الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحمودية في العراق··· مثلث الحب

المحمودية في العراق··· مثلث الحب
8 أكتوبر 2008 22:45
لطالما اعتبُرت بلدة المحمودية ـ الواقعة إلى الجنوب من بغداد ـ منطقة خطيرة إلى درجة أصبحت تعرف باسم ''مثلث الموت''؛ بسبب العدد الكبير من الهجمات التي ينفذها المتمردون السنة ضد قوات التحالف ويروح ضحيتها المدنيون العراقيون بوتيرة وصلت إلى العشرات يومياً في العام 2006؛ لكن اليوم ومع تراجع أعمال العنف وانخفاض حدة الهجمات التي بالكاد تصل إلى هجوم واحد في الأسبوع استحقت البلدة اسماً جديداً بات يطلق عليها ويعبر عن واقعها الجديد متمثلا في ''مثلث الحب''؛ ويرجع التقدم المحرز، في جزء منه على الأقل، إلى الاستراتيجية الأميركية المطبقة في العراق والقائمة على الاندماج مع السكان المحليين، ثم التركيز في مرحلة لاحقة على التعاون مع القوات العراقية، ومنحها صلاحية التدخل وخوض العمليات القتالية بدل الاعتماد بشكل مطلق على القوات الأميركية لاستهداف الأعداء وملاحقتهم؛ وقد أدى هذا التغير في الاستراتيجة الأميركية إلى تحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة، وتسليط الضوء على الطريقة التي يمكن بها تخفيض القوات الأميركية دون التضحية بالمكاسب الأمنية التي تراكمت على مدى 18 شهرا الماضية· ومن الواضح أن النجاح النهائي لاستراتيجية مكافحة التمرد الحالية في العراق وتحقيق أهدافها المرجوة، يتطلب أكثر من مجرد الحد من أنشطة المتمردين ورصد تحركاتهم، إذ يتطلب الرفع من قدرة القوات العراقية ومجالس الحكم المحلية؛ فتحسين مستوى الأمن في العراق وتطوير ممارسة الحكم والإدارة، يبقى في صلب الاهتمامات الأميركية حتى بعد مغادرة قواتنا للعراق، لكننا في حاجة إلى نموذج جديد لنقل المهام الموكلة للقوات الأميركية من خوض عمليات قتالية على نطاق واسع إلى دور استشاري أقل حضورا في ساحات المعارك؛ وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى مفهوم جديد يطلق عليه اسم ''القوات الانتقالية''· وستحرص هذه القوات على تعلم الدروس التي سبق أن خبرها الجيش الأميركي طيلة الخمس سنوات التي قضاها في العراق، وطريقة التعامل مع المتمردين، ثم مراقبة القوات العراقية وتدريبها حتى تكسب الخبرة الضرورية لمكافحة التمرد بالاعتماد على قدراتها الذاتية؛ ومع مباشرتها للعمل بحلول الشهر القادم، سيكون على القوات الانتقالية إعداد الجيش العراقي وتوعيته بمسؤولياته الأمنية الملقاة على عاتقه، بالإضافة إلى المهام الأخرى مثل دعم المؤسسات الحكومية ومساندة القيادة المدنية، ثم تمكين قوات الشرطة وتعزيز قدراتها وفي نفس الوقت ضمان تطبيق القانون واحترامه· وهكذا، ستحل كتيبة بعدد جنود صغير نسبياً لا يتعدى 800 فرد، مكان اللواء الذي يضم خمسة آلاف جندي، لتقتصر مهام تلك القوات على تأهيل الجيش العراقي في المحمودية، ودعم السلطات المحلية في ضوء الواقع الأمني الجديد الأقل عنفاً والأكثر تشجيعاً على استمرار العملية السياسية ونجاحها؛ وستواصل القوات الانتقالية تدريب عناصر الشرطة العراقية والتعاون مع فرق الجيش العراقي المتمركزة في محيط المحمودية لتأمين الوضع وتحفيز عملية إعادة الإعمار في المنطقة؛ وبهذه الطريقة ستصبح القوات الانتقالية أداة فعالة لتقليل مخاطر الانسحاب الأميركي من المدن العراقية، وضمان عدم رجوع العنف إلى المستويات السابقة، لا سيما وأن المحمودية لديها تاريخ حافل في التعامل مع المتمردين الذين سبق أن اتخذوها أحد معاقلهم الرئيسية؛ وأي فشل في مشروع القوات الانتقالية سيعيد المحمودية إلى الواجهة، لكن ليس كنموذج للنجاج الأمني الاقتصادي، بل كبؤرة للعنف والتمرد· ولا ننسى في هذا السياق النجاحات التي حققها الجيش العراقي على مدى السنة الأخيرة، حيث استطاع كسب ثقة المواطن العراقي وأبان عن قدرة جيدة في الحفاظ على الأمن سواء في المحمودية، أو في المناطق العراقية الأخرى، وهو ما يتعين البناء عليه وتطويره لتتمكن القوات العراقية في النهاية من تولي المسؤولية الأمنية بأكملها· ولنتذكر أن نموذج القوات الانتقالية التي يراد تطبيقه في المحمودية، ليس سوى نموذج ضمن نماذج محتملة أخرى ترمي إلى تسهيل عملية خفض القوات الأميركية في العراق، بحيث تستدعي كل منطقة أسلوبا يختلف قليلا، أو كثيرا عن المحمودية اعتمادا على الواقع الميداني ومدى تحسن الوضع الأمني ونضوج العملية السياسية· جون ناجل:باحث في مركز الأمن الأميركي الجديد آدم شير: نقيب في الجيش الأميركي بالعراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©