الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

أوبرا دبـي: صرح ثقافي وحوار إنساني بين الشعوب

أوبرا دبـي: صرح ثقافي وحوار إنساني بين الشعوب
2 سبتمبر 2016 01:59
أحمد النجار (دبي) رفعت دار «أوبرا دبي» مؤشر السعادة إلى عنان السماء، لتستقبل زوارها وروادها من 150 جنسية تعيش على أرضها، وتهديهم عقوداً من الورد الملون لتمنحهم تأشيرة دخول إلى فضائها الرومانسي، تسجل اسمها واحدة من أهم دور الأوبرا العالمية، وتصبح مقصداً فنياً وثقافياً رائداً يعطر فضاء الإمارة والمنطقة بألوان الموسيقا وسيمفونيات الغناء وروائع فنون الأداء والاستعراض الأكثر إدهاشاً وإمتاعاً. حيث احتفت «دبي أوبرا» الكائنة وسط المدينة على مقربة من برج خليفة، والتي استغرق تشييدها مدة عامين، بافتتاح عرضها التاريخي بقيادة مغني التينور الشهير الإسباني بلاسيدو دومينغو، الذي قدم طوال 40 عاماً معزوفات أوبرالية خالدة رسخت اسمه وصوته في ذاكرة الشعوب، وهو اليوم يزف حماسه في عرضه الأول في دار دبي أوبرا. احتفالية العمر توافد المئات من المحظوظين الذين حجزوا مقاعدهم بتذاكر مسبقة نفدت بمجرد الإعلان عن موعد الافتتاح، حشود غفيرة اجتمعت على صالة الاستقبال التي تحولت إلى خلية نحل لتقديم فنون الضيافة على زوارها في أجواء حماسية مفعمة بالدفء والبهجة، أو كما يصفها الفرنسي دوني لينسانو الذي قال إن دبي مدينة حميمية تعرف جيداً كيف تنتج السعادة ثقافة يومية يعيشها كل المقيمين على أرضها، إنها مدينة تسابق الزمن وتعيش الحلم وتصدق حلمها، وأضاف: أنا مقيم هنا وسأكون محظوظاً جداً لأنني سأحضر أول عرض على خشبة دبي أوبرا، فضلاً عن أنني سألتقي بأصدقائي من أبناء الجالية الفرنسية ونعيش في هذه الاحتفالية الرومانسية أجمل ذكرى في العمر. مفاجآت وهدايا وصل الجميع قبل بدء العرض بساعة ليكتشفوا جمال المكان وإطلالته الرائعة على برج خليفة ونافورته الراقصة، وكان من اللافت وجود شركات تسويقية تقدم هدايا مغرية احتفاء بالزوار بالتعاون مع دار أوبرا دبي، أبرزها شركة بريطانية حرصت على الوجود في المكان للمشاركة في الترحيب بطريقتها الخاصة من خلال تقديم هدايا تذكارية للحضور مستوحاة من صور تحاكي عروضاً شهيرة احتضنتها دور الأوبرا العالمية، وأعربت مريم سعيد مشرفة على جناح الشركة قائلة: أنا فخورة بوجودي اليوم في هذا الصرح الفني والثقافي الشامخ الذي يضيف لدبي مكانة خاصة، ويجعلها وجهة مهمة لرواد الموسيقا وعشاق الفنون، وتعد جمهور الزائرين بالكثير من المفاجآت والمقتنيات. وجه دبي المشرق وأكدت أحلام عبد المجيد بلوكي مديرة قسم الفعاليات في دائرة التسويق السياحي بدبي، أن ليلة افتتاح أوبرا دبي حدث تاريخي مهم في ذاكرة الإمارات التي تولي اهتماماً خاصاً للموسيقا والفنون بهدف خلق حوار إنساني، وبناء جسر بين حضارات وثقافات العالم، مشيرةً إلى خطة استراتيجية تخللتها استعدادات وتحضيرات نفذتها دائرة السياحة بهدف الترويج لأوبرا دبي في عديد من دول الخليج ودول الشرق الأوسط والعالم، عبر كل منصات الإعلان ووسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا، كونها معلماً ثقافياً بارزاً يصدر إشعاع الإبداع لكل شعوب العالم. رؤية بانورامية وقوارب معلقة توافد الجمهور إلى قاعة العرض يسبقهم الشغف وتعتلي ملامحهم الدهشة تجاه ما يبثه التصميم الداخلي للدار من هيبة وسحر وخصوصية في الإضاءة الرومانسية الخافتة وبجمال تصميمها البديع الذي يحاكي في تفاصيله سعف النخيل الموزع بعناية في أرجائها، مجسداً تراث السفن الشراعية التي اتخذت شكل قوارب معلقة في شرفات صغيرة تزين زوايا القاعة، لتمنح من يجلس عليها شعوراً بالفخامة تمنحه متعة الفرجة برؤية بانورامية تلتقط المشهد بكامل بهائه وتفاصيله، وبعد أن تم التنبيه بإغلاق الهواتف ومنع تصوير داخل الدار، ساد صمت مهيب أجواء القاعة التي غصت بالحضور، حيث امتلأت جميع مقاعدها التي تتسع لألفي شخص. عزف لكل الأمزجة بدأت مراسيم العرض في الساعة الثامنة مساء بدخول فرقة الأوركسترا بقيادة أيوغن كوهن، لتقدم معزوفة ترحيبية بألحان فرنسية ناعمة تمتزج فيها رومانسية عالية تلامس كل الأمزجة والأذواق، استمرت 15 دقيقة تمازجت فيها الألحان والأشجان التي رتلتها الآلات الوترية والإيقاعية مثل الكمان والناي والتشيلو والساكسفون وغيرها، فسطرت مشاعر الجمهور ولامست شغافه، واستحوذت على أنفاسه وحواسه وأحاسيسه، ورفعت وتيرة حماسته، ليصفق بحرارة وحب معبراً عن شديد تفاعله وإعجابه. سيدة المكان الموسيقا سيدة المكان ورسالة سلام تبثها إلى العالم في قاعة أوبرا دبي التي جذبت أكثر من 150 جنسية لحضور العرض المرتقب لملك الأوبرا النجم الأسطوري بلاسيدو دومينغو الذي أحيا أربعة آلاف عرض غنائي في مختلف دول أوروبا والعالم، وأطل دومينغو عقب انتهاء العرض الترحيبي ليفاجئ جمهوره الذي يبادله الحب في أرض دبي التي فتحت ذراعيها لتصنع صرحاً شامخاً يلتقي على خشبته كل مبدعي العالم ورواده من عشاق فن الأوبرا. عذوبة وشاعرية عزف يلهم الحواس ويثري الأحاسيس يغمر القاعة، يسبق دفء صوته الذي صدح بكل ألوان الحب والحياة ليأخذ كل الحاضرين إلى عالم ملؤه لهفة وشجن وحزن وبهجة، بأداء رفيع المستوى وبإحساس يفيض عذوبة وشاعرية، ليسطر مشهداً رومانسياً لا يمكن نسيانه في هذه الليلة الاستثنائية، ليزا وولف شابة بريطانية قالت بأنها شاهدت عروضاً أوبرالية عديدة في أماكن مختلفة، لكنها لم تحظ بمشاهدة دومينغو الذي تعتبره نجمها المفضل، وهي متحمسة كثيراً للاستمتاع برؤيته وسماع صوته الشجي الذي يسافر بها إلى عوالم فرح وحزن في آن، وتضيف: كلما استمعت إلى دومينغو لا أعرف لماذا تنتابني رغبة في البكاء. حنجرة ذهبية 13 دقيقة أدى خلالها ملك الأوبرا عرضاً ألهب مشاعر الحاضرين بصوته الحميم الذي تتلون فيه العتاب والخصاب والحب بآهات شجية تثير الشغف والإلهام. ليتبعه عرض للأوبرالية آنا ماريا التي حلقت بصوتها كعصفورة في فضاء القاعة، واستمرت تغرد وتشدو بشتى أناشيد الحب والغرام والألم والشوق، وسجل أحد الحضور يدعى بيتر زاغالو أسباني، ذهوله بصوتها معبراً عن انطباعه قائلاً: شعرت لوهلة أن صوت آنا يشبه السحر، ووصف حنجرتها بـ «الذهبية» إنه آلة موسيقية بحد ذاته. بينما وصفت صديقته ليليانا غناءها بـ «الروحاني» مضيفة: لقد شعرت أنني أتمزق من الداخل مع كل آهة ولحن، وتوالدت لديّ مشاعر معقدة وكنت محتارة هل أضحك أم أبكي حينها. ملحمة حب وفي مشهد وصفه الجميع بأنه الأكثر عاطفة وحرارة اجتمع فيه دومينغو وآنا ليشعلا خشبة المسرح طرباً، ويؤديا عرضاً غنائياً بطابع مسرحي يجسد ملحمة حب ردية يعصف بها العتاب والخصام والمناجاة في أرقى العواطف الإنسانية، استمر هذا الشدو العذب نحو 20 دقيقة من المد والجزر في العتاب الحلو والغرام والاعتذار والإفصاح عن مكنونات القلب، تلك الأحاسيس استطاع دومينغو وآنا تجسيدها بأدائهما وصوتهما بلغة أوبرالية راقية لا تحتاج إلى ترجمة، وبعد تصفيق حار غادر دومينغو وآنا، ليتركا الخشبة لفرقة الأوركسترا لتقدم مقطوعة خاصة اختتمت بها الفصل الأول من العرض. فن نخبوي وجسر إنساني وعلى الرغم من أن الحضور كانت غالبيتهم من جنسيات أجنبية، فإن هناك العديد من العرب الذين حرصوا على حجز تذاكرهم للفوز بحضور العرض الأول في دار دبي أوبر، فالموسيقا لغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة، هكذا زاهي نجم الدين لبناني، عندما سألناه في استراحة العرض الأول كيف يتذوق عروض الأوبرا، خصوصاً أنها فن نخبوي يعتمد على لغة غربية معقدة، موضحاً: قد تكون اللغة الأوبرالية صعبة على التذوق، لكنها لغة إنسانية تخترق القلب بعذوبتها ولحنها الحماسي وجرسها الموسيقي، فضلاً عن وجود لوحة إلكترونية للترجمة الفورية تعتلي خشبة المسرح، فإذا كان فن الأوبرا لم يحظ باهتمام العرب فلأنه لا توجد هناك دور أوبرا تحتفي بهذا الفن وتعممه كثقافة في المجتمع، وقد نجحت دبي بأن تكون هي السباقة في هذا المجال، وتكون أول مدينة خليجية تزرع ثمرة المبادرة لتقدم خلالها عروضاً من مختلف أنحاء العالم للتعريف بهذا الفن وجماليته وعراقته، وليكون جسراً إنسانياً للتواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب. رسالة الإيجابية قال محمد العبار رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية إن أوبرا دبي ستكون الأيقونة البرّاقة في المنطقة، ووجهة ثقافية وفنية تستقطب عشاق الفن والموسيقى من جميع أنحاء العالم، معتبراً أن أول عروض دار أوبرا دبي لـ«بلاسيدو دومينغو» يمثل نموذجاً لما سيتم تقديمه عبر منصته من عروض استثنائية وفنون عالمية عريقة. وتعليقاً على تصميم أوبرا دبي أضاف: تصميم الدار هو تجسيد صريح لرسالة الإيجابية التي تتحلى بها دولة الإمارات قيادة وشعباً، واستكمالاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الرامية لجعل إمارة دبي مركزاً ثقافياً نابضاً تلتقي وتتفاعل فيه أهم الأدمغة الخلاّقة في العالم. حيث تنفرد أوبرا دبي بدمجها مفاهيم عصرية كالابتكار والإبداع مع التراث والقيم والتقاليد الأصيلة لتكون منارة ثقافية تثري المشهد الثقافي في المنطقة بلوحات فنية وعروض مرموقة، تحتفي بها الأجيال القادمة. وأوضح أنه اختار بلاسيدو دومينغو لمشاركة أوبرا دبي احتفالها بافتتاح أول عروضها، لكونه رمزاً فنياً لجمال وأناقة إحساس الموسيقى الكلاسيكية التي تأسر عشاقها، ووعد في الأيام المقبلة بتقديم برنامج حافل ومتنوع يتضمن أعمالاً ملهمة وعروضاً عالمية لكل محبي الفن الأصيل. حسين الجسمي في أول عرض عربي قال جاسبر هوب جاسبر هوب الرئيس التنفيذي لأوبرا دبي: إن هذه الأمسية أظهرت الأوبرا بحلّة بديعة، ونتطلع دائماً للترحيب بعددٍ أكبر من الضيوف خلال الأيام والأسابيع والأشهر القادمة، من خلال استضافة مجموعةٍ مميزة من أصحاب المواهب ذوي المستوى العالمي، والعروض ذات الطابع العالمي، حيث ستشهد الأوبرا حفلة غنائية للفنان حسين الجسمي الذي سيحيي أول حفل غنائي عربي تستضيفه مساء الاثنين 10 أكتوبر المقبل، كما ستشهد الكثير من العروض الفنية والموسيقية والمسرحية أبرزها «صيادو اللؤلؤ»، و«حلاق إشبيلية»، و«أوبرا بلا كلمات»، و«كوبيليا»، و«جيزيل»، و«رسائل من فيينا»، و«موزارت جالا»، و«المستحيل»، و«خوسيه كاريراس»، و«الفصول الأربعة» لـ«فيفالدي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©