السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شارع المعز لدين الله الفاطمي.. أكبر متحف مفتوح في العالم

شارع المعز لدين الله الفاطمي.. أكبر متحف مفتوح في العالم
12 مايو 2014 20:55
شوارع أي مدينة قديمة كتاب مفتوح يروي تاريخها، ولشوارع القاهرة الفاطمية تاريخ يمتد لعصور مضت، تحولت أشكالها من عصر لآخر، وصولاً إلى العصر الحالي. وقد وصف الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة القاهرة عندما زارها عام 1325م بقوله «القاهرة أم البلاد. وقراره عين فرعون ذي الأوتاد. ذات الأقاليم العريضة، والبلاد الأرضية، المتناهية بالحسن والنضارة مجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر»، هكذا هي القاهرة التي تحمل عبق التاريخ. إذا أردت أن تركب آلة الزمن لتمر عبر الآثار الإسلامية؛ فعليك بالجلوس على أحد مقاهي شارع المعز لدين الله الفاطمي، عندها سيعود بك الزمن إلى الوراء سترتحل بين تاريخ له عبقه الخاص، وربما يكون الكرسي، الذي جلست عليه قد جلس عليه من قبل نجيب محفوظ، أو مر من جانبه الزعيم جمال عبدالناصر، وقد يمر عليك بائع الأنتيكات فتعود إلى العصر الفاطمي. عصب المدينة يقف شارع المعز لدين الله الفاطمي شاهدا على تاريخ يفوح منه أريج الزمن، ويحمل بين جنباته أكثر من ألف عام من الحضارة الإسلامية ليشكل وجدان شعب وأمة باعتباره أقدم شارع في العالم تزينه جواهر المعمار الإسلامي، وهو شارع الأحداث الكبيرة، والعصب المركزي للمدينة التاريخية. فهنا مر المعز لدين الله الفاطمي في موكبه للمرة الأولى وسط جنوده وحاشيته. وهناك عاش وحكم الناصر صلاح الدين الأيوبي محرر القدس، وعند تلك الحارة عاش المقريزي مؤرخ عصره، وعند العطفة الأخرى ولد نجيب محفوظ عميد الرواية العربية، وفي تلك المدرسة تعلم جمال عبدالناصر قائد ثورة 23 يوليو 1952. لذلك كان تاريخ هذا الشارع العريق شاهداً على العديد من الأحداث التاريخية. ويعتبر شارع المعز أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، ويقع في منطقة الأزهر، ويرجع تاريخه إلى عام 969م، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى “المعز لدين الله” الخليفة الفاطمي الذي أرسل قائده “جوهر الصقلي” إلى مصر عام 358هـ – 969م، لتصبح مصر منذ ذلك التاريخ وحتى عام 567هـ – 1171م تحت الحكم الفاطمي، ويبدأ من باب الفتوح منتهياً في باب زويلة، وبالإضافة إلى أنه مزار أثري وسياحي فإنه يُعد سوقا تجاريا يتردد عليه مئات الآلاف يومياً. يضم طرزاً لجميع الأشكال المعمارية الإسلامية والحربية والدينية والاجتماعية ‏وبعد أعمال التطوير تحوّل الشارع إلى متحف مفتوح للآثار الإسلامية بطول كيلو متر من شارع الأزهر إلى باب الفتوح. أهم الآثار يؤكد الدكتور أحمد علام، الرئيس الفخري لجمعية التخطيط العمراني، أن شارع المعز يعتبر عصب مدينة القاهرة منذ نشأتها، ويمثل المحور الرئيس للقاهرة التاريخية، فهو أقدم شارع على الإطلاق في مصر ويربو عمره على أكثر من 1000 عام ويضم بين جنباته 33 أثراً متنوعاً، وتمتد المنطقة على جانبيه، وتتركز به أغلب الخدمات الحرفية والتجارية، وأهم المعالم الأثرية والتاريخية، كما تتفرع منه أهم الحارات والشوارع ذات القيمة الأثرية ولا تزال تحتفظ مباني المنطقة بطابعها المتميز عبر التاريخ وتتصف ببنية عمرانية ومعمارية وثقافية وأنشطة ووظائف متنوعة. ويوضح “تنفرد الآثار الموجودة به برونق خاص من حيث جمال ودقة وتنوع وضخامة العمارة والزخرفة، وتتميز ليس فقط بمساجدها الشامخة، بل تضم أيضاً مدارس ومدافن وبيمارستان “مستشفيات” وأسبلة وكتاتيب وقصوراً، ومن بين تلك الآثار ما يرجع إلى العصر الفاطمي ومنها ما يرجع إلى العصر الأيوبي والعصر المملوكي، علاوة على ذلك يضم الشارع أيضا آثاراً من العصر الشركسي والعصر العثماني ثم عصر محمد علي وهي آثار تزخر بالروحانيات والجمال الذي يشهد بروعة الفنان والمعماري المسلم”، مضيفا أن به العديد من الآثار التاريخية منها بوابة الفتوح وسور البلد وزاوية أبو الخير الكليباني والدرب الأصفر، وسبيل وكتاب عبدالرحمن كتخدا، وقصر الأمير بشتاك، ومدرسة السلطان الكامل، وحمام انيال، ومسجد السلطان برقوق، ومسجد الناصر محمد، وبقايا مدرستي الظاهر بيبرس والصالح نجم الدين، وسبيل وكتاب خسرو باشا، ومسجد الأشرف برسباي، إلى جانب منطقة بيت القاضي. ويلفت علام إلى أن شارع المعز لدين الله يحوي كثيراً من المساجد الشهيرة مثل مسجد الحاكم بأمر الله، ومسجد سليمان أغا السلحدار، ومسجد السلطان الكامل، ومسجد السلطان برقوق، ومسجد وسبيل علي المطهر، ومسجد الأشراف برسباي. طعم خاص يقول الأثري د. زاهي حواس، وزير الدولة لشؤون الآثار المصرية السابق إن لشارع المعز لدين الله طعماً خاصاً، موضحا “ما زلت أذكر وأنا شاب صغير عندما كان يحلو لي في كل زيارة إلى مدينة القاهرة السير في شارع المعز، كي أشم عبق ألف عام هو تاريخ القاهرة، فهذا الشارع مليء بالحرف والصناعات اليدوية والمقاهي، ولكن حركة المواصلات والمركبات كانت تخلخل الآثار الإسلامية بالشارع من مساجد ومنازل وأسبلة وخانقاوات وتكايا”. ويوضح “عندما فكر فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق في ترميم تلك الآثار الموجودة بشارع المعز، وجدنا أن هناك منازل جميلة تم ترميمها، مثل منزل الست وسيلة، وبيت الهراوي، وكذلك العديد من الأسبلة، ومنهم سبيل محمد علي بالنحاسين، وتم تحويله إلى متحف رائع يحكي قصة النسيج على مر العصور، بدءاً من العصر الفرعوني، وحتى العصر الحديث”، لافتا إلى أن هذا المتحف يعتبر بحق فريداً في نوعه، لأنه يبرز تطور صناعة النسيج وفنونه التي اختلفت من عصر إلى عصر، وكان النسيج المصري دوماً يحظى بإقبال كبير في كل مكان بالعالم، وإضافة إلى ذلك، فقد تم ترميم مجموعة السلطان قلاوون، وذلك من خلال سيمفونية عمل رائعة قام بها فريق المرممين والمهندسين المعماريين، حيث استطاعوا بمهارة فائقة أن يعيدوا للأثر جماله الذي كاد يختفي تحت غبار السنين. وعلى الرغم من العمل المتواصل في ترميم آثار شارع المعز، إلا أن أهم ما تم في هذا المكان، هو أن الأجهزة الحكومية اتفقت على ضرورة وقف حركة المواصلات في هذا الشارع، بالإضافة إلى نقل الصناعات التي تؤثر على المكان بالسلب، وتسببت في الحرائق، التي كانت تنشأ بسبب هذه الصناعات تشغل أماكن داخل المباني الأثرية. ويقول حواس “استطاعت وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة، بالتعاون مع وزارة الثقافة، وقف حركة المواصلات داخل شارع المعز، ليتحول إلى متحف رائع مفتوح، ولمرة الأولى يشترك مصريون متخصصون في أعمال الترميم جنباً إلى جنب مع مرممين أجانب من بولندا وروسيا، لكي نصل في النهاية إلى إعادة جميع الآثار الإسلامية، وما تحمله من فنون مختلفة وطرز معمارية فريدة إلى أصلها، دون إضافة أي عناصر أخرى، كما كان يحدث في الماضي”. ويضيف “جاءت اللحظة التي تعاقدنا فيها مع شركة الصوت والضوء لإنارة الشارع. ويجرى الآن تحويل منزل إسلامي إلى مطعم جميل، كما يحدث في كل الأماكن الأثرية في العالم كله، لأن استعمال الأثر ضروري جداً لصيانته والحفاظ عليه. ووجود المطعم في هذا المكان سيؤدي إلى زيادة الإقبال السياحي، للتمتع بسحر القاهرة الإسلامية”. (وكالة الصحافة العربية) قائمة التراث قال جمال مصطفى، مدير عام مسجد السلطان حسن، والباحث في مجال الآثار الإسلامية: «إذا تجولت في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وأغمضت عينيك عن المساجد والأسبلة والبيوت القاهرية التاريخية وسحرها، واتجهت ببصرك للمحال التجارية، خاصة في الجزء الواقع في منطقتي الصاغة والنحاسين، وكذلك خان الخليلي، لفوجئت بحركة تجارية غير عادية وبرحيق لم يكن ملموساً منذ سنوات قريبة. إذ يتاخم محال الذهب والمجوهرات الشهيرة على جانبي الشارع حوانيت أخرى لكل ما هو قديم، وهي إن كانت صغيرة المساحة، إلا أنها مثقلة بكمية ضخمة من القطع النادرة». وأشار إلى أن القاهرة التاريخية سجلت على قائمة التراث العالمي عام 1979 ميلادي، فيحدها من الشمال شارع جلال، ومن الجنوب سور مجرى العيون، ومن الشرق شارع صلاح سالم، ومن الغرب شارع بورسعيد، وقد بدأ مشروع ترميم وتطوير تلك المنطقة عام 1998 ميلادي على 4 مراحل بتكلفه تجاوزت الـ35 مليون جنيه، تم تنفيذ ثلاث مراحل، وتبقى المرحلة الأخيرة الخاصة بالجزء الجنوبي من شارع المعز، فهو يبدأ من باب النصر حتى المشهد الحسيني، ومن باب الفتوح .. حتى باب زويلة، وأخيراً بداية من باب الوزير بالقلعة وحتى شارع صلاح سالم، فمن المتعارف عليه أن«القاهرة التاريخية» بها نحو 318 أثراً، تم ترميم ما يقارب من 110 آثار. قلة الاهتمام حول متحف النسيج المصري، تقول سحر إبراهيم، وكيلة متحف النسيج المصري، الذي يحتضن تحفة معمارية نفيسة، وهي سبيل «محمد علي»، تكاد الجدران تبكي حزناً على حال المكان، الذي يعد أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، ولكنه مع تقاعس المسؤولين أوشك أن يتحول إلى منطقة عشوائية، مشددة على ضرورة وجود حراسة وأمن على بوابة شارع المعز، ولكن مع اختفاء المراقبة، وتوقف البوابات الإلكترونية أصبح دخول السيارات النقل والملاكي أمراً طبيعياً ومتكرراً يومياً، على الرغم من منعها من المرور بالشارع، كونه مخصصاً للمشاة. بالإضافة إلى انتشار الباعة الجائلين والعشوائيات، ما أنقص من قيمة المكان كمزار سياحي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©