الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرهينة ضحية المنقذ..ا

الرهينة ضحية المنقذ..ا
7 يوليو 2010 20:36
شلوييه لوماسون Chloé lemaçon هي مؤلّفة كتاب le Voyage de Tanit “رحلة التانيت” الذي صدر في شهر مايو الماضي، وتروي فيه قصة موت زوجها فلورون لوماسون في عملية هجوم كوماندوس البحرية الفرنسية الذين جاؤوا لإنقاذه من القراصنة الصوماليين، وأصابوه خطأ برصاصة أردته قتيلا. ففي يوم 10 أبريل 2009 وخلال الهجوم الذي شنه جنود البحرية الفرنسيون لتخليص “فلورون” من القراصنة الصوماليين الذين احتجزوه مع زوجته وابنه على متن قاربهم ستة أيام بأكملها في المحيط الهندي، وأثناء تبادل إطلاق النار حصلت المأساة وأخطأ أحد الجنود الهدف وقتل الرهينة. هذه هي المعلومة المثيرة التي فجرها هذا الكتاب، إذ جزمت المؤلفة (أرملة القتيل) والتي كانت حاضرة أثناء الحادثة أن الرصاصة التي اخترقت رأس زوجها لم يطلقها القراصنة مثلما قيل، وإنّا كانت من فوهة سلاح ممن جاؤوا ليحموه ويحرروه من محتجزيه. إن هذا الكتاب يدين الجيش الفرنسي ويحمله مسؤولية وفاة فلورون بـ”نيران صديقة”. ولذلك فالكتاب أحرج وزارة الدفاع الفرنسية كما أحرج أيضا قصر الإليزيه لما جاء فيه من معلومات مؤكدة تثبت الخطأ وتجزم بحصوله بعد أن بقيت المسألة محل غموض وشك. المغامرة تروي المؤلفة أنها وزوجها شغوفان بالبحر والسفر حتى أنهما اختارا معا أن يعيشا على ظهر سفينة، ولم يشعرا أبدا أنها حياة هامشية، لم تكن لهما خبرة كبيرة في الرحلات البحرية الطويلة ولكن رغبة “مجنونة” امتلكتهما للقيام برحلة يطويان بها العالم برفقة ابنهما الذي لم يكن يتجاوز الثلاثة أعوام عند تاريخ بداية الرحلة. لقد اشتريا القارب الذي يحمل اسم “تانيت” وقررا أن يقوما برحلة على متنه إلى كل بلدان العالم، وأنفقا كل مدخراتهما لإصلاحه وتجديده. انطلقا من ميناء فرنسييوم في 26 يوليو 2008 واجتازا قناة السويس في اتجاه مدغشقر وجزر القمر، ليواصلا بعد ذلك الجولة حول العالم. وفي يوم 4 أبريل 2009، وبينما كانوا على بعد 800 كلم من السواحل الصومالية وبعيدا عن المناطق المعروفة بأنها خطيرة تم الهجوم عليهم من خمسة شبان مسلحين بالكلاشينكوف استولوا على القارب (طوله 14 مترا) واحتجزوهم كرهائن. أخطاء وجاء في الكتاب أن القراصنة كانوا جياعا والتهموا كل ما وجدوه على متن القارب واستحوذوا على علب السجائر، والملابس أيضا وكانت تأتيهم التعليمات عبر الهاتف من “رئيسهم” في البر، وطلبوا بعدما سيطروا على المركب التوجه إلى السواحل الصومالية. وبعد ثلاثة أيام ظهرت فرقاطة تابعة للبحرية الفرنسية وأدرك الجميع أنها جاءت لتحريرهم من القراصنة. تقول المؤلفة في كتابها: “لم نكن نرغب في مثل هذه العملية، فلا أحد استشارنا في إنقاذنا بهذه الطريقة وقد فشلت العملية فشلا ذريعا”. وتعدد المؤلفة في كتابها الأخطاء العديدة التي ارتكبها الكوماندوس، من ذلك أنهم لم يطلبوا التفاوض مع القراصنة وهاجموهم في وضح النهار وليس في الليل، وسارعوا بإطلاق النار بصفة مكثفة، في الوقت الذي كان فيه القراصنة داخل السفينة وليس على سطحها، وإطلاق الرصاص تم دون أن يتأكد جنود الكوماندوس من مكان وجود الرهائن. وتضيف المؤلفة بوصفها شاهدة عيان: “لم يعلموننا مسبقا بضرورة عدم التحرك عند هجومهم، وحالما أطل زوجي فلورون برأسه ليدل الجنود على مكان القراصنة أطلقوا عليه النار، وانهار في الحين”. محاكمة والمؤلفة ومن خلال كتابها تطالب السلطات الفرنسية بأن تعترف بالخطأ، وهي متمسكة بتكذيب إعلان الحكومة بأن فلورون مات برصاصة من القراصنة أثناء تراشق متبادل كثيف بالنيران بين القراصنة والجنود الفرنسيين، وبصفتها شاهدة عيان، حضرت الحادثة فهي تؤكد أن الكوماندوس أطلقوا النار بصفة عشوائية تماما كما في أفلام رعاة البقر “الكوبوي”، وأن القراصنة أطلقوا رصاصة واحدة يتيمة في حين إن وزارة الدفاع الفرنسية رأت أن هناك شكا في مصدر الرصاصة التي تسببت في هلاك زوج المؤلفة، وعندما أثبت الطب الشرعي أن الرصاصة التي اخترقت رأس الضحية هي رصاصة فرنسية وجد وزير الدفاع الفرنسي نفسه مضطرا إلى الإشارة بأن هناك مجرد احتمال في غمرة تبادل النار بأن تكون رصاصة طائشة أصابت فعلا فلورون، ورغم أن الزوجة مؤلفة الكتاب لا تعتزم تقديم شكوى إلا أن سعيها لمعرفة من أطلق الرصاصة على زوجها باء بالفشل، فالكوماندوس يخفون أسماءهم الحقيقية، والمحاكمة ستكون فقط للقراصنة الثلاثة الذين بقوا أحياء. لقاء وتحمّل المؤلفة مسؤولية هلاك زوجها لرئيس فرقة الكوماندوس الذي ارتكب أخطاء “قاتلة” أثناء الهجوم، فالجنود نفذوا أوامر رؤسائهم، وفي خضم هذه الحادثة المأساوية حرص الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على مقابلة المؤلفة ليؤكد لها أنه هو الذي أعطى الأمر بالهجوم على القراصنة باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وطمأنها بأن الدولة ستكون سندا لها في محنتها معنويا وماديا أيضا، وسعى إلى امتصاص غضبها بإظهار تضامنه معها في هذا المصاب، وكشفت المؤلفة أن الرئيس ـ استرضاء لها ـ عرض عليها وظيفة في أي مجال تختاره هي، ولكنها رفضت عرضه رغم حاجتها الأكيدة للمال والعمل، ولأن من حقها الحصول على تعويض مالي مثلما يحدث في حالة سقوط الطائرات، فإنه تقرر منحها مبلغ 500 ألف يورو ولم يصلها إلى الآن إلا 50 ألفا، واشترطت عليها الحكومة في حال منحها بقية المبلغ عدم رفعها شكوى ضد الدولة، ولذلك فهي لم تطالب ببقية المبلغ، وهي وإن كانت لا تعتزم رفع شكوى، ولكنها تشترط الاعتراف علنياً من الحكومة، في بيان رسمي ومفصل، بمسؤولية الجيش عن موت زوجها فلورون وهذا ما ترفضه الدولة. وجاء في الكتاب: “منذ اللقاء الأول في قصر الإيليزيه حصل لي انطباع بأن وعدي بالمال سيجعل مني امرأة مطيعة، وكلام الرئيس كان واضحا إذ قال لي: “سيدتي، إن لك “حقيقة” لما حصل ولا أحد يمكن له أن يمنعك من الإصداع بها، ولكن في المقابل لنتفق فإذا ما ساعدناك فعليك الالتزام بعدم تقديم شكوى بحق الدولة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©