين وُعدوا مؤخرا بجولة جديدة من مفاوضات السلام مع الحكومة، يشتكون من عدم تحرك الحكومة ويتحدثون عن إمكانية إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل؛ وإمدادات الوقود أصبحت قليلة في محطات التوزيع لأن العقود الحكومية الجديدة للموزعين المستقلين تنتظر توقيع الرئيس. كما أن ميزانية إضافية لعام 2009، من أجل تمويل برامج التطوير في دلتا النيجر، مازالت تنتظر كذلك موافقة الرئيس، شأنها في ذلك شأن عدد من التعيينات في المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف. ولعل الأكثر إثارة للقلق هي المفاوضات الدائرة بين ساسة شماليين، يدعون "يار أدوا" إلى الاستقالة حتى يستطيعوا إجراء انتخابات جديدة واستبدال "يار أدوا" بآخر من الشمال، بدلا من سياسي من الجنوب مثل جوناثان الذي ينحدر من منطقة دلتا النيجر. وفي هذا السياق، يقول فيمي فالانا، وهو محام بارز في لاجوس رفع دعوى قضائية لتوضيح مسألة من يقود البلاد: "إن البلاد في أزمة سياسية ودستورية خطيرة منذ فترة"، وذلك لأن أي قرار يتخذه نائب الرئيس، وأي عقد يوافق عليه، وأي قرار تعيين يتخذه، سيكون مفتقراً إلى القوة القانونية بدون تلك الرسالة الرسمية من "يار أدوا"، كما يقول. وإذا كان صبر متمردي دلتا النيجر قد بدأ ينفد، "فإنك أمام أزمة كبيرة في الواقع". والواقع أن دستور نيجيريا، وعلى غرار الولايات المتحدة، يتوفر على آلية واضحة بخصوص ما ينبغي أن يحدث حين يصبح الرئيس عاجزا عن القيام بواجباته بسبب المرض: انتقال السلطة إلى نائب الرئيس واستمرار الحكومة في العمل. غير أنه في نيجيريا يوجد اتفاق سياسي غير رسمي بين جنوب البلاد ذي الأغلبية المسيحية وشمالها المسلم يقضي بتداول السلطة بين الشمال والجنوب حفاظا على السلم الاجتماعي في البلاد. فمثلا بعد حكم الرئيس السابق أوباسانجو، الجنوبي، والذي دام ثماني سنوات، سُمح للشماليين فقط بالترشح لرئاسة البلاد في انتخابات 2007 التي فاز فيها "أدوا"، وهو حاكم شمالي من ولاية كاتسينا. والواقع أن حكومة نيجيريا تواصل عملها رسميا حيث يترأس اجتماعاتها جوناثان بوصفه رئيسا بالإنابة. وفي هذا الإطار، تقول دورا أكونييلو، وزيرة الإعلام والاتصال، في حديث قصير معها عبر الهاتف: "إن الدستور واضح جدا حول هذه النقطة: نائب الرئيس هو من يقود البلاد في هذه الحالة". ثم اقتبست من بيان سفير نيجيريا بالسعودية قائلة: "إن الأطباء هم من سيقررون متى يمكنه أن يغادر وما ينبغي القيام به". وإذا كان بعض الساسة الشماليين من منطقة أدوا نفسها يدعون إلى استقالة الرئيس، فإن الحكومة تقف إلى جانبه وتدعمه، حيث قال أولوسولا أوكي، المستشار القانوني لـ"الحزب الديمقراطي الشعبي" لصحيفة "فانجارد"، إن "الأشخاص الذين يدعون إلى استقالة الرئيس ليسوا وطنيين... ثم إن الاستقالة شيء إرادي وطوعي ولا ينبغي أن يُرغم عليها الرئيس". غير أن عددا متزايدا من الساسة في نيجيريا باتوا قلقين اليوم بشأن الفرص الضائعة لرئاسةٍ تفتقر إلى سلطةِ كاملة. فعلى سبيل المثال، فإن بدء أحدث جولات مفاوضات السلام مع متمردي دلتا النيجر إنما تسنى بفضل تدخل شخصي من قبل يار أدوا، ولكن غيابه كان يعني توقف المفاوضات. وفي هذا الصدد تفيد مصادر محسوبة على المتمردين بأن بعض متمردي دلتا النيجر ممن رفضوا وضع السلاح عادوا إلى الغابات منذ فترة. ومن جانبه، يقول أوسيتا أوكيشوكوو، المتحدث باسم "مؤتمر الأحزاب النيجيرية"، وهو تجمع لأحزاب المعارضة: "إن فراغ السلطة هذا يمكن أن يعرّض عملية السلام في دلتا النيجر للخطر"، مضيفاً أن "المقاتلين لن ينتظروا أحدا؛ فإذا لم تنجح المشاريع، فإنهم سيريدون الإمساك بزمام الأمور في المنطقة فورا". ومن جانبه، يرى "بات أوتومي"، الذي خاض الانتخابات من قبل كمرشح رئاسي مستقل ضد يار أدوا ويعمل اليوم أستاذا محاضرا في كلية التجارة في لاجوس، أن الخيار الوحيد هو تنصيب جوناثان رئيسا للبلاد، إذ يقول: "إن عدم القيام بذلك يعني الإرسال بإشارة إلى سكان منطقة نائب الرئيس -منطقة دلتا النيجر المضطربة- مفادها أن نيجيريا لا تريدهم"، مضيفا أنه "إذا حدث ذلك، فإن المقاتلين الذين وضعوا أسلحتهم من قبل سيعودون مباشرة إلى النهر، وستصبح اللعبة أكثر سخونة مما كانت عليه". ينشر بترتيب خاص مع "كريستيان ساينس مونيتور"
المصدر: لاجوس، نيجيريا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©