الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

انتهى الدرس

8 يوليو 2010 22:02
خطوة واحدة مقدارها ربما 90 دقيقة ويسدل الستار على واحدة من أغرب دورات كأس العالم وأكثرها إثارة للجدل وسباحة عكس التيار.. فمن كان يتوقع وصول المنتخبين الإسباني والهولندي إلى المباراة النهائية على أنقاض منتخبات الوزن الثقيل من طراز ألمانيا صاحبة الرباعيات الشهيرة في مرمى إنجلترا والأرجنتين، وعلى حساب السامبا البرازيلية، وكذلك التانجو الذي انتزع انتصارات متوالية حققت له العلامة الكاملة في الدور الأول، في إشارة إلى تصميم الفريق على بلوغ اللقب بقيادة نجمه الأسطوري مارادونا الذي انطلق كالسهم متخطياً كل الحواجز وضارباً شباك المنافسين بقسوة قبل أن يسقط فجأة بالأربعة على الحدود الألمانية.
ومن كان يتصور أن تفعل الساحرة المستديرة المجنونة ما فعلت بالمنتخب الإيطالي حامل اللقب ووصيفه الفرنسي قبل أن يتجاوز أيهما الدور الأول ليجرفه التيار ويتخبط بين الموج العالي ويستقر في النهاية قرب قيعان المجموعات ويخرج مبكراً جداً من السباق قبل أن يأتي الدور على المنتخب الانجليزي بعد خطوة واحدة في حين سارت إسبانيا وهولندا على عكازين وعرج كلاهما إلى الدور الثاني بشق الأنفس، ولم يقدم أي منهما، ما يشير إلى استحقاقه البقاء على قيد البطولة فإذا بهما يقفان أخيراً على أعتاب اللقب بعد تحولات غريبة في المستويات الفنية وقفزات سيرياليزم كلها خطوط متعرجة صعبة الفهم بعيدة عن أي منطق أو حسابات.
انتهى الدرس فعلا ولا يختلف الأمر كثيراً سواء فازت هولندا أو إسبانيا فالحقيقة الباقية أن الكبير لم يعد كبيراً ما لم يحافظ على كبريائه ليس بذكريات التاريخ ولكن بالتخطيط الجاد المدروس والعمل المتقن طويل المدى وهو ما فات منتخبات العيار الثقيل التي دخلت البطولة فاتحة صدرها في خيلاء فسقطت سقوطاً مذلاً بما يؤكد أن الكلمة العليا لم تعد للخبرة وحشود الأسماء اللامعة ولكن للمجتهدين والطامحين، وهي أيضاً ليست للأكثر موهبة ما لم يدعم مواهبه بالخطط والاستراتيجيات والعمل التكتيكي السليم لتصب المواهب في النهاية لصالح العمل الجماعي.
الدرس المهم أيضاً جاء عن طريق قضاة الملاعب الذين قدموا واحدة من أسوأ الدورات تحكيمياً حتى صارت الأخطاء المؤثرة هي القاعدة والأداء الخالي من الشوائب هو الاستثناء ولم تخل مباراة إلا نادراً من احتساب هدف غير صحيح أو إلغاء هدف صحيح ويزيد من غرابة الأمر أن هذه الدورة بالتحديد شهدت جهوداً مكثفة من الفيفا وميزانيات كبيرة وخططا طموحة بهدف رفع المستوى التحكيمي للبطولة فإذا به يسقط إلى أدنى المستويات ما يؤكد وجود خلل ما في تقييم الفيفا للكيفية التي يمكن بها الارتقاء بمستوى التحكيم وهو أيضاً ما فتح الباب على مصراعيه للمطالبين بالزج بالتكنولوجيا في التحكيم وإضافة حكمين خلف المرميين لتدار المباراة بخمسة حكام الأمر الذي قد يزيد الطين بلة وهي قضية أخرى.
كان من الملفت أيضاً في هذا المونديال الذي اكتملت غرائبه وتنوعت أن يصل المستوى الأخلاقي إلى الحد الذي يرفض فيه المدرب المهزوم مصافحة نظيره الفائز وكأنه أخطأ في حقه لما فاز عليه ويقوم اللاعب بسب مدربه بألفاظ نابية بين الشوطين ويتمرد الفريق ويرفض التدريب ويصفع اللاعب منافسه على مرأى من الجميع ولا ينال العقاب الواجب وغيرها من المشاهد المؤسفة التي لم تكن على الخريطة فيما مضى ولو وقع شيء منها صدفة لقامت الدنيا ولم تقعد كما حدث مع نطحة زين الدين زيدان في مونديال ألمانيا.. عموما انتهى المونديال وانتهى الدرس واستمتعنا دون شك بما حدث حلوه ومره حتى لو لم تكن المتعة هي نفسها التي عرفناها مع عروس البطولات الكروية في العالم ولكن يكفي أنها كسرت رتابة الأحداث، وكل مونديال وأنتم بخير.

ممدوح البرعي | mamdo9495@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©