الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ريبسول» الإسبانية... مُصادرة في الأرجنتين!

28 ابريل 2012
مع ارتفاع أسعار النفط بوتيرة سريعة عملت الحكومات "الوطنية" في فنزويلا والإكوادور وبوليفيا على السيطرة على شركات الطاقة خلال العقد الأخير، وحرصت على أن يكون لها نصيب أكبر في مشروعات تلك الشركات، ورفعت الضرائب وقيمة حقوق الامتياز المستحقة عليها. ولكن كل ذلك لا يمكن مقارنته بما حدث في الأرجنتين عندما قامت حكومة الرئيسة "كريستينا فيرنانديز دي كيرتشنر" بمصادرة إحدى الشركات التابعة لشركة النفط الإسبانية الشهيرة"ريبسول"، وطرد مديريها التنفيذيين من مكاتبهم، وألمحت إلى أنها سوف تدفع مبلغاً أقل بكثير من مبلغ التعويض الذي يتعين عليها دفعه جراء تلك المصادرة والبالغ 10.5 مليار دولار. وهذه المصادرة أبهجت "الوطنيين" عبر المنطقة، وأذهلت أسواق النفط - جزئياً- بسبب أن شركة " واي. بي. إف" فرع "ريبسول" في الأرجنتين كانت قد أعلنت مؤخراًً أن اكتشافاتها الأخيرة في منطقة باتاجونيا النائية تحتوى على احتياطات نفط وغاز تقدر كمياتهـا بـ 23 مليار برميل. وتنبأ أحد المحللين بأن مصادرة تلك الشركة التابعة لـ"ريبسول" يمكن أن تؤدي لتجفيف الاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد الأرجنتيني الذي يعتبر ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية بصورة ماسة. وقال"فرانسيسكو مونالدي" مدير مركز الطاقة بمدرسة IESA لإدارة الأعمال في كراكاس عاصمة فنزويلا:"نادراً ما شهدت في حياتي تصرفات مثل هذه موجهة ضد شركة واحدة". ويرتبط الكثير من الأرجنتينيين برابطة عاطفية مع شركة "واي. بي. إف"، التي كانت حتى تاريخ تخصيصها عام 1999، هي الشركة الأرجنتينية الحكومية للطاقة منذ عقود. وقالت "فيرناندز" أن المصادرة تعد مؤشراً على" استعادة السيادة والسيطرة على أداة جوهرية"، أي على أكبر شركة في الأرجنتين تقدر قيمتها بـ 18 مليار دولار. وهذا التأميم للشركة الذي كان متوقعاً أن يحصل على موافقة مجلس الشيوخ الأرجنتيني يوم الأربعاء الماضي، يمنح الحكومة الأرجنتينية سيطرة على 51 في المئة من أسهم شركة "واي. بي. إف "ويترك النسبة الباقية لباقي المستثمرين. وقد حاول الكثيرون الاتصال بمكتب الرئيسة، وبوزارتي التخطيط والاقتصاد عن طريق المكالمات الهاتفية والرسائل النصية لمعرفة تعليقهم على الإجراء الذي اتخذته الحكومة، ولكنهم لم يتلقوا استجابة. "فرنانديز" قالت إن مصادرة "واي. بي. إف"كانت إجراءً ضرورياً لأن نقص الاستثمارات جعل إنتاج الشركة من النفط والغاز يهبط، وهو ما أجبر الأرجنتين على استيراد ما قيمته 9.4 مليار دولار من الوقود العام الماضي. وقالت أيضاً يوم الثلاثاء الماضي:"نحن بحاجة لأن يكون لنا السيادة والسيطرة على مواردنا"، وأضافت:"وأنا متأكدة تماماً أن هذا هو الطريق الوحيد المتاح أمامنا". ولكن المقابلات التي أجريت مع أحد مسؤولي شركة "واي. بي. إف"، الكبار، وبمديرين تنفيذيين سابقين في إحدى المؤسسات الحكومية الأرجنتينية للطاقة ترسم صورة أكثر تعقيداً، وتظهر أن هناك حملة منظمة قد ظلت تبذل على مدى أربعة أشهر ضد الشركة التي كانت تتمتع من قبل بحظوة عند الحكومة. حتى العام الماضي، كان مسؤولو إدارة فيرنانديز يثنون على التقدم الذي تحققه الشركة، التي كانت على علاقة جيدة بالحكومة لدرجة أن وزير التخطيط "خوليو دو فيدو" كان يعمل بشكل وثيق مع مديري الشركة التنفيذيين. كما كانت الشركة الأم "ريبسول" تحتفظ هي الأخرى بعلاقة جيدة مع إدارة فريرنانديز لدرجة أن رئيسها "أنطونيو بروفاو"، كان زائراً منتظماً لبيونيس آيريس وكان يلتقي أثناء وجوده فيها بكبار الاقتصاديين ومسؤولي الطاقة الحكوميين. "لقد كانت العلاقة طبيعية وودية بين ريبسول والحكومة الأرجنتينية منذ بداية عملية الخصخصة في الأرجنتين"... هذا ما قاله " إدواردو فرناندز" الذي كان مسؤول الطاقة في حكومة نيستور كيرشنر زوج الرئيسة الحالية الذي توفي عام 2010. ولكن تلك العلاقة الطيبة تغيرت العام الماضي، بعد اكتشاف شركة "واي بي إف" لاحتياطات نفط وغاز في نيوكوين- باتاجونيا، وهي احتياطات لو تم استغلالها بشكل كامل يمكن أن تجعل من الأرجنتين لاعباً ثقيل الوزن في مجال الطاقة كما يقول الخبراء. بعد ذلك الاكتشاف مباشرة بدأت الاتهامات توجه من الحكومة إلى" واي بي إف" بأنها قد عجزت عن دفع الضرائب المستحقة عليها بالكامل، وعن أنها كانت تقوم بضخ الأرباح لإسبانيا بدلاً من أن تقوم باستثمارها في عملياتها في الأرجنتين. عن تلك النقطة يقول "كريستيان ريكس" المتحدث الرسمي باسم ريبسول:" إن ما فعلوه هو أنهم بدأوا يستخدمون معنا طريقة ممنهجة بهدف مضايقتنا، تعتمد على الضغط على المقاطعات المختلفة كي تسحب منا الرخص الممنوحة لنا للبحث والتنقيب في أراضيها". وتأتي المصادرة في وقت تواجه فيه الأرجنتين أزمة طاقة متنامية، لدرجة دفعتها للاستيراد من الخارج لسد احتياجاتها من الطاقة، على الرغم من أنها كانت مصدرا لها منذ عقد، وهو تطور يرجعه المسؤولون لتناقص إنتاج "واي بي إف" بسبب قلة استثمارات الشركة الأم" ريبسول" في سوق الطاقة الأرجنتيني. هذا الزعم يناقضه مسؤولو "ريبسول" الذين يقدرون أن شركتهم قد أنفقت قرابة 20 مليار دولار في الأرجنتين خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية، ولكن مزيجاً من سياسات التحكم في الأسعار من قبل الحكومة، وفرض رسوم تصدير عالية ساهمت في إبقاء أسعار النفط عند مستوى أقل كثيراً من مستواه في الدول المجاورة. ويقول هؤلاء المسؤولون إن شركات أخرى مثل "شيفرون" و"بيتروبراس" البرازيلية العملاقة قد سجلت انخفاضات حادة في إنتاجها منذ بداية عام 2008 ،ولكنها لم تتعرض للمصادرة بسبب ذلك. جوان فوريرو بوجوتا- كولومبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة" واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز كومباني"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©