الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيونج يانج··· مناورة سياسية في شبه الجزيرة الكورية

بيونج يانج··· مناورة سياسية في شبه الجزيرة الكورية
31 يناير 2009 23:58
أعلنت كوريا الشمالية يوم الجمعة الماضي أن كافة وثائق الاتفاقات السابقة التي أبرمتها مع جارتها الجنوبية تعد ميتة، وهو إعلان يعيد وضع بيونج يانج مجدداً تحت بؤرة اهتمام كل من واشنطن وسؤول· فقد نقلت وسائل الإعلام يوم الجمعة الماضي عن بيونج يانج، اتهامها لرئيس كوريا الجنوبية، ''لي ميونج باك''، بإفساد العلاقات بينهما، بسبب اتخاذه موقفاً متشدداً من بيونج يانج· تأكيداً لذلك حذرت ''لجنة التوحيد السلمي لشبه الجزيرة الكورية'' في بيونج يانج، من أن موقف الرئيس الكوري الجنوبي المعلن، لن يجلب سوى المزيد من الدمار والعار للعلاقات بين البلدين· يذكر أن التوترات قد تزايدت بين الدولتين منذ أن وضع الرئيس الكوري الجنوبي ''لي ميونج'' حداً لسياسة ''الشمس المشرقة''، التي كانت تقدم سيول بموجبها مساعدات غير مشروطة لجارتها بيونج يانج· وكان الهدف من هذه السياسات، الضغط على بيونج يانج بهدف إرغامها على تقديم بعض التنازلات، لا سيما برنامج تسلحها النووي· وكانت هيئة ''بي· بي· سي''، قد أذاعت أن بيونج يانج انتقدت في وقت مبكر من الأسبوع الماضي، سيول على تعيينها ''هايون إن تايك''، وزيراً جديداً لتوحيد الكوريتين· لكن وعلى رغم التهديدات الصادرة عن بيونج يانج، فإن استجابة سيول كانت هادئة ومنضبطة· تعليقاً على ما يصدر من بيونج يانج، قال ''كيم هو نايون'' -الناطق الرسمي باسم وزير توحيد الكوريتين، الذي يتولى مسؤولية الشؤون الحدودية بين البلدين-: تبدي حكومة بلادنا أسفاً عميقاً لما يصدر عن الجارة بيونج يانج· وأضاف قائلاً: نحن نحث كوريا الشمالية على قبول دعوتنا لها للحوار في أسرع وقت ممكن· وعلى رغم تصعيد بيونج يانج تهديداتها لجارتها الجنوبية، فإنها لا تعني نهاية فعلية للاتفاقات المبرمة بينهما· كما أنه ليس للبيان الصادر عن بيونج يانج أي وزن يذكر بحد ذاته، لأن بيونج يانج قطعت عملياً معظم اتصالاتها بسيول خلال العام الماضي، تعبيراً منها عن غضبها على موقف الرئيس الكوري الجنوبي المتشدد إزاءها· وربما يعكس بيان بيونج يانج الأخير شعوراً منها بالإحباط، إلا إن الهدنة السارية بين شبه الجزيرة الكورية، التي وضعت حداً للاعتداءات التي وقعت بينهما خلال الأعوام 1950-،1953 تظل مكانها دون أن يلحق بها أي مساس، بالنظر إلى أن كوريا الجنوبية لم تكن طرفاً موقعاً فيها أصلاً· ولاحظت أن بيونج يانج ربما تلجأ لخيار العمل العسكري ضد جارتها سيول، في إطار تصعيد التوترات معها، وأن من المحتمل أن ينفذ هذا العمل على الخط الحدودي الواقع على البحر الأصفر، المتنازع عليه بين الدولتين· غير أنها أضافت قائلة إن آخر مرة تم فيها تبادل لإطلاق النيران بينهما كان في عام ،2002 وإن سلاح بحرية كوريا الجنوبية رد بعنف على تلك التحرشات، متفوقاً بذلك على قدرات الجارة الشمالية· وما بين عام 2002 واليوم، اتسعت الفجوة العسكرية التكنولوجية كثيراً جداً بين الجارتين· إلى ذلك ذهبت شبكة ''بلومبرج'' إلى القول إن تهديدات بيونج يانج النارية الأخيرة ليست سوى مناورة سياسية قصد منها جذب انتباه سؤول أو واشنطن· وهذا هو المعنى الذي أكده البروفيسور ''رايو كيل جاي''، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية بجامعة سيول، عبر لقاء هاتفي أجري معه عقب تصريحات بيونج يانج· وربما كان الهدف الرئيسي من هذه التهديدات لفت انتباه إدارة الرئيس باراك أوباما التي لم يبد عليها بعد أنها وضعت برامج بيونج يانج النووية على قائمة أولويات سياساتها الخارجية· هذا هو الاحتمال الذي دفع ''لانس جاتلينج'' -خبير في أسلحة الدمار الشامل بكوريا الشمالية، مقره في طوكيو- إلى القول عبر رسالة إلكترونية بعث بها مؤخراً: أعتقد أن لهذه التهديدات صلة كبيرة بإدارة أوباما، أكثر من أن تعني كوريا الجنوبية· يذكر أن تهديدات بيونج يانج هذه صادفت بث تقارير إخبارية حول إصابة زعيمها كيم جونج إيل بسكتة دماغية، حسبما تعتقد الحكومة الأميركية- إلا إن التقارير نفسها أكدت فيما بعد تعافي الزعيم الكوري الشمالي وعودته الكاملة إلى دفة قيادة بلاده· ومن ناحيتها أكدت ظهور ''الزعيم''في عدة مناسبات مؤخراً، من بينها مباراة للكرة الطائرة، ومرة أخرى في حفل موسيقي· وبعودته هذه، تتراجع المخاوف من حدوث فراغ في السلطة في بيونج يانج، خاصة وأنه لم يسم بعد خلفاً له· لكن وعلى رغم ذلك، نقلت وكالة ''رويترز'' عن ''مجلس العلاقات الخارجية'' الأميركي دعوته الولايات المتحدة للاستعداد لحدوث أي تغيير مفاجئ مزعزع للاستقرار السياسي في كوريا الشمالية· وذكر ''مجلس العلاقات الخارجية'' الأميركي في السياق نفسه أن الأوضاع حافظت على استقرارها في بيونج يانج -على رغم ضعفها واهتزازها- عقب المخاوف التي نشأت بفعل الرحيل المفاجئ للزعيم المؤسس كيم إيل سونج في عقد تسعينيات القرن الماضي، من أن تنهار كوريا الشمالية وتعمها المجاعة والفوضى السياسية· وإذا كانت بيونج يانج قد تمكنت من تحدي تلك التكهنات، فإن ذلك لا يمنع ''مجلس العلاقات الخارجية'' الأميركي اليوم من توقع تباين التغيير المفاجئ المحتمل بين عدة سيناريوهات، بما فيها التداول السلمي للسلطة في البلاد بتعيين خلف للزعيم الحالي، واحتمال الصراع المسلح من أجل السلطة بين الفصائل العسكرية المختلفة، إلى احتمال حدوث انهيار سياسي كامل، من شأنه إشاعة الفوضى في دولة يعتقد أن لها أسلحة نووية وبيولوجية وكيماوية، إضافة لملايين الجنود المسلحين· آرثر برايت محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©