الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإمام الأوزاعي.. فقيه الشام والأندلس

30 ابريل 2015 22:55
أحمد مراد (القاهرة) إمام جليل، وفقيه بارع، وأحد متأخري التابعين، جاهد طويلاً في خدمة الإسلام الحنيف وقرآنه العظيم وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، صار على نهج الصحابة الكرام وأوائل التابعين، فكان خير خلف لخير سلف. هو الإمام والعالم الجليل أبوعمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، المولود سنة 88 هجرية في قرية «الأوزاع» إحدى قرى دمشق، ولقب بـ«الأوزاعي» نسبة إلى قريته التي نشأ وتربى فيها، وتلقى الإمام تعليمه الأول في مدينة اليمامة، وعمل في بعض الوظائف لدى الحاكم في اليمامة، وبعدها ذهب إلى قرية «حنتوس» ببلاد الشام، وظل بها حتى توفي ودفن فيها. بصمات واضحة ويعد الإمام الأَوزاعي واحداً من الفقهاء الأعلام الذين أثروا في مسيرة الفقه الإسلامي، حيث كانت له بصمات واضحة في هذا الشأن، بعد أن استطاع أن يضع مذهبا فقهياً متكاملًا في عدة مؤلفات أشهرها: كتاب السنة في الفقه، والمسائل الفقهية، ومسند الأوزاعي. واعتمد أهل الشام على مذهب الإمام الأوزاعي، وكانوا يأخذون به في مختلف شؤون حياتهم وعباداتهم لدرجة أن قاضي الشام كان على مذهب الأوزاعي، وقد انتقل مذهبه إلى المغرب، ومنه إلى الأندلس إلى أن أصابه الضعف، وحل محله مذهب الإمام مالك. الشجاعة واشتهر الإمام الأوزاعي بالشجاعة وقول الحق، فكان لا يخشى في الله لومة لائم، وذات مرة سأله عبدالله بن علي - عم الخليفة العباسي الذي أجلى بني أمية عن الشام - فقال: يا أوزاعي، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد؟ أجهاداً ورباطاً هو؟ فقال الأوزاعي: أيها الأمير، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه»، فغضب عبدالله بن علي، ثم قال: يا أوزاعي، ما تقول في دماء بني أمية؟ فقال الأوزاعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»، فاستشاط الأمير غيظاً، ثم قال: ما تقول في أموالهم؟ فقال الأوزاعي: إن كانت في أيديهم حراماً فهي حرام عليك أيضاً، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي، فأمره الأمير بالانصراف، ثم أمر له بعطية، فأخذها ثم تصدق بها. أهل الذمة وعندما أقدم نفر من أهل الذمة في لبنان أيام العباسيين على نكث العهود وحمل السلاح وإعلان التمرد، استطاع الوالي العباسي صالح بن علي بن عبدالله بن عباس أن يقضي على فتنتهم وبالغ في عقابهم حيث شرد أهل القرى وأجلاهم رغم عدم اشتراكهم جميعاً في هذه الفتنة، ولم يرض الأوزاعي بما حل بهم، ولم يسكت عن هذا الظلم، فما كان منه إلا أن أرسل رسالة إلى الوالي يقول فيها: «كيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة حتى يخرجوا من ديارهم وأموالهم؟ وحكم الله تعالى» ألا تزر وازرة وزر أخرى»، وهو أحق ما وقف عنده واقتدى به.. وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال: «من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه» «أي: خصمه»، وأصر على الوالي أن يبادر برفع هذا الظلم، وإزالة الحيف عن كاهل هؤلاء المظلومين مبينا له ضرورة التزام مبادئ الإسلام مهما كانت الظروف، وقد استجاب الوالي وفعل ما طلبه الأوزاعي. وتوفي الإمام الأوزاعي في الثامن والعشرين من صفر سنة 157 هجرية بعد رحلة طويلة من العطاء والتضحية في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©