يُعد مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي انطلق في دورته الأولى في أبوظبي بالفترة من 14 حتى 19 أكتوبر 2007 إنجازاً مهماً في هذا الميدان حيث يرسخ أبوظبي رائدة فاعلة في قيادة صرح الثقافة من مختلف أوجهه الإبداعية، إذ شهد عام 2007 حركة دؤوبة في استقطاب الفعاليات العربية والعالمية ناهيك عن الإبداع المحلي والخليجي التي تجمعت بمختلف مدارسها واتجاهاتها في أبوظبي لتؤكد عالمية عاصمة الإمارات في احتضان الثقافة والإبداع·
حضر حفل افتتاح مهرجان الشرق الاوسط السينمائي الدولي في دورته الأولى نخبة من الفنانين والممثلين والمخرجين وصناع الأفلام الخليجيين والعرب، منهم المخرج المصري خالد يوسف والممثلون داليا البحيري وأحمد عز ونيللي كريم وخالد النبوي وحنان مطاوع وسامي العدل ونقيب السينمائيين المصريين ممدوح الليثي·
10 أقسام
80 فيلماً من 38 دولة عبرت عن ثقافات متنوعة التقت في أبوظبي فتنوعت بين أفلام جديدة منتجة خلال عامي 2006 و 2007 وعددها 68 فيلماً وأفلام كلاسيكية تمثل بانوراما عامة لتاريخ السينما العالمية والعربية وكان عددها 12 فيلماً· كما كان منها 18 فيلماً في مسابقة الأفلام الطويلة و 20 فيلماً في مسابقة الأفلام القصيرة·
تضمن المهرجان الذي نظمته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في قصر الإمارات في أبوظبي عشرة أقسام منها ثلاث مسابقات وسبعة أقسام خارج المسابقة·
توزعت المسابقات إلى مسابقة الأفلام الطويلة ومسابقة الأفلام القصيرة ومسابقة ''حياة'' لأفلام طلاب وطالبات الإمارات وثلاثة برامج ثابتة سنوياً هي أضواء على الشرق الأوسط ومخرجات من العالم العربي وأفلام دول مجلس التعاون الخليجي وثلاثة برامج خاصة وهي سينما بوليود بمناسبة مرور 60 سنة على استقلال الهند والاحتفال باليوبيل الماسي 75 سنة لمولد الفنان السينمائي الإسباني كارلوس ساورا واستذكار اسم المخرج السنغالي عثمان سمبين رائد السينما الأفريقية الذي أخرج أول فيلم روائي طويل في أفريقيا السوداء ·1966 وأخيراً القسم العاشر الذي تضمن ''عروضاً خاصة'' لستة أفلام من السينما العالمية ومن بينها فيلما الافتتاح والختام·
ابتدأ برنامج مخرجات من العالم العربي بعرض فيلم ''ليلى البدوية'' للمخرجة بهيجة حافظ والذي انتج عام 1937 بمناسبة مئوية السينما المصرية، كما افتتح برنامج سينما دول مجلس التعاون الخليجي بالفيلم الكويتي ''بس يا بحر'' للمخرج خالد الصديق بمناسبة مرور 35 عاماً على إنتاج الفيلم الذي يُعد أول فيلم روائي طويل في الخليج العربي· بينما انطلق برنامج أضواء على الشرق الأوسط إحدى الفعاليات المهمة في المهرجان بفيلم ''ظلال الصمت'' للمخرج عبدالله المحيسن كونه الفيلم السعودي الأول في إطار الأفلام الطويلة·
السينما الخليجية
شهد المهرجان في دورته الأولى عرض 17 فيلماً من دول مجلس التعاون الخليجي منها ثلاثة أفلام من قائمة ''تاريخ السينما'' و14 فيلماً من إنتاج عامي 2006 و2007 بمختلف الأطوال والأنواع، روائية وتسجيلية وتحريك، كما ضمت قائمة أفلام تاريخ السينما فيلم ''الحاجز'' للمخرج البحريني بسام الذوادي عام ·1990
رافقت المهرجان مجموعة من الفعاليات المهمة احتفاء بالمخرجات العربيات ورؤيتهن السينمائية ومن هذه التجارب عرض ''رؤى حالمة'' للمخرجة السورية واحة الراهب و''سلاطة بلدي'' للمخرجة المصرية نادية كامل و''سكر بنات'' للمخرجة اللبنانية نادين لبكي والذي فاز بجائزة أحسن تمثيل والتي وصلت قيمتها إلى 300 ألف درهم لبطلاته ياسمين المصري وجوانا مخرزل وجيزيل عواد وسهام حداد·
كما تسلمت نادين لبكي ''جائزة شخصية العام السينمائية في الشرق الأوسط'' التي منحتها إياها مجلة ''فارايتي'' عن هذا الفيلم الذي أثار إعجاب لجنة التحكيم والجمهور الذي اكتظت به قاعة مسرح قصر الإمارات يوم عرضه عرضاً عاماً·
شاركت السينما الخليجية بقوة في الدورة الأولى للمهرجان حيث عرض ''خيوط تحت الرمال'' للمخرج خليفة المريخي، أما الأفلام الجديدة التي عرضت لأول مرة فهي ''ظلال الصمت'' للمخرج عبدالله المحيسن و''البوم'' للمخرج خالد الزدجالي و''عندما تكلم الشعب'' للمخرج عامر الزهير، وهو أول فيلم تسجيلي طويل في الكويت والخليج والفيلم الإماراتي الطويل ''جمعة والبحر'' للمخرج هاني الشيباني الذي عرض فلاقى استقبالاً كبيراً من قبل النقاد والصحفيين والجمهور والذي شهد عرضه العالمي الأول في المارينا مول في أبوظبي عدد من الفنانين المشاركين في إنجازه·
السينما الأميركية
أسهمت السينما الأميركية بفاعلية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي أطلقها المهرجان في دورته الأولى حيث تنافست على جوائز المهرجان أفلام مهمة منها ''الليلة السعيدة'' لجاك بالترو وبطولة بينيلوب كروز وجينيث بالترو وداني دي فيتو· كذلك فيلم ''البومة والعصفور'' للمخرج ستيفاني جايوجير الفائز بجائزة أحسن فيلم في مهرجان سان فرانسيسكو· وفيلم ''مولودة العام الجديد'' من إخراج سوشينا بويف الفائز بجائزة أحسن فيلم في مهرجان أمستردام، كذلك فيلم ''صور مطموسة'' من إخراج بريان دي بالما و''أنا لست هناك'' من إخراج تود هاينس وقد عرضا ضمن برنامج ''عروض خاصة''·
شهد المهرجان عرض ''عاصمة الفرس'' من إخراج مارجاني سترابي وهو فيلم تحريك وفاز بجائزة أحسن فيلم روائي باختيار الجمهور والذي عبر عن حياة امرأة إيرانية منذ طفولتها إلى صباها وكيف قررت أن تحيا في المنفى لكي تتمكن من التعبير عن حبها للفن·
وفي اطار التعاون بين مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الأول وكلية التقنية العليا في أبوظبي، نظمت مسابقة ''أفلام حياة'' وهي مسابقة مفتوحة لصناع الأفلام القصيرة التي تراوحت أطوالها ما بين 3 و 5 دقائق باستخدام جهاز اي يود وانقسمت الى ثلاثة أقسام هي ''المحترفون'' و''الهواة'' و''الطلبة''·
اللؤلؤة السوداء
كان التنافس على أشده للفوز بجائزة ''اللؤلؤة السوداء'' بالإضافة الى تمويل جزء من الأفلام المقبلة للمخرجين الفائزين·
حصل الفيلم البلجيكي ''بن إكس'' للمخرجين نيك بالثازار وبيتر بوكاريت على جائزة لجنة التحكيم الكبرى لأفضل فيلم روائي وهي ''اللؤلؤة السوداء'' وقيمتها 300 ألف درهم للبدء بمشروع جديد· ويحكي الفيلم قصة ابن يعاني من مرض نادر يعيق حركته، فيسعى والداه لحمايته من قسوة العالم فيهرب من عالمه ومن زملائه إلى عالم الخيال·
كذلك منحت لجنة التحكيم جائزة أفضل عمل تسجيلي وهي ''اللؤلؤة السوداء'' لفيلم ''نحن معاً'' للمخرج البريطاني بول تايلو وقيمتها 300 ألف درهم· ويحكي قصة مجموعة من الأطفال يجدون في الموسيقى وسيلتهم للتغلب على المصاعب والأحزان في ملجأ للأيتام·
فاز فيلم ''اسمع الآن'' لايرين تيلور برودسكي بجائزة أحسن فيلم وثائقي وفيلم ''التانجو الأرجنتيني'' لجالي ثايز كأحسن فيلم قصير وفيلم ''مانون على الرصيف'' لأليزابيث ماري وأوليفيه بونت بجائزة ''اللؤلؤة السوداء'' عن أحسن إخراج صاعد للأفلام القصيرة وكانت قيمة الجائزة 300 ألف درهم·
وحصل فيلم ''باوكي'' لهشام زمان على ''اللؤلؤة السوداء'' لأحسن فيلم قصير وقدره 100 ألف درهم وفيلم ''جمعة والبحر'' لفاضل المهيري وهاني الشيباني بجائزة العام لصانعي الأفلام الإماراتية وقدرها 100 ألف درهم لبدء مشروع جديد· ومنحت جائزة الهواة في مسابقة ''أفلام حياة'' لفيلم ''الاحتفال بالحياة'' لكابل روكس فيما نال جائزة المنحة الدراسية للطلبة لفيلم رمضان لفاطمة الشمسي·
عرض فيلم ''عبور من الغبار'' من العراق والذي صور جزءاً من الحياة القاسية أثناء الغزو الأميركي للعراق 2003 حيث صاحب الفيلم اهتمام وتساؤلات حول تقنيته وتوجهاته، ويحكي الفيلم قصة حال مدينة في شمال العراق حين دخول القوات الأميركية فيها وصراعات أب وأم يبحثان عن ابنهما وسط دمار شامل·
وفي ذات الإطار ـ الحرب على العراق-، عُرض فيلما ''صور مطموسة'' و''التملص'' ليقدما وجهة النظر الأميركية في الحرب، كذلك فيلم ''وادي ايلاه'' الذي اختتم فيه مهرجان الشرق الأوسط عروضه السينمائية في يومه الأخير·
ضمت لجنة التحكيم في المهرجان مجموعة من السينمائيين من دول مختلفة، ففي مجال تحكيم الأفلام الطويلة كانت المنتجة الكندية آن برنيه عضواً في اللجنة و إيان بيرن مدير قسم السينما في متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون واليوت في كونيك رئيس تحرير مجلة ''بيكتشرز'' والسويسري كرستيان فرري أحد أشهر مخرجي الأفلام التسجيلية والهولندية كلوديا إم لاندرز برجر والناقد السوري محمد الأحمد والتونسي نجيب عياد· أما لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة فضمت الأميركيين اندرو بي كرين وآي الياس ميرهيج والمؤلف السينمائي الإماراتي جمال سالم والمصرية ماريان خوري والسويسري يوليو شتيجر·
جرى على هامش المهرجان مؤتمر دولي لتمويل الإنتاج السينمائي ناقش قضية التوزيع وأشكال تقديم العروض والتسويق والأرباح وقدم صانعو الأفلام أفكارهم ومشاريعهم للجمهور ولجنة التحكيم، كما نوقش موضوع الأسواق الصاعدة في الشرق الأوسط واختتمت الفعاليات بمناقشات داخلية تناولت موضوع التوزيع الخاص بالمجال السينمائي وطرحت الحلول·
عدد اليوم
