الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمام صوايا: عشرون عاماً وأنا كما أغنية فيروز

تمام صوايا: عشرون عاماً وأنا كما أغنية فيروز
31 يناير 2009 23:54
غادرت تمام صوايا (معلمة مدرسة) لبنان بعد زواجها وقصدت الإمارات وتحديداً إمارة أبوظبي لتمر السنوات فتربي عائلتها فيها وتعمل وتعيش وسط جاليات عربية من مختلف الجنسيات قصدوا الإمارات سعياً لتحسين مستوى العيش· غير أن تربية أولاد في الإمارات تعطي للإقامة فيها معاني أعمق، ذكريات طفولة الأولاد وتعلّمهم وأصحابهم وأترابهم ومحيطهم· تقول تمام: ''منذ عشرين عاماً غادرت وطني لبنان لأقيم في الإمارات العربية المتحدة· كنت قد تزوجت حديثاً وبدأت مرحلة جديدة من مراحل حياتي وعلى الرغم من أهميتها وجمالها، فإن السفر والابتعاد عن البلد أمراً أصابني بالخوف والكآبة، فأنا ما ألفتُ الغربة ولا مرارتها ولا طاقة لي لاحتمال هذا البعد عن الأهل والأرض''· وتتذكر كيف شعرت بداية بالغربة بمجرد انتقالها من بلدتها الجبلية إلى العاصمة بيروت لمتابعة دراستها، وتقول: ''أذكر جيداً أنني حين نزلت إلى بيروت لأتعلّم، استأجر لي أهلي غرفة قريبة من الكلية لأقيم فيها· حينها كانت الحرب الأهلية قائمة في لبنان، وكان عليّ أن أجتاز حواجز وعوائق لأصل بيتي، وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات كنت أختلق الأسباب والحجج لكي أعود - تقريباً كل يوم - إلى قريتي الجبلية، وهذا ما كان ولمدة ثلاث سنوات لا أذكر فيها أنني أقمت أسبوعاً كاملاً في بيروت· وأذكر أيضاً أنني وفي الحصة الأولى لدرس الموسيقى اخترت أغنية أحبها وتعبّر عن حالتي (ولا تعبّر عن مقدرتي الصوتية)، فغنّيت وبكل جوارحي ''غاب نهار آخر/ غُربتنا طالت نهار'' (للسيدة فيروز)، فارتسمت على وجه معلمتي تعابير مبهمة، فيها الكثير من الاستغراب والشفقة على وضعي وعلى صوتي، ولم يكن ليخطر على بال أحد من السامعين أنني آتية من مكان يبعد عن بيروت حوالي نصف ساعة بالسيارة''· وتضيف: ''عشرون عاماً وأنا أتنقل بين لبنان وأبوظبي، أتحيّن الفرص والمناسبات لكي أقوم ولو بزيارة قصيرة إلى وطني، ولقد خططت ولمئات المرات بأن أقوم بزيارة بلدان أخرى على سبيل الثقافة والتغيير وكنت أعود حاملة تذكرة السفر إلى بيروت· عشرون عاماً مضت على زواجي وعلى غُربتي··· عشرون عاماً و''كبروا يللي كانوا زغار (صغار)''، كبروا في غيابي فلا هم يعرفونني وأنا بالكاد أعرفهم، أما الأهل والأصدقاء والمعارف فلقد تباعدت طرقنا··· بعضهم من رحل عن هذه الدنيا وترك في القلب غصة، وبعضهم أعطى لهذه الدنيا فرحةً ما أعظمها فرحة··· ومرّت أحداث بعضها مرّ وبعضها حلو، انتكاسات وانتصارات وكلها تؤجج شعلة الحنين التي لم تنطفئ يوماً· عشرون عاماً وأصبح عندي عائلة وحياة أعتزّ بها· زوجٌ وولدان وُلدا هنا في أبوظبي وأمضيا طفولتهما وارتادا مدارسها، تنفّسا هواءها وشربا من مائها فأصبح لهما فيها أصدقاء وذكريات· عشرون عاماً وأنا، وكلما حان موعد عودتي إلى أبوظبي، أُصاب بحالة من الكآبة المُحيّرة· عشرون عاماً وها أنا، عندما تحطّ بنا الطائرة في مطار أبوظبي، أُسارع إلى النزول تغمرني الفرحة وشعور جميل بالارتياح فما أحلى الرجوع· وهذا بحد ذاته غريب على شخص مثلي، شخص لم يعرف كيف يتحمل ويستوعب الانتقال من الريف إلى المدينة في البلد نفسه··· أشعر أن الإمارات ومن دون أن أدري قد جذبتني وتعودت عليها وربيت عائلتي فيها وأعطيتها وأعطتني، فنشأت علاقة مميزة من الصعب تفسيرها وشرحها بكلمات''· تعرف تمام بمحافظتها على تقاليد بلدتها ''ضهور الشوير'' في المتن الشمالي وهي المقيمة كل هذه الفترة في الإمارات، كما لا تزال على اتصال قوي بالجالية اللبنانية في أبوظبي، وتقول: ''تجدين الكثير من اللبنانيين هنا، والحمد لله، أثبت اللبناني أينما ذهب أنه موهوب ومجتهد، فأعطى الإمارات في مختلف المجالات كما أعطته''· وتضيف: ''ما يميز الإمارات عن سواها من البلدان التي يقصدها اللبناني لمتابعة تعليمه العالي أو للعمل أو للهجرة، أن الإمارات بلد عربي وقريب من لبنان، تعطيه ويعطيك من دون أن يلغي هويتك··· فأهل الإمارات يشعرون الضيف بالراحة ولا يسعون إلى إلغاء ثقافته، فلا تشعرين أنك منبوذة لاختلافك أو غير مقبولة، بل على العكس، إذ عرفت الإمارات كيف تقيم شعور الأمن والأمان لدى المقيمين من مختلف الجنسيات من دون أن يلغي أي أحد الآخر''· لدى تمام ولدين، الأكبر وعمره 18 سنة، يقيم حالياً في لبنان لأول سنة إذ إنه ولد وترعرع في أبوظبي، وذلك لمتابعة دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت، ويرافقه أترابه من المدرسة ومنهم لبنانيون ومنهم إماراتيون، يعيشون معاً في مهجع الجامعة كما اعتادوا سابقاً في أبوظبي·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©