الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبوظبي تكتب صفحات التاريخ المعماري الحديث بإنجازات عملاقة

أبوظبي تكتب صفحات التاريخ المعماري الحديث بإنجازات عملاقة
8 يوليو 2010 19:43
هياكل عملاقة تدخل التاريخ الحديث من أوسع أبوابه، وقد دخلته مع تصديق لجنة موسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية على أن برج كابيتال جيت في أبوظبي هو «البرج المبني الأكثر ميلاً في العالم»، وماذا عن برج الدار المستدير العملاق- أكبر مشروعات أبوظبي على الإطلاق، وماذا عن مسجد الشيخ زايد؟ ينظر العالم منذ فترة إلى الإمارات العربية المتحدة نظرة اندهاش وإعجاب، مع الرؤية لدخول التاريخ في الهندسة المعمارية من أوسع أبوابه. جو لوك، مخرجة ومنتجة من «دارلو سميثسون بروداكشينز»، جذبتها الإمارات وما يقام فيها من مشاريع ضخمة ومذهلة ومثيرة للعجب وللبصر، فحمل فريقها كاميراته وعدساته والميكروفونات وكل التجهيزات لإنتاج سلسلة من الحلقات عن أبوظبي، ضمن برنامج «هياكل عملاقة» تعرض على الناشيونال جيوجرافيك أبوظبي تباعاً من العاشر من يوليو ولغاية الرابع والعشرين منه، بداية مع برج الدار المستدير على شاطئ الراحة وذلك الساعة التاسعة بتوقيت السعودية ليل السبت 10 يوليو، أما السبت 17 يوليو فالموعد مع الكابيتال جيت البرج المائل الذي أطاح ببرج بيزا بنسبة قاربت الخمس درجات ميلاناً أكثر من الأخير، وختام هذه السلسلة سيكون مع مسجد الشيخ زايد السبت 24 يوليو، والذي استغرق بناؤه 12 عاماً. أبوظبي تكتب في التاريخ المعماري صفحات جديدة وتقلب صفحات لتصبح من الماضي، أمام الإنجازات الجديدة التي تحققها. جو لوك، تأثرت بما تشهده هذه الإمارة، وكان قد تناهت إليها أخبار من العالم الناظر إلى الإمارات ككلّ بعين من الدهشة والإعجاب، فأمضت نحو أكثر من سنة في العمل على تصوير الحلقات مع فريقها متنقلة بين لندن وأبوظبي، وشهدت على مراحل بناء الكابيتال جيت وبرج الدار المستدير.. وفي حديث معها في لندن، أشارت إلى أمنيتها بالعودة من جديد إلى أبوظبي التي أصبحت مع الأيام بيتها الثاني. وجاء الحوار معها محدداً.. اخترقته بوعود قطعتها على نفسها للمشاهدين، لأن مئات الساعات من التصوير قد ضبطت بفترات الحلقات المحدّدة، فأوجزت بصعوبة وجهد ما أثار دهشتها وهي في الميدان مع المهندسين المعماريين والمهندسين والعمال.. تعلّمت كلمات من العربية والهندية والأوردو، وساعدها في التواصل الترحاب الذي لقيته وفريقها وإجادة الناس من جنسيات متعددة الحديث بطلاقة باللغة الإنجليزية. سألناها عمّا دفع بها أساساً كمخرجة ومنتجة إلى عالم الهندسة المعمارية والهندسة، في حين أن ثمة خيارات جمّة مفتوحة أمامها، فقالت «توفر مشاريع الهندسة والتصميم قصصاً تجعلك مشتركة فيها اشتراكاً، هذا بالإضافة إلى أنها بحد ذاتها مثيرة بصرياً وتجذبك لتصوير فيلم عنها. توثيق وإنتاج هذه القصص يسمح للناس في كل أنحاء العالم بمشاهدة الموقع كما تتيح لهم أن يشهدوا على لحظة مهمة في تاريخ البناء، وذلك من مقاعدهم أمام التلفاز أينما وجدوا. إنه امتياز هائل أن أتواجد في الموقع في الوقت الذي يتم فيه بناء الهيكل العملاق وأن أمضي وقتاً مع المهندسين المعماريين والمهندسين وهم يواجهون التحديات ويجدون الحلول لمشاكل حقيقية». وأشارت إلى أنها في هذا المجال وتحديداً في إنتاج برنامج «هياكل عملاقة» منذ عام 2006، حين قامت بتصوير جزر دبي العالمية وبرج العرب. البناء هو الناس تعتمد جو لوك، في مسيرتها الإخراجية على الجانب الإنساني في البناء القصصي التصويري عن الهياكل العملاقة، فهل هي وسيلة تعتمدها لجذب انتباه المشاهدين، أم أن منبع الاهتمام في هذا الجانب هو وجهة نظر خاصة بها ومبدأ عام في العمل؟ فأجابت «إن الناس هم الذين يصنعون من قصة البناء موضوعاً جديراً بالاهتمام فعلياً. إن دينامية أسلوب عملهم مع بعضهم بعضاً في تحدي الظروف سوف تبقى دوماً المصدر الجاذب للمشاهدين. من جهتي، أحاول أن أجعل المشاهد يرى البناء العملاق من خلال عيون المهندسين المعماريين والمهندسين، وهذا يعطينا منظوراً مختلفاً لرؤية الأمور». وهل يعني ذلك أنه لا بد من قصة إنسانية وراء كل آية معمارية في العالم، تقول «إن كل هيكل بناه الإنسان يعكس شيئاً عنّا، إنه يخبر عنّا. إن الأفكار والتكنولوجيات التي عزّزت مجتمعاتنا طوال التاريخ قد تمثّلت في العجائب الهندسية المعمارية في العالم... وهذا مستمر في زمننا الحاضر مع آخر المآثر المعمارية ومآثر علم الهندسة». أبوظبي بيتي الثاني وعن تجربتها في أبوظبي، والفرص التي أتيحت لها لمقابلة العمال في الميدان وعن تعاملها مع جنسيات متعددة خلال إخراجها الحلقات، تقول جو لوك «تعلمنا كفريق شيئاً من اللغة العربية، كما الهندية والأوردو من فريق البناء. إنما اضطلاع الجميع وإجادتهم للغة الإنجليزية سهّل علينا المهمة. لم تواجهنا أية مشكلة في التواصل لحسن حظنا. إن فريق برج الدار المستدير كما فريق كابيتال جيت المائل يتألفان من أشخاص من جنسيات متعددة، وقد لاحظنا أنه تم انتقاؤهم من الناس الأكثر مهارة في العالم في مجالاتهم. لذا كان التعاون فيما بيننا جزءاً من حياتنا اليومية في العمل. لقد لمسنا الترحيب الكبير بنا من الجميع، وكان جديراً بالاهتمام أن نتعلّم عن كيفية قدوم كل شخص للعمل في أبوظبي». وهل تعتقد أن علم الهندسة المعمارية والهندسة يذهبان إلى سلة النسيان ويبقى الهيكل العملاق ومالكه وحسب في المحصلة، تقول «إن غالبية المهندسين المعماريين والمهندسين يتسمون بالتواضع حيال إنجازاتهم، ولكن نجاحهم تأسس على الدعم الكامل من زبائنهم. وفي الغالب تتداعى قنوات التلفاز والصحف إلى تغطية خبر اكتمال البناء لدى افتتاحه لذا يتم التركيز بطبيعة الحال على المالك فقط، أكثر من إيلاء الأهمية بالتساوي لقصة البناء ومراحله وتحدياته والإنجازات فيه. ما نقوم به هو الكشف عن خلفية قصة البناء وهذا يدفع الجمهور من كافة أنحاء العالم إلى الاهتمام بالبرنامج». روائع أبوظبي ماذا علينا أن ننتظر من «هياكل عملاقة» في أبوظبي؟ تقول جو لوك التي عملت جاهدة على اختصار وانتقاء اللقطات لتخرج بها حلقات مثيرة بصرياً وعلمياً، «إن الحلقات المخصصة لكابتال جيت وبرج الدار ومسجد الشيخ زايد في أبوظبي، تظهر ملامح لقطات مصوّرة غير اعتيادية، وخصوصاً خلال عملية بناء المبنيين العملاقين الأوّلين، عبر استخدام أبراج الرافعات فيهما للتصوير. وأعتقد أن هذا هو المدخل لسلسلتنا في «هياكل عملاقة» في أبوظبي، وبودي التعبير عن امتناني الكبير لفرق البناء في كلا المبنيين لإتاحتهم هذه الفرصة الرائعة لفريقنا.. فإن الارتفاع في الهواء في كلا المبنيين بواسطة الرافعات، لم يتح لنا الكثير من المرح وحسب، إنما مكّننا من تصوير العمال في الموقع من منظور غير اعتيادي أبداً، وقد جاءت اللقطات مذهلة». و«هياكل عملاقة» من خلال مواكبته للحظات المهمة والمصيرية في عمليات البناء» يتحدث عن النظريات العلمية التي اتبعت في الحديث عن هندسة بناء المباني العملاقة، كما عن التحديات التي ابتكر لها المهندسون الحلول، أما ما يجعل من مبنى عملاق شيئاً مميزاً ومذهلاً، إن كان لجهة عملية الإبداع والابتكار أو كون المباني عملاقة أم تعقيد عملية البناء بحدّ ذاتها، فترى جو لوك أن «برنامج الهياكل العملاقة والعظيمة يجمع التحاليل الهندسية في العمق، مع إطلالة ونظرة على الإبداع المطلوب من المهندسين المعماريين والمهندسين على السواء، لتحقيق الأفكار التي تبدو في بعض الأحيان مستحيلة. وتتحدث النتيجة النهائية لهذه العملية كلّها بنفسها حين ينكشف للعيان البناء بكليّته». تحطيم المقاييس استغرق العمل لإنهاء الحلقات المخصصة للمباني الثلاثة في أبوظبي، الكثير من الوقت، لا بل حطم المواقيت المعتمدة في حلقاته السابقة، وعن ذلك تقول جو لوك «لقد حطمنا في حلقاتنا الحديثة قالب الإنتاج، فمن أجل أية قصة كنا نعتمد في الغالب على لقطات واسعة من الأرشيف توضح عملية البناء.. لكننا هذه المرة صوّرنا كابيتال جيت وبرج الدار في مراحل بنائهما. أمضيت وقتي لأكثر من سنة متنقلة بين مقرنا في لندن وبين أبوظبي التي كنت آتي إليها لالتقاط لحظات مهمة في الموقع خلال عملية البناء، كما لإجراء مقابلات مع المساهمين. لقد أمضينا معظم الوقت في الميدان إلى درجة أننا أصبحنا جزءاً من فريق البناء وباتت أبوظبي لنا بيتنا الثاني. أما التحدي الأبرز فتمثّل في تحويل مئات الساعات من اللقطات المصوّرة إلى قصة موجزة»! وترى جو لوك «أن ريادة الإمارات العربية المتحدة في ميدان الهندسة المعمارية والهندسة هي في الأساس محور الاهتمام على المستوى العالمي، لذا أتأمل أن يندهش المشاهدون في مختلف أنحاء الكرة الأرضية من المآثر الحديثة الأخيرة في الإمارات. أما بالنسبة لمشاهدي ناشيونال جيوجرافيك المقيمين في الإمارات والمحليين، فأنا آمل أنهم حين يمرون في طريقهم من جانب هذه المباني أو حين يزورونها ويدخلون إليها، أنهم سوف يتمكنون من فهم كيفية بنائها وبالتالي يقدّرون ما حصل ويحصل في أبوظبي ويعرفون كم هي إنجازات غير عادية وقد تحققت». وتقول عن احتمال الاستمرار في مشاريع جديدة مع الناشيونال جيوجرافيك في أبوظبي، «إننا نطوّر حالياً السلسلة الخامسة من «هياكل عملاقة» ونتحدث عن مشاريع عديدة في أبوظبي. أنا أتمنى العودة بشدة إلى الإمارات، خصوصاً أنه سيكون عظيماً أن أقود إلى جانب شاطئ الراحة أو أدنيك (أرض المعارض) لرؤية التغيرات بعد زيارتي الأخيرة لهذين الموقعين». الناس في سبيلهم من الممتع أن تقيم في مكان تعرف أنه أدرج في صفحات التاريخ الحديث، وبات حديثاً على كل لسان حول العالم. ولكن في عادات المرء ما يسيء إليه من دون أن يدري، ومنها أنه يفقد التمتع بما حوله خصوصاً إذا كان يراه بشكل يومي. ففي الصحافة مثلاً، مراسلون من أهل البلدان التي يرسلون منها، يتفوق عليهم أحياناً سياح عابرون في التقاط صور مدهشة وفي إدراج مذكراتهم على «الإنترنت» حول مكان معيّن زاروه وأثار في أنفسهم الدهشة. والسبب ببساطة يعود إلى أن اعتياد رؤية الأشياء بشكل يومي ينسي المرء نكهتها وما تثيره من دهشة. للناظر شكل يتكرّر روتينياً في رواحه ومجيئه، أما للسائح الذي يرى البناء لأول مرة، أو الذي يراه بعد أن اطلع على تفاصيله وأهميته الهندسية وما كتب حوله، فالأمر يختلف تماماً. هذا ما تحاول القيام به جو لوك من خلال إشراك المشاهد في لعبة بصرية وحسية من خلال متابعة أهم التفاصيل التي استغرقها العمل في أي بناء... ومثالاً، حين نرى الأهرامات في مصر أو قلعة بعلبك في لبنان، قد تثار دهشتنا لعظمة هذه المباني التاريخية الضخمة، ولكن حين نعلم التفاصيل والتحديات والأسرار وراءها سيتضاعف تقديرنا لها. ففي السبيل، ثمة ما يجذب إذا عوّدنا أنفسنا على التمتع بما وفّر لنا وتقديره.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©