تعاني العديد من علاقاتنا الزوجية منها والأخوية والزمالة وعلاقات الصداقة، هشاشة في عظامها يهدد صحتها وينذر بتدهورها أمام تضخم الأنا وتخمة حب الذات، على مبدأ “إن سلمت أنا وناقتي ما عليه من رفاقتي” ولولا خدمة الناقة ونفعها لما حرصنا على سلامتها.
وما يثير الخوف أن الخصام يبدأ حقيراً متناهياً في الصغر كما يولد لسبب ضعيف لا يحرك في أمر العلاقات ساكناً بيد أنه ينتهي عملاقاً مرعباً لا يبقي ولا يذر.
حين كنا أطفالاً نختلف كثيراً، ونتخاصم بسبب تلك الخلافات، لكنها خصومات طارئة لا تجد بيننا مكاناً لسنوات أو أيام أو حتى سويعات، فترحل الخصومة غير تاركة فينا شيئاً من مخلفاتها، وسرعان ما ننسى ما كان بيننا ونعود إلى انشغالنا باللعب على نفس الصورة التي كانت قبل الخلاف.
![]() |
|
![]() |
وإن أراد أحداً رؤية تلك الصورة بتصوير بانورامي سيجدها بين الزوجين، اللذين عرف كلاهما تفاصيل الآخر كإنسان بعيوبه وميزاته ونواقصه وقدراته ونقاط ضعفه وقوته ولحظة الغضب
![]() |
|
![]() |
وما أصعب أن يعود الخصمان بعد التجريح كما كانا قبله، فمالنا والأمر كذلك لا نستحضر رب العالمين، ونتقيه في الخصام، فلا نخاصم لتفاهات الأمور ووضائع الأسباب حتى لا نصير إلى من قال فيهم رب العباد “بل هم قوم خصمون “، وإن خاصمنا نتجنب الخصام الطويل لئلا نكون ممن قال فيهم رسول الإنسانية والسلام “كفى بك إثماً ألا تزال مخاصماً”، ولا نسيء لمن نخاصم لئلا نقطع آخر ما يربطنا به.
فما تحتاج العلاقات منا سوى صبر قليل وتنازل مقبول حتى ننعم بعلاقات سليمة من شوائب الخصام، ونهنأ بشخصيات سوية لا تعاني خلل العلاقات والانكسارات النفسية، التي تقضي على جمال الحياة ومتعها، ويا له من محظوظ مبدع مقبل على الحياة ذلك، الذي يستمتع بعلاقات سعيدة مع أفراد أسرته وعمله وجميع من يدخل دائرة معارفه، فقد أدرك حاجته للناس وضرورة علاقته بهم، على قولة شوابنا “الناس بالناس، والكل بالله”.
نورة نصيب