الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حادث «دكّا»... وتغيير الإمدادات

28 ابريل 2013 23:30
رايان لينورا براون محلل سياسي أميركي في الوقت الذي تتواصل فيه جهود الإنقاذ عقب حادث انهيار مصنع الملابس في دكا عاصمة بنجلاديش، والذي لقي فيه ما يزيد عن 300 من العاملين في المصنع مصرعهم، تتواصل التظاهرات الاحتجاجية التي تهز شوارع عاصمة ثاني أكبر بلد في العالم لتصدير الملابس بعد الصين، معبرةً عن الغضب و مطالبةً بتحديد المسؤولية عن هذا الحادث الذي وصفته «نيويورك تايمز» بأنه واحد «من أسواء الكوارث الصناعية في التاريخ». وغضب المتظاهرين ليس موجهاً فحسب لملاك المصنع معدومي الضمير، ولا للسلطات المتراخية في تطبيق قواعد السلامة، وإنما أيضاً للشركات الأجنبية الكبرى الذي أدى حجم طلبها الهائل على الملابس إلى خلق الظروف السيئة التي يعمل في ظلها العمال في 5000 مصنع للملابس منتشرة في مختلف أنحاء البلاد. فقد عثر بين الأنقاض على ملابس تحمل أسماء ماركات عالمية شهيرة، سارع ملاكها بإرسال سيل لا ينقطع من البيانات الصحفية التي يعبرون فيها عن مواساتهم لأهالي الضحايا. وعلى الرغم من تلك البيانات، إلا أن أياً من تلك السلاسل العالمية لم يذهب إلى حد توريط نفسه في الموضوع. ويعلق على ذلك «هيثر وايت»، مؤسس مجموعة «فيرايت»، وهي مجموعة مستقلة للمراجعة، إذ يقول: «لقد توصلت تلك الشركات إلى عدد من الأساليب الفعالة لإبعاد المسؤولية عن نفسها في الأحداث المأساوية، مثل الحادث الأخير». ومما يجعل تحديد المسؤولية عما حدث صعباً أن تلك السلاسل العالمية تجلب الملابس من المصانع المنتشرة في البلدان ذات العمالة الرخيصة إلى مخازنها عبر سلسلة طويلة ومعقدة من الوسطاء، ومقاولي الباطن، والمستشارين القانونيين، والمراجعين المحاسبين الذين يساعدون على ضمان توزع المسؤولية على أكبر عدد ممكن من الأطراف في حالة حدوث أي تعثرات مؤسسية. وهو الذي يترك العديد من المستهلكين الغربيين، حتى أصحاب الضمائر الحية منهم، محتارين بشأن الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها ردود أفعالهم في حال حدوث مآس مثل تلك الأخيرة في دكا. ويشرح «وايت» ذلك بقوله: «باستثناء التحول نحو استهلاك الماركات التي تراعي قواعد التجارة العادلـة، لا توجـد في الحقيقـة طريقـة واقعيـة يمكن بها للمستهلك العـادي استخدام قوته الشرائية في الاحتشـاد حول تلك القضايا». لكن الأمر لم يكن كذلك دائماً: ففي أواخر التسعينيات، بدأت حملة واسعة النطاق ضد ظروف العمل في مصانع إحدى شركات الملابس والأحذية الرياضية العالمية، أدت إلى إحراج تلك الشركة، ودفعها لتبني مدونة قواعد سلوك في مصانعها المنتشرة في العديد من البلدان. كما أجبرت الاحتجاجات الضخمة، والاعتصامات، والإضرابات عن الطعام التي قام بها الطلاب في عدد من الجامعات الأميركية، إلى إجبار الموردين لأطقم الملابس الرياضية لفرق تلك الجامعات، لإدخال إصلاحات في لوائح العمل في مصانعها المقامة في دول أجنبية، مقابل استمرارها في توريد الأطقم الرياضية. وتقول «كريستين مولر»، المديرة المشرفة على مجموعة حقوق الإنسان في مؤسسة «جلوبال إكستشينج» التي قادت الحملات ضد تلك الشركة: «لم يكن لدى الطلاب قبل ذلك فكرة عن الظروف التي كان يتم فيها إنتاج المنتوجات التي كانوا يحبونها». إذن ما الذي تغير؟ الذي تغير أن الموضوع نفسه اختفى من الصفحات الأولى للصحف كما تقول مولر، وهو ما يرجع إلى أن المحتجين على تلك الممارسات، وبعد أن خلدت أسماؤهم عقب المظاهرات الصاخبة التي قاموا بها أمام مقر انعقاد مؤتمر قمة منظمة التجارة العالمية، انتقلوا للاهتمام بقضايا أخرى رأوا أنها تستحق منهم اهتماماً مماثلا مثل مناوءة الحروب. والأهم من ذلك أن الشركات والمؤسسات العالمية المصنعة نفسها «اختارت تبني لغة حقوق الإنسان والمسؤولية الاجتماعية لأنها أدركت أن مستهلكي منتجاتها يهتمون بذلك». وتضيف مولر قائلة: «لكننا، حتى الآن لم نصل في هذا الشأن إلى ما كان يجب أن نصل إليه». وما يحدث في شوارع دكا الآن يدل على أن هناك الكثيرين ممن يوافقون على هذا الرأي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©