الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأحمدية إطلالة على التعليم شبه النظامي في دبي

الأحمدية إطلالة على التعليم شبه النظامي في دبي
24 ديسمبر 2009 22:27
في منطقة الرأس قلب مدينة دبي القديمة، تأخذنا الأزقة الضيقة إلى تلك البيوت التي كسيت جدرانها برائحة الزمن العتيق، وتجلت بين ثناياها مفاهيم ومفردات جسدت بيئة المكان وسحر الماضي الذي يقف على أعتابه، حيث تطرق مسامعنا أصوات الأولاد وهم ينشدون كلمات في حب بلدهم وأعناقهم مشرئبة إلى العلم الذي نصب في فناء مدرسة الأحمدية، وهم يقفون في صفوف منتظمة ثم تأخذهم أقدامهم إلى الفصول حيث يتلقون جانبا من الدروس العلمية على أيدي مجموعة من المعلمين الذين جاءوا من بعض الدول المجاورة. إيقاع يومي حافل بالجديد مغمور بالرغبة والإصرار على التشبث بالعلم والمعرفة فهو بمثابة سلم الوصول إلى عتبة المستقبل الذي ينتظرهم خلف أسوار المدرسة، بالرغم من شغف الحياة وصلادتها والحياة الضنكة التي يتكبدها أهالي المنطقة يوميا من أجل توفير لقمة العيش ومواصلة الحياة إلا أن ذلك لم يشكل حاجزا أمامهم نحو تطوير مداركهم العقلية وبناء جيل واع متسلح بالعلم والمعرفة، فحمل الأوائل مسؤولية إرساء دعائم العلم والتعلم من خلال إنشاء أول مدرسة شبه نظامية وهي مدرسة الاحمدية التي أسسها الشيخ أحمد بن دلموك عام 1912. وكانت تصب في مجالات علمية مختلفة كعلوم القرآن والفقه والحديث والنحو والخط العربي. بالإضافة إلى التاريخ والحساب والنصوص وعلوم الفلك، فكانت ملامح المدرسة قائمة على غرار ما كان متبعاً في المدارس الإسلامية التقليدية، مثل المستنصرية والنظامية والحرمين الشريفين والجامع الأزهر وجامع القرويين وغيرها. كانت الأجواء الدراسية غاية في الانضباط والالتزام من قبل الطلبة الذين افترشوا الأرض على قطعة من الحصير المصنوع من السعف وتحلقوا حول المدرس فيرددون خلفه ويكتبون أبجديتهم، وما لبث أن تطورت الوسائل الدراسية فجلبت المقاعد والطاولات التي تتسع لثلاثة من الطلبة. واعتمد توزيع الطلبة وفقا لأعمارهم ومدى استيعابهم للعلوم ومقدرتهم على حفظ القرآن وعلى ضوئه تم تقسيم المدرسة إلى مرحلتين دراسيتين، ابتدائي وأخرى متقدمة، وتم استقطاب بعض المعلمين من الدول المجاورة، ولقد مرت المدرسة الاحمدية بعدة مراحل، ففي عام 1912م تم تشييد الطابق الأرضي من المدرسة والمكون من فناء داخلي، يحيطه الإيوان من جهاته الأربع، وتتوزع في جنباته إحدى عشرة غرفة دراسية بالإضافة إلى غرفتي شرب الماء والمطبخ اللتين تقعان على يمين المدخل. وفي عام 1920، وهي تعد المرحل الثانية، حيث تم إنشاء سلم على يسار المدخل يؤدي إلى الدور العلوي، وهي تضم غرفة مبيت المدرسين المبعوثين من السعودية والعراق، وبعد فترة وجيزة تم إنشاء ملقط هواء وهو ما يسمى بالبار جيل والذي يقع في الجانب الشرقي من المدرسة. وتم إضافة مظلة في الدور العلوي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة. هذه الرحلة التاريخية حول بداية التعليم الشبة النظامي والذي يعد نقلة نوعية بين التعليم القديم المتمثل في عهد الكتاتيب والتعليم النظامي الحديث. فلا يمكن أن تزور المكان إلا وقد يسيطر على مخيلتك مشاهد وصور لأولئك الذين تركوا بصمة واضحة في سلم التعليم، وكان لهم الفضل في إرساء دعائمه.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©