الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاستفادة من التجربة الأميركية لعلاج أزمة البنوك الأوروبية

الاستفادة من التجربة الأميركية لعلاج أزمة البنوك الأوروبية
8 يوليو 2010 21:44
بدأت أزمة 2008 المالية بالاقتراضات عالية المخاطر في الولايات المتحدة الأميركية ومن ثم استشرت في المصارف الأوروبية حيث لا يزال شبحها ماثلاً. واليوم تحاول أوروبا جلب الحلول من الخارج أيضاً. واستسلمت مصارف “منطقة اليورو”، بعد شهور من المقاومة، للضغوط الأوروبية التي ترى ضرورة الاحتذاء بها في التصدي للمشاكل المصرفية. ويكمن السؤال في ما اذا كانت الحلول المالية الأوروبية، عبر فضح كل نقاط الضعف المصرفية الخفية، توفر العلاج الصحيح أم لا. وبالرغم من أن الذين يؤيدون من حيث المبدأ فكرة أن تكون البنوك صادقة مع المستثمرين، قلقين من عملية “قياس الضغوط” القادمة للمصارف الأوروبية، والتي ستأتي في أعقاب الاختبارات التي أجريت على نظيراتها الأميركية العام الماضي. ونشأ بالفعل نوع من التوتر بين أميركا والدول الأوروبية حول ما كانت الأولوية ستعطى لتقليل عجوزات الميزانيات، أم لزيادة النمو، مع تفضيل أميركا الانفاق العام المستمر على المدى القصير. وربما يعكس الجدل الذي يدور حول معالجة مشاكل المصارف، ضرورة أكثر. وإذا أثبتت اختبارات الضغط التي أجريت على ميزانيات أكثر من 100 مصرف أوروبي، فعاليتها، فمن الممكن أن يتعرف المستثمرون على الحقائق مهما كانت سيئة، ومن ثم يسهل على هذه المصارف أن تجمع منهم أكبر قدر ممكن من الأموال. أما اذا لم يحدث ذلك، فستؤدي النتيجة الى اضعاف الثقة، والى ارغام الحكومات الأوروبية على القيام بجولة أخرى من البرامج التحفيزية التي ليست في مقدورها. وعلى أسوأ الفروض، فان مصارف جنوب أوروبا المثقلة بالسندات التي تم تقييمها باليورو، ستلجأ للحكومات لاعانتها، مما ينذر باشعال شرارة أزمة ديون سيادية أخرى. ولربما تكون اسبانيا التي تحاول حل الأزمة القائمة بين مصارفها الادخارية، ضحية قادمة. ويحدث ذلك على خلفية تراجع الثقة الاقتصادية المتعثرة، مع نمو متواضع بسبب قلة البرامج التحفيزية، وبدء العديد من الاقتصادات الغربية في النمو البطيء. ووضح أنه ينبغي فعل شيء لاستعادة الثقة المالية المفقودة. وانخفضت أسهم المصارف الأوروبية منذ حدوث أزمة الديون السيادية اليونانية، كما ان البرتغال وأيرلندا لم يستطيعا الحصول على تمويلات. وظهرت بعض بوادر الارتياح مؤخرا عندما قام 1,100 بنك بتسديد 442 مليار يورو من ديونها لبنك أوروبا المركزي. ولم يعد في مقدور البنوك الضعيفة إقراض الشركات الصغيرة، والأفراد، مما يؤدي لاعاقة عملية التعافي. وأعلنت مجموعة سيمينز الصناعية الألمانية الشهر الماضي عن انشاء مصرفها الخاص لتقليل الاعتماد على التمويلات الخارجية. وينادي وزير المالية الأميركي تيموثي جايتنر، أوروبا بتطبيق الخطط الناجحة التي اتبعها في مايو الماضي. وتم إجراء “اختبار الضغط” على 19 مصرف اميركي للوصول الى ما اذا كان لديها المال الكافي لاجتياز أي كساد كبير قد يحدث. وتوصل الاختبار الى أن 10 منها في حاجة لجمع 75 مليار دولار. وأحدثت هذه الاختبارات نقطة تحول في ثقة جيثنر نفسه الذي عاش أياما عصيبة في الشهور القليلة الماضية. لكن ليس من الواضح حدوث نفس التحول بالنسبة للمصارف، وتعتبر برامج التحفيز الأوروبية بالاضافة الى تدابير أخرى تم القيام بها لاستعادة ثقة المستهلك، والشركات التجارية، من العوامل الهامة الأخرى. وبالاضافة الى ذلك، فان مشاكل المصارف الأوروبية، أكثر تعقيداً، وأقل قابلية للاصلاح السريع. ولم يكن هناك اهتمام كبير في السنة الماضية بامكانية انقاذ أميركا للمصارف اذا أملي عليها ذلك، في الوقت الذي أصبحت فيه الحكومات الأوروبية تحت وطأة ديون ثقيلة الآن. علاوة على ذلك، ورثت المصارف الأوروبية مشاكل تمويل لا يوجد مثلها في مصارف أميركا وآسيا، وذلك لاعتمادها الكبير على أسواق الجملة. وتغطي المصارف الأوروبية والاسيوية قروضها عن طريق ايداعات التجزئة، في الوقت الذي يقدر فيه بنك باركليز كابيتال نسبة القروض، مقارنة بايداعات المصارف الأوروبية، بنحو 120%. ويجعل ذلك هذه المصارف عرضة لأزمة السيولة في حالة فقدان الأسواق للثقة. وفي حالة كشف الاختبارات لنقص في رؤوس الأموال في المصارف الأوروبية، فينبغي تدخل الحكومات في مثل هذه الحالة. كما أن الطريقة التي تمت بها هذه الاختبارات ليست مقنعة بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين. وهناك تناقض بين الحكومات والمصارف المركزية، حيث ربما ينبغي عليها ضخ أموال الضرائب في المصارف التي تعاني من عجوزات في رؤوس أموالها. وتزيد هذه المشكلة سوءا في أميركا في وجود مصرف مركزي واحد، وحكومة مركزية. وفي أوروبا تم اجراء الاختبارات بواسطة المنظمين الوطنيين وفقا للمبادئ التي وضعتها منظمتهم، مما أتاح مساحة واسعة للتلاعب بنتيجة كل بلد من البلدان. ونتيجة لذلك هناك بعض الشكوك حول دقة الاختبارات في بعض البلدان، بالرغم من اصدار المنظمين الأوروبيين شهادة ثقة للمصارف في الخريف الماضي. وتحاول اسبانيا نشر نتائجها بنفسها حتى تؤكد للمستثمرين أن مشاكل المصارف واضحة وليست مخفية، مما حدى بألمانيا التفكير في تبني نفس الفكرة. ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين ان اسبانيا لم تتحقق من عمق مشاكلها بعد. وهكذا، وفي الوقت الذي كان فيه الهدف من اجراء اختبارات الضغط، التأكيد للمستثمرين أن مشاكل المصارف لم تعد مخفية، فلربما يكون لذلك نتيجة مغايرة. واذا كشفت هذه الاختبارات عن عدم كفاية رؤوس الأموال، فانها ستزيد من المخاوف المالية. ولعلها قصة قديمة، أن يقوم الأوربيون بفعل شيء بطريقة ما، ثم يفعل الأميركيون ذات الشيء ولكن بطريقة مغايرة، حيث يؤمن الأوربيون بالحذر، بينما الأميركيون بالصراحة حتى وإن أدت إلى الحرج. وستظهر الحقيقة قريباً إذا ما كانت الأساليب الأوروبية كفيلة بانقاذ المصارف الأوروبية. عن «فاينانشيال تايمز
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©