الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

امتحان الطريق الرأسمالي

8 أكتوبر 2008 22:49
بعد أن وقع على مرسوم الإنقاذ (الـ 700 بليون دولار) قال الرئيس ''بوش'' إن قرار تدخل الحكومة وشرائها لأصول البنوك والشركات الفاشلة ـ التي تسببت في إحداث الكارثة التي يواجهها النظام المالي الأميركي، وبالضرورة النظام المالي العالمي ـ كان صعباً عليه ولا يرغب فيه لكن وكما قال: لم يكن من طريق آخر!! العاصفة التي تعرضت لها خلال الأيام السابقة الولايات المتحدة في أساسيات نظامها المالي الرأسمالي، ليست أزمة عارضة ولم ولن تنحصر ردود أفعالها السيئة في الولايات المتحدة، بل آثارها قد تعدت الولايات المتحدة إلى أوروبا وآسيا، وأصبح النظام المالي العالمي مكشوفاً تابعا والمنافس للولايات المتحدة تعرض لآثار مدمرة، مما دعا رؤساء الدول الأوروبية الأربع الكبرى -فرنسا وانجلترا وألمانيا وإيطاليا- أن يستجيبوا لدعوة الرئيس الفرنسي لعقد قمة أوروبية عاجلة، لتفادي أزمة عالمية مالية تنذر بأن النظام العالمي المالي عرضة لانهيار يرى كثير من المختصين أنه أصبح أكثر احتمالاً؛ وأن المسكنات والحلول الوقتية التي فرضتها الإدارة الأميركية لن تحول دون وقوع الكارثة التي تنبأ بها حتى بعض الاقتصاديين الرأسماليين منذ زمن سابق لانهيارات وول ستريت الأخيرة· إن العاصفة التي عصفت بكبريات البنوك والشركات المالية الأميركية قد كشفت ضمن ما كشفت خطأ وفشل ادعاءات منظري حرية التجارة والطريق الرأسمالي كطريق وحيد للتقدم والنمو·· فمن ناحية أخرى فإن الأزمة الأميركية (والتي بالضرورة قد انعكست آثارها على النظام المالي العالمي) تكمن جذورها في أساسيات الفكر الذي قام عليه التطبيق والنظام االعالمي بعد الحرب العالمية الثانية؛ وإن مقولة إن الرأسمالية قادرة على تعديل مسارها وتفادي أزماتها الدورية، قد ثبت أكثر من مرة في الواقع الحالي فشلها، وأن الدولة التي لا يحب دعاة حرية التجارة تدخلها قد اضطرت للتدخل، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه برغم احتجاج اليمين الرأسمالي ورفضه لتدخل الدولة؛ ولكنه التدخل الاضطراري، كما وصفه الرئيس بوش· ومن ناحية أخرى فإن الفشل الذريع الذي قاد إلى هذه العاصفة، قد أضعف الاقتصاد المالي الأميركي وشكك في قدرة الإدارة الأميركية على أن تكون الضامن المؤكد للدولار الأميركي الذي اعتمده العالم؛ لذلك ليس مستغرباً أن تبادر روسيا بالدعوة لإعادة النظر في أسس الاتفاقات التي تحكم أسس النظام العالمي والمؤسسات المنبثقة عنه، وأن تؤيد ألمانيا هذه الدعوة· إن احتجاج بعض أعضاء الكونجرس من الحزبين، على خطة الإدارة الإنقاذية والتي أيدها المرشحان الديمقراطي والجمهوري ورفضهم لتدخل الدولة ـ الذي أصبح ضرورة لا مفر منها، كما قال الرئيس الأميركي ـ إنما يصدر عن موقف أيديولوجي متحجر ما زال يعتقد أن في النظام الرأسمالي الديمقراطي لا مجال لتدخل الدولة الذي وصفوه بأنه دعوة للاشتراكية؛ لم يصدقهم سوى أولئك الذين اتفقوا على خطة الإنقاذ على سوئها؛ لكن السؤال الذي سيواجهه أولئك وغيرهم ما هو مستقبل النظام الرأسمالي بشكله الحالي بعد العاصفة التي عصفت الثقة به، كطريق وحيد للتقدم والنمو؟ عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©