الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتمردون يحولون صنعاء إلى معتقل

المتمردون يحولون صنعاء إلى معتقل
3 سبتمبر 2016 19:39
ماجد عبدالله(عدن) «محمد» شاب من عدن، يبلغ من العمر 26 عاماً، كان في زيارة للعاصمة صنعاء المحتلة من قبل المتمردين الحوثيين والمخلوع صالح منذ 21 سبتمبر 2014، بهدف علاج والده، اعتقلته الميليشيات منتصف يوليو الماضي وتم إيداعه المعتقل للاشتباه بأنه أحد أفراد المقاومة، أو كما يزعمون بانتمائه لتنظيم داعش. وتزايدت في الآونة الأخيرة حملات الاعتقالات التي تنفذها ميليشيا الحوثي والمخلوع علي صالح الانقلابية، في العاصمة اليمنية صنعاء، والمحافظات الخاصة لسيطرة الانقلابيين، والتي طالت عشرات الناشطين والصحفيين والحقوقيين المدنيين، خاصة أولئك الذي ينتمون للمحافظات المحررة، بحجج وأعذار واهية. وجاءت هذه الحملات مع المفاوضات التي تستضيفها الكويت بين الحكومة الشرعية والانقلابيين من أجل إحلال السلام في اليمن وتطبيق بنود القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن «2216» والتي كان من ضمن بنودها الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين في سجون الميليشيات وجرى تشكيل لجنة خاصة بها من أعضاء وفدي الحكومة اليمنية والانقلابيين وحققت تقدماً نسبياً في هذا الجانب، ولكنها تعثرت بعد تعنتات أبداها الانقلابيون الذين قدموا كشفاً يتضمن أسماء عناصر لقيت مصرعها خلال المواجهات العسكرية بين الجانبين. وتقول والدة «محمد» التي كانت برفقته في صنعاء لـ «الاتحاد» إن زوجها يعاني من مرض في جهازه العصبي افقده القدرة على السير والحركة وكانت في صنعاء مع نجلها لعلاجه، مشيرة إلى أن العناصر الانقلابية اعتقلت ولدها بعد ثلاثة أيام وهو في طريقه إلى أحد الأسواق لشراء بعض الأغراض المنزلية. وتضيف: قام الحوثيون باعتقال ولدي واختطافه من الطريق بأحد أطقمهم تحت تهديد السلاح والاعتداء عليه بأعقاب البنادق أثناء اقتياده إلى أحد أقسام الشرطة وتوجيه الأسئلة له عن علاقته بتنظيم «داعش» والاتهام له بالعمالة مع أميركا وإسرائيل، وظللت أنا ووالده في انتظاره حتى المساء عندما جاءنا اتصال يخبرنا بأن ولدنا محتجز في قسم الشرطة القريب من المكان الذي يسكنون فيه. وتتابع والدة محمد «ذهبت إلى قسم الشرطة ودخلت إلى مكتب المسؤول عن القسم ويدعى «أبو بلال» للاستفسار عن سبب احتجاز ولدي، فكان رده بطريقة ساخرة «ابنك عميل وجاء إلى هنا ليزعزع الأمن في العاصمة وسيتم محاسبته ومعاقبته مع كل الخونة الذين خانوا الوطن، فانصدمت من كلامه وبدأت أشرح له أن ولدي جاء مرافقاً لوالده من أجل العلاج في أحد المستشفيات الخاصة وأنه ليس له أي نشاط سياسي وأكدت له ذلك بالوثائق الطبية التي بحوزتي ولكن دون جدوى، بل إنه منعني من مقابلته والاطمئنان على حالته». وأضافت أنها عاودت صباح اليوم الثاني إلى القسم للاطمئنان على ولدها وعلى حالته وتعرف نتائج التحقيق رغم أن هذه التهمة تم تلفيقها له.. مشيرة إلى أن أحد المناوبين في القسم فاجأها بأنه تم نقل ولدها مع المعتقلين إلى سجن هبرة ومن وقتها لم تعلم عنه شيئا. اعتقالات بالجملة لم يكن «محمد» هو الشاب الوحيد الذي تم اعتقاله قسراً، فقد تعرض العشرات من أبناء محافظات تعز وعدن والبيضاء والحديدة وغيرها من المحافظات الرافضة لسلطة الانقلابيين للاعتقال التعسفي بسبب الانتماء المناطقي. وأكد ناشطون حقوقيون مقيمون في صنعاء لـ «الاتحاد» أن هناك مئات المعتقلين في سجون الانقلابيين معظمهم من المدنيين الأبرياء الذين يتم اختطافهم من طرقات وشوارع العاصمة وبعضهم من عمال المحلات التجارية، وخصوصاً أبناء محافظة تعز التي تفرض عليها الميليشيات حصاراً خانقاً منذ أكثر من عام. وقالوا إن أهالي المعتقلين لا يجدون أي جهة رسمية للتخاطب معهم ومعرفة مصير أبنائهم.. موضحين أن الانقلابيين وعقب سيطرتهم على السلطة في صنعاء قاموا بتقسيم العاصمة صنعاء إلى مربعات، وكل مربع يتبع «أبو فلان» من قادة جماعة الحوثي والذي بدوره يمارس وسائل الترهيب والتخويف مع أهالي المعتقلين قبل أن يبدأ المساومة على إطلاقه. وتابع الحقوقيون أن العناصر الميليشياوية عقب اعتقال النشطاء من الشوارع ومقرات أعمالهم وفي أحيان كثيرة من منازلهم، تقوم بتفتيش جوالاتهم واستخدام ما فيها من أشياء خاصة في تهديده وابتزازه إلى جانب التلفظ بألفاظ جارحة وخادشة للحياء والإنسانية.. مؤكدين تسجيل العديد من الحالات التي تم نقلها إلى المستشفيات التابعة لها بعد إصابة بعضهم بتسمم غذائي والبعض الآخر بأمراض المثانة والحالب نتيجة منعهم من دخول الحمام لساعات طويلة. وبحسب الحقوقيين، فإن المعتقلين يحتجزون في أماكن غير صحية ويتم الزج بالعشرات في غرف صغيرة لأيام دون توجيه أي تهم أو التحقيق معهم، ليتم بعد ذلك تقسيمهم بين سجونهم ومعتقلاتهم التي لا يعرف أماكن بعضها ويصبح القابعون فيها بحكم المخفيين.. مشيرين إلى أن السجناء وعقب تقسيمهم يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي من خلال الاعتداء عليهم بالضرب أو التحقيق معهم في غرفة مظلمة وتعريضهم لمسرحيات تنفيذ عقوبة الإعدام أكثر من مرة. وأكدوا أنهم رصدوا العديد من الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات الانقلابية بحق السجناء، وفقاً لروايات بعض من تم الإفراج عنهم أو أهالي المعتقلين الذين يحصلون بعد دفع مبالغ مالية باهظة على فرصة لزيارة أبنائهم واللقاء بهم، وتم رفع تقارير للمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. المبعوث الأممي وسلم نشطاء حقوقيون في هيئة الدفاع الحقوقية باليمن، مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، ملف المعتقلين والمختطفين على أيدي ميليشيات التمرد الحوثي والمخلوع صالح، والذي وصل بحسب الهيئة أكثر من 3 آلاف مختطف بينهم أطفال في سن 14 عاما، ورجال راشدون وكهول تجاوزوا الـ 70 عاماً. وبحسب الهيئة إن جماعة الحوثي تقوم بإلصاق تهمة أنهم «خلايا داعشية نائمة» لمجرد أنهم دخلوا بخصومة سياسية ضد الجماعة وتوجهاتها الانقلابية. وأفادت هيئة الدفاع عن المختطفين إن الملف المسلم للمبعوث الأممي متكامل ويحتوي على معلومات شاملة عن أسماء وهويات المعتقلين الذين بلغ عددهم في صنعاء 800 معتقل تم حصرهم، وأكثر من ثلاثة آلاف معتقل من مناطق متفرقة في اليمن. كما تضمن الملف أيضاً مذكرات للنائب العام والنيابة للإفراج عن الأشخاص الذين لم يسجل ضدهم أي قضايا جنائية، وتم اختطافهم بناء على آرائهم ومرجعياتهم الدينية، وبين الملف أيضاً أن كل من يؤيد قوات التحالف ويتبع مذهبا مخالفا لجماعة الحوثي يعد بالنسبة للحوثيين «داعشياً» ويتم القبض عليه، في حين آخر تتم الاعتقالات بتهمة أنهم خلايا نائمة. وأوضحت الهيئة أن المختطفين نوعان: الأول: مخفون قسرياً ولا يعرف مكانهم ووضعهم، فيما الثاني: معتقلون في السجون وتم توزيعهم على السجون والمنازل والمساجد التي تم استخدامها كمعتقلات للحبس والتعذيب. وأكدت هيئة الدفاع عن المختطفين، وفي حالات نادرة، يتم السماح بزيارة المعتقلين، لكن يتم التعامل مع الزوار من قبل جماعة الحوثي والمخلوع بالتفتيش الدقيق والامتهان، و«جعلهم يشاهدون المعتقلين وهم يضربون خلال الزيارة». وأشارت الهيئة إلى أنها التقت ببعض الأشخاص الذين تم الإفراج عنهم أكدوا أنهم قاموا بالتوقيع والبصم على أوراق وهم معصوبو الأعين ولا يدرون ما محتوى الورق الموقع عليه، ولا هوية الأشخاص الذين يقومون بالتحقيق معهم، وأن معظم المفرج عنهم يعانون من أمراض نفسية جراء التعامل المهين والتعذيب الذي تعرضوا له. مختطفون وليسوا أسرى وقال الناشط الحقوقي اليمني البراء شيبان إن الذين تم اعتقالهم من قبل مليشيا الحوثي والمخلوع صالح مخطوفون وليسوا أسرى حرب كما تدعي جماعة الحوثي. وأضاف أن هؤلاء معتقلون خارج إطار القانون لأنهم اعتقلوا من داخل بيوتهم، مشيراً إلى أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المعتقلين، وأنهم وجهوا دعوات لأهالي الضحايا للإبلاغ عن المفقودين. وأوضح شيبان أن جماعة الحوثي تبتز أهالي المعتقلين وتطلب منهم مالاً لقاء إطلاق أبنائهم، مؤكداً أن ملف المعتقلين يشكل للحوثيين مصدر دخل وورقة ضغط في مفاوضات التسوية السياسية. ودعا الأمم المتحدة إلى الضغط على الحوثيين لإطلاق المعتقلين لديها، وقال إنه من المعيب إبقاء هذا الملف الإنساني دون معالجة إلى أن تتم معالجة الملف السياسي للأزمة اليمنية. جرائم متواصلة بحق الإنسانية وكان المحامي توفيق الشعبي المدير التنفيذي للمركز القانوني اليمني، قد أكد في تصريح أن «ما تعرض له الناشطون الذين تم احتجازهم من قبل الحوثيين وقوات صالح يعد من الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني»، لافتاً إلى أن هذه الأفعال جرائم لا تسقط بالتقادم ابتداءً من الحرمان من الحرية ومصادرة حرية التعبير وانتهاك حق العمل السلمي، ثم الجريمة الأشد جسامة وخطورة وهي التعذيب، باعتبارها انتهاكاً لحق السلامة الجسدية، وتزداد جسامة وخطورة هذه الجرائم كونها في ظل نزاع داخلي ومن جماعة غير شرعية»، في إشارة إلى مليشيات الحوثيين. وأضاف المحامي الشعبي بأن «هذا الفعل يعكس فداحة وفظاعة ما يرتكب من انتهاكات وما يتعرض له المختطفون والمختفون قسريا في سجون وأماكن الاحتجاز الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثيين أو أماكن الاحتجاز غير المعلومة، فإذا كان هذا ما تعرض له شباب أرادوا أن يقوموا بواجب إنساني وديني، يتمثل في إيصال ماء الشرب لمحتاجيه، فكيف هو الحال مع بقية الأشخاص المختطفين على ذمة أمور سياسية وغيرها؟!». ونوه أن «وضع حقوق الإنسان في ظل سلطة المليشيات بلغ أسوأ مراحله وأشدها فظاعة في اليمن ويجب عدم السكوت على ذلك وعلى المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية الخروج من مربع الصمت عما يحدث من انتهاكات في اليمن». الاعتقال وسيلة للربح وكشف الناشطون الذين تحتفظ الصحيفة بهويتهم حرصاً على سلامتهم، لـ «الاتحاد» عن استخدام الميليشيات الانقلابية هذه الحملات التعسفية كوسيلة للتربح وتغطية نفقات أعمالها العدوانية في المحافظات الرافضة الخضوع لها. وأوضحوا أن الميليشيات الانقلابية تقوم باعتقال بعض أبناء تلك المحافظات المتواجدين في صنعاء للعلاج لمبادلتهم بعناصرهم الذين يأسرهم الجيش الوطني خلال المواجهات أو إطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية ضخمة.. لافتين إلى أن قيمة المعتقلين تختلف من مسجون إلى آخر، في حين بعضهم تصل قيمته إلى قرابة 3 آلاف دولار. وأكدوا أنهم رصدوا الكثير من حالات الابتزاز التي مارستها الميليشيات الانقلابية منها ابتزاز أحد المستثمرين لإطلاق سراح قريب له بمبلغ 300 ألف ريال يمني، وأخرى لموظف حكومي دفع مبلغ 800 دولار لإطلاق سراح أخيه. المؤسسات الحكومية معتقلات محافظة ذمار الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، حولتها الميليشيات الانقلابية إلى معتقل كبير يتم فيه احتجاز المئات من خصومهم السياسيين والناشطين المناوئين للجماعة. وأكد مصدر مسؤول في مدينة ذمار، لـ «الاتحاد» وجود العشرات من المعتقلين السياسيين والعسكريين والمدنيين في محافظة ذمار تحت حراسة مشددة معظمهم تم إحضارهم من المحافظات الأخرى.. موضحاً أن الميليشيات الانقلابية حولت العديد من المؤسسات الحكومية مثل مكتب الواجبات الزكوية إلى معتقل يتم احتجاز الناس فيه. وأشار المصدر إلى وجود أربعة معتقلات على الأقل في محافظة ذمار غير سجون مراكز الشرطة، ولم يستبعد المصدر وجود معتقلات سرية، غير أنه أكد مسألة تعذيب السجناء والمعتقلين في المعتقلات المعروفة وإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها. انتفاضة نسائية شهدت العاصمة صنعاء خلال الأشهر الماضية انتفاضة نسائية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وقادة الرأي والمختطفين من أشهر من قبل مليشيات جماعة الحوثي وحليفهم المخلوع صالح، في الوقت الذي لا تزال فيه الميلشيات تلاحق النشطاء والصحفيين والكتاب المخالفين لهم والمعارضين لانقلابهم. وأطلق محامون وحقوقيون وناشطات في صنعاء حركتين حقوقيتين تحت مسمى «دعوني أعيش» و«كفى» من أجل تنفيذ وقفات احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين وإيصال أصوات النساء بشأن إطلاق ذويهم من السجون. وأشارت الناشطة منى الصبري، رئيسة منظمة «كفى» إلى إن الوقفات وإيصال صوت نساء اليمن لن يتوقف بشان أهالي المعتقلين والمختطفين لدى جماعة الحوثي، مشيرة إلى أن المنظمة تنسق مع محامين ونشطاء حقوقيين من أجل تنفيذ هذه الوقفات أمام السجون وأماكن المعتقلات في صنعاء. وقالت إن إحدى الوقفات كانت أمام القصر الجمهوري في صنعاء حيث أطلقت القوات التابعة لجماعة الحوثي وصالح النار على النساء المحتجات وترويعهن بعد فشلهم في تفريق وقفتهن الاحتجاجية، مضيفة بأن النساء المحتجات يتحركن برفقة عدد من المحامين والحقوقيين إلى مراكز الاعتقال الحوثية، من أجل الاطمئنان على وضع المعتقلين ومعرفة مصير المختطفين ومحاولة إطلاق سراحهم. المشاورات كانت الأمل الأخير ومثلت مشاورات السلام التي احتضنتها دولة الكويت، واختتمت أعمالها في السابع من أغسطس الماضي دون أي نتائج، طوق النجاة الأخير لمئات المعتقلين الذين كانوا على أمل إطلاق سراحهم وفقاً للأنباء التي ترددت مع انطلاق المشاورات مطلع أبريل الماضي حول عملية تبادل للأسرى والمعتقلين بنسبة لا تقل عن 50% قبل حلول شهر رمضان، غير أن الانقلابيين أفشلوا هذه الجهود بتقديم كشف تضمن أسماء عناصر لقوا مصرعهم خلال المواجهات. وقال وزير الإعلام اليمني، د. محمد عبدالمجيد قباطي، في مؤتمر صحفي، عقده أواخر الشهر الماضي، في العاصمة المؤقتة عدن، إن تعنت الانقلابيين وتراجعهم المتواصل عن كل اتفاق بشأن القضايا التي تناقشها جلسات مشاورات الكويت أدى إلى عدم إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين.. لافتاً إلى أن الحكومة كانت على استعداد لإطلاق سراح الأسرى الذين بحوزتها فور الاتفاق على ذلك. وأشار إلى أن الميليشيات الانقلابية رفضت خلال الجلسات الكشف عن أوضاع المعتقلين لديها وخاصة المعتقلين السياسيين والعسكريين، كما رفضت السماح لأي لجنة دولية بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©