الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حين تقصّفتْ أصابعي ويبستْ...

حين تقصّفتْ أصابعي ويبستْ...
7 يوليو 2010 20:51
الأرض القديمة رأيتُها في صكوكِ الإرثِ مكتوبة سِفْراً من الإنسان والإزميل والحجرِ رأيتُها من شقوق الصيفِ مسكوبة غاباتِ أيدٍ ترعرع في دم الشجرِ وأَوْجُهاً من حميم الطمي مجلوبة منسوجة بالفروع الخُضَر والثمرِ وأعظُماً غالبتْ أكفانَها، انقلبتْ فراشةً حمراءَ مخضوبة بالنار والغيم والرَّهَج الدوّارِ في السفرِ.. كانت صكوكُ الإرثِ مختومة بخاتم ملتهبٍ وأحرفٍ مشويّة وكان في أطرافها من سلّة الأيامْ زخرفةٌ كوفيّة وأَثَرُ القوافلِ المغبرَّةِ الأعلامْ والزحمةُ التي تشبهُ عشَّ البومة وطرّةُ السيّافِ والإمامْ والصرخةُ المكتومة! حين تقصّفتْ أصابعي ويبستْ مفاصلُ الراحلة الملعونة وقفتُ في الصحراء تحت الشمسْ أنتظرُ الطغراءَ والأوامرَ الميمونة كي أستطيع الهمسْ وقفتُ في الصحراء واجماً مُقنَّعاً أنظر جِلْدَ الأرضْ مستبدلاً منتسخاً مرقَّعا وكلما ثبّتتِ الشمسُ رماحَها الحمراءَ في جمجمتي قطعتُ رحلةَ الوقوفِ بالقراءة.. (أُخرج من غيابة العباءة صحائفَ الإرثِ المقدّسة وكلما تخرّقتْ سطورُها بالأَرَضة تهدّمتْ مدينةٌ على رؤوس ساكنيها أو سقطتْ تحت نعال الروم قلعةٌ أو مملكة أو زحفتْ حدودُنا وسوّرتْ مواطئ الأقدامْ..). لو أن هذي الشجرة لم تجدلِ الجذورَ للأعماقْ لو أنها لم تطبخِ الضوءَ بجوفها وتغزل الأوراقْ لما تملّكتْ شبراً على مملكة الصعوِد والهبوطْ تمتدّ فيه أو تطرح ظلَّها المنقوشَ بالزَّهَرْ.. أراكِ يا غزالةً بريّة تنتظرينني خلال كلِّ جبلٍ بجوف كل شجرة وتركضين في الغمامة المسافرة لو نبتتْ أصابعي المقصوفة لكنتِ ـ يا غزالتي البريّة ـ صبيّةً فتيّة تمنحُني كعكتَها المقدّسة وشالَها المهدودبَ المنقوطَ بالسنابلِ الحمراءْ.. نداءات على الجدران نداءات على الجدران لم تقشرها الأظافر ولم يغسلها المطر اختبئ يا قطاراً يهرول في الحلم، صوتك يخلع ريش النشاز الملون، يسقط بين الصدى والصدى، وتصنفره شفرات الأظافر، يدخل أوركسترا الأسر. فلتختبئ يا قطارا يهرول في الحلم، فالأرض مكشوفة المحطات مفتوحة تحت ضوء السفر اختبئ فالإقامة مأهولة بوحوش القرابة والألفة الناعمة. *** جسد للعشيرة، أعضاؤه انفرطت كالعناقيد في ورق الملصقات ـ الأفيشات ـ وهج النيون المشاكس. حط الظلام فهل ينفر النهد تحت الأكف وتلتم رهط العناق الصريح وهل يفتح الليل مضيفه للتخاصر؟ هل تفلت الشهقات المقيمة في اللون، هل؟ *** تنفست حقائب الوطن، يالله، هل يملك كل هذه الملابس الداخلية؟! وبعثرها في الريح، فهل كل هذه الألوان من شمس واحدة؟! وغربت الشمس فكل طريق صباح وكل صباح طريق. *** العصافير تنسج أعشاشها في حديد الشبابيك والأرفف الخشبية في المكتبات وفي الحافلات المليئة بالزحمة الضاحكة والعصافير تنسج أعشاشها تحت ليل من الشعر المستعار وفي خوذ الشهداء وأحذية الهاربين *** أسرعوا أسرعوا.. فالبلاد القديمة ركضت خلفكم، واكتبوا واكتبوا.. فالبلاد القديمة قطعت شجر الأبجدية. مطلع جاهلي يجيء تطلع الشمس في الذاكرة تحت إيقاعه يستضيء وطن للخراب الطلولي، نهر تجررّه الصرخة الغائرة. *** صخب، وبلاد تجلجل في حجر السمع، والرعد يزرع أعضاءه.. انتظروا.. تصهل الخيل في الأروقة..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©