الإعاقة قد تكون عجزاً عضوياً لكنها لم تكن أبداً عجزاً عن الإبداع، قد تكون عجزاً مرحلياً، لكن إذا تم استغلالها الاستغلال الحسن والنظر للجانب الإيجابي فيها قد تصير مساحات واسعة للعطاء والتميز، وإذا تمت رعايتها والانتباه لهذه الحالات بمعاملات خاصة ودقيقة وتمت رعايتها رعاية فائقة قد تتجاوز عطاء الأسوياء، وفسح المجال أمام هؤلاء الناس وتوجيههم التوجيه الصحيح والعناية بهم قد يخلق المعجزات، هكذا ومن منطلق زرع الأمل في نفوس أشخاص حرموا من نعمة الصحة ولم يحرموا من نعم كثيرة تتمثل في العزيمة والإرادة والقوة على تخطي كل الصعاب والعراقيل للبحث عن التميز والتتويج على قمم النجاح، واحتضان هؤلاء والسير معهم جنبا لجنب في طريق الحياة هو غالباً سر عبورهم لبر الأمان، من هذه المنطلقات انطلق مخيم الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة منذ أكثر من 19 سنة ولا زال يمسك بيد هؤلاء فاسحاً لهم مساحات من الآمال ينير الدروب المظلمة لمن يسير في عتمة الحياة·
أهداف إنسانية
انطلق مخيم الأمل هذه السنة واختتمت فعالياته بمدينة الشارقة تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة تحت شعار ''كلنا راع·· كلنا مسؤول'' ودارت فعاليات مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بمشاركة وفود من جميع الدول الخليجية ووفد من الجمهورية العربية السورية، وذلك على مدار أسبوع كامل، وبرعاية خاصة من الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي نائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية رئيسة اللجان العليا المنظمة لمخيم الأمل التاسع عشر وقد شكرت بالمناسبة كل المتطوعين في المخيم وذلك على أعمالهم الدؤوبة لإسعاد المعاقين، وحفزت الهمم ولحّت الشيخة جميلة على الإخلاص في العمل واستشهدت بالآية الكريمة ''وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون'' وقالت: ''لأن العمل الصادق والمخلص لا تقتصر نتائجه الإيجابية على صاحبه وحسب، بل تمتد لتشمل من هم حوله فيزيدهم ذلك محبة وإخاء وقدرة على انجاز المهام الموكلة إليهم بقدر كبير من السعادة·''
وتتحدد أهداف المخيم في إدخال السعادة والبهجة إلى قلوب الأطفال من ذوي الإعاقة المشاركين في المخيم من جميع دول مجلس التعاون الخليجي والجمهورية العربية السورية والعمل الجاد على إكسابهم المهارات الاجتماعية وتعليمهم الاعتماد على النفس وإكسابهم بعض الاستقلالية، وتعريف المشاركين بأبرز معالم دولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى صقل مهارات المتطوعين في المخيم·
مساهمات كسرت الحواجز
تجنّد العديد من المتطوعين في مخيم الأمل للمساهمة في إسعاد هؤلاء الناس ذوي الإعاقات المختلفة، وألقيت كلمات التوجيه عن خصوصية معاملة كل إعاقة عن الأخرى فكل حالة تستدعي رعاية وعناية خاصة، ولكل حالة عوالمها الخاصة بها، ومن هذا المنطلق قالت الأستاذة منى عبد الكريم مديرة معهد التربية الفكرية خلال محاضرة عن الإعاقة الذهنية وتحدثت عن كيفية التعامل مع أصحابه وأكدت أنهم ذوو إدراك وحس عاليين ويجب التركيز أثناء التعامل مع ذوي الإعاقة الذهنية على تشجيعهم وحثهم على القيام بمزيد من الإيجابيات والتغاضي عما يقومون به من سلبيات لأن ذلك سيدفعهم للقيام بالأمور الجيدة بمعنويات عالية·· ويجب على المتطوعين أن يشعروا الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية بالحب والأمان والطمأنينة والتقبل الاجتماعي والثقة بالنفس والاصغاء إليهم والاستجابة لمحاولاتهم في التخاطب والاتصال وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة، وتنصح مديرة معهد التربية الفكرية بمراعاة الصحة النفسية أثناء التعامل معهم وانتقاء الألفاظ الجيدة·
أما الأستاذ صلاح عودة مترجم لغة الإشارة في تلفزيون الشارقة فقد قام بتدريب كل المتطوعين على أهم المصطلحات الضرورية في التعامل مع الأبناء الصم، لتسهيل التواصل معهم، كما قدم فكرة عامة عن الإعاقة السمعية وأسبابها وقدم مجموعة من النصائح عن كيفية التعامل مع الأبناء المعاقين سمعياً كطريقة استخدام لغة الإشارة والتقليل من حركة الشفاه، وعدم السماح لأي شخص بالمرور بين من يتحدث والمتلقي·
وماجد العصيمي المتطوع في مخيم الأمل قدم أفكاراً عن الإعاقة الحركية وقال إن كرامة المعاق من كرامة المجتمع وأن الحب والود والصداقة من شأنها أن تؤسس لعلاقة ملؤها التفاهم بين الإخوة المعاقين وغير المعاقين·
رحلات استطلاعية وترفيهية
قامت قافلة مخيم الأمل بزيارة استكشافية بين ربوع الشارقة الجميلة وكانت القافلة تتكون من أكثر 200 شخص، وقاموا بزيارة المربى المائي بالشارقة، وأتاح لهم المكان رؤية الكائنات البحرية عن قرب، وقام الصغار بتصوير الحيوانات المائية وذلك داخل في إطار جائزة المصور الصغير التي ينظمها المخيم للسنة الثانية ضمن فعالياته والتي تهدف إلى تنمية روح الإبداع والحس الجمالي لدى الأطفال من ذوي الإعاقة، كما قاموا برحلة إلى متحف التاريخ الطبيعي كمعلم مهم ومرفق متجدد للجذب السياحي تتوفر فيه كل وسائل النزهة والراحة والترفيه وهذا المشروع يعد امتدادا لمشروع متنزه الصحراء البيئي ويضم الحيوانات البرمائية والأسماك والحشرات والعناكب والعقارب والطيور البرية والخفافيش والحيوانات الليلية وكذلك الأفاعي والحيوانات التي تعيش في الأودية الجافة والصحاري والجبال والكهوف والسحالي التي تعيش في المناطق الرملية والأودية، كما يضم المركز الحيوانات البرية المتوحشه وأكدت مديرة المركز هنا السويدي أن العديد من الحيوانات التي يضمها المركز مهددة بالانقراض والمركز يعمل جاهداً على إكثارها من خلال تهيئة كافة الظروف الملا ئمة والمناسبة لتكاثرها، كما أكدت أن المركز حقق نجاحاً في الإكثار من بعض الأنواع، كما قام الوفد بزيارة مركز النباتات الذي يضم مختلف الأنواع من النباتات وقالت هنا السويدي إن بيئة الإمارات غنية بالنباتات الطبيعية تبعا للتنوع البيئي والجغرافي للدولة كالبيئة الجبلية والصحراوية والمستنقعات والوديان والشواطئ، كما قام الوفد بزيارة النصب التذكاري الذي يعتبر معلما من معالم الشارقة والذي شيّده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بمناسبة اختيار إمارة الشارقة من قبل المؤتمر العام لـ اليونسكو إمارة سنة 1998 عاصمة العرب الثقافية، كما زارت القافلة حديقة النخيل وقناة القصباء، وبعد الزيارة لمدينة الشارقة أعقبها حفل سمر تخللته مسابقات ترفيهية وثقافية وقام الأطفال بإطفاء 19 شمعة وهي عدد مرات انعقاد مخيم الأمل·
رحلات لمدينة دبي
فعاليات مخيم الأمل تضمنت رحلة لمدينة دبي لاستكشاف معالم الإمارة المبدعة وكانت البداية من متحف دبي استشفوا منها التاريخ الحاضر والقديم مستلهمين من أبرز المعالم ماهية دبي اليوم ، وكانت الوجهة الثانية حديقة الخور وحضر الوفد عروض الدلافين الذي أدخل المتعة والفرحة على نفوس الأطفال المعاقين كما قاموا بجولة على متن دانة دبي، ولتحقيق اندماج أكبر وإتاحة الفرصة لهذه الشريحة قام الوفد بزيارة مركز المدينة لتحقيق التواصل مع أكبر شريحة من الناس·
في مدينة خور فكان
بعد أن قاموا بزيارة مركز حيوانات شبه الجزيرة العربية والمركز النباتي بالشارقة شارك المعاقون في العديد من الورش على أرض المخيم تمثلت في الأعمال الفنية والحرفية كورشة الإلكترونيات وورشة التغذية، وخورفكان كانت محطة أمل من محطات المخيم حيث قاموا بزيارة حديقة المدينة وشارك الجميع في برنامج ترفيهي تضمن العديد من المسابقات والألعاب، وأضفت المناظر الجميلة للمدينة وطبيعتها الخلابة مسحة من الراحة على نفوس المشاركين، وكان سوق الجمعة الوجهة الأخيرة من زيارة خورفكان حيث سمح لهم بالاندماج مع الناس وتسوق تذكارات تخلد للرحلة الجميلة وللحظات لا تنساها تلك البراعم اليانعة·
ختام الذهب
اختتم الحفل بتوزيع الجوائز والدروع وكلمات الشكر والامتنان للعناية بهذه الفئة التي تستدعي معاملة خاصة من طرف الجميع وتوجهت كلمات شكر للقيمين على المخيم والتنويه بمجهوداتهم لكي يحققوا للأبناء من ذوي الإعاقة فضاءً رحباً من السعادة يحلقون من خلاله دون خشية من همسة خاطئة أو نظرة جارحة، وفي الختام وزّعت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي جوائز على جميع المشاركين وعلى المتطوعين من مجموعة شباب الشارقة للعلاقات العامة والعمل التطوعي، وعلى رؤساء الوفود كما تم تبادل الهدايا بين مخيم الأمل وجميع الوفود المشاركة·
عدد اليوم
