الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرنسا.. الحريات في خطر

29 ابريل 2015 23:11
تثمن فرنسا الخصوصية بشكل كبير، وكانت شكاوى سياسييها الأعلى صوتاً عندما انكشف، على نحو واسع النطاق، أمر برنامج جمع البيانات، الذي تديره «وكالة الأمن الوطني» الأميركية، قبل عامين، على الرغم من الاتهامات الموجهة بأن فرنسا لديها تاريخ مماثل من التجسس. والآن، عقب الهجمات على مجلة «تشارلي إيبدو» الباريسية في يناير الماضي، يبدو أن الحكومة الفرنسية عازمة على تقليد الولايات المتحدة في جمع معلومات استخباراتية، ربما بطريقة مكثفة أكثر، وقد أثار مشروع قانون جديد من شأنه أن يمنح صلاحيات كبيرة لوكالات الاستخبارات الفرنسية، موجة من الجدل الوطني المحتدم بشأن كيفية الموازنة بين حماية الخصوصية وتهديد وقوع هجمات متطرفة، كتلك التي زعمت باريس إحباطها خلال نهاية الأسبوع الماضي. والتدابير المقترحة هي جزء من مشروع قانون مثير للجدل بدأ البرلمان مناقشته في الثالث عشر من أبريل الجاري. ويهدف مؤيدو القانون إلى توسيع جهود فرنسا في مكافحة الإرهاب في أعقاب الهجمات المتطرفة داخل باريس وحولها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، التي خلفت 17 قتيلاً. وتلقت حملتهم دعماً إضافياً بعد القبض على طالب علوم كمبيوتر جزائري في نهاية الأسبوع الماضي، تتهمه السلطات بالتدبير لتنفيذ هجوم على كنيسة واحدة على الأقل. بيد أن مشروع القانون ليس بلا منتقدين، ففي حين يعتقد غالبية الفرنسيين أن الحكومة عليها بذل مزيد من الجهود للحيلولة دون قيام متطرفين بتنفيذ هجمات، إلا أن مسألة السقف المسموح به لأجهزة المخابرات لا يزال موضع جدل كبير. والتحدي، الذي تتقاسمه الدول في أنحاء العالم، هو إيجاد توازن ملائم بين الأمن القومي والحريات المدنية. ويرى «فيرجيني دوفال»، رئيس «اتحاد القضاة الفرنسيين»، أنه من الواضح وجود قدر كبير من الانفعال عقب الهجمات الإرهابية، ولكن لا يمكن فعل أي شيء باسم الإرهاب. ومن شأن القانون أن يسمح لوكالات المخابرات من مراقبة المواطنين الفرنسيين من دون تقديم طلب لمحكمة مستقلة مكونة من تسعة أشخاص، كما هو مشروط في الوقت الراهن. ويمكنها أيضاً التسلل إلى الهواتف وحسابات البريد الإلكتروني من دون إذن قضائي، وتركيب كاميرات ومايكرفونات في منزل المشتبه به. وعلاوة على ذلك، سيمكن للوكالات جمع وتحليل كم هائل من بيانات المستخدمين تحصل عليها من شبكات الاتصالات. وسيتم الاحتفاظ بالبيانات بداية من دون اسم، ولكن يمكن تعريفها إذا طلب مسؤولو المخابرات مراقبة إضافية من هيئة قضائية مستقلة. وفي إطار القانون، خصصت الحكومة 425 مليون يورو (457 مليون دولار) لتجنيد آلاف من ضباط الأمن والمخابرات بهدف زيادة المراقبة. وبدأ صناع القانون صياغة تدابير مراقبة جديدة في عام 2014 بهدف زيادة إطار العمل القانوني لرصد المعلومات المخابراتية في العصر الرقمي. وعلى الرغم من ذلك دفعت هجمات باريس في يناير الحكومة إلى توسيع مشروع القانون ومحاولة تسريع تمريره في البرلمان. ولكن بعد أن كشف تسريب «إدوارد سنودن» للمستندات عن أنشطة مراقبة واسعة النطاق في الولايات المتحدة وبعض الدول الحليفة لها، يخامر الشك كثيرين في مشروع القانون الفرنسي الجديد. وانتقد معارضو القانون تغوله المحتمل على الخصوصية الفردية، على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء «مانويل فالس» أن «القانون سيتم استخدامه فقط في حالة الأزمات الكبرى التي تؤثر على أمن المواطنين». وشدد على أن قانون المراقبة لن يكون مثل قانون الوطنية الأميركي ـ قانون مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة ـ ولن يتم استخدامه في جمع كميات ضخمة من البيانات. لكن على الرغم من انتقاد مشروع قانون المراقبة، إلا أن استطلاعاً حديثاً للرأي أظهر أن 63? من الفرنسيين المستطلعة آرائهم يؤيدون فرض قيود على حرياتهم الفردية عبر شبكة الإنترنت باسم زيادة الأمن. وهناك كثير من المعارضين للقانون، وتجمهر مئات من المتظاهرين أمام «الجمعية الوطنية» الأسبوع الماضي أثناء طرحه من أجل إبداء معارضتهم. وجمعت منظمة المجتمع المدني «باور فول» أكثر من ألفي توقيع على عريضة ضد القانون. وأشار مؤسس المنظمة «فرانسوا كميلي» إلى أن القانون يمنح قدراً مقلقاً من سلطة الشعب إلى الحكومة. وأضاف: «إنه مماثل جداً لقانون الوطنية الأميركي، ونعرف من تجربة أوباما أن هذا القانون بمجرد تطبيقه، سيظل طوقاً حول عنقنا إلى الأبد». كوليت ديفيدسون يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©