الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارب واختبارات تؤكد حيوية جلسات الترجمة وحرفية نقل النصوص من العربية وإليها

تجارب واختبارات تؤكد حيوية جلسات الترجمة وحرفية نقل النصوص من العربية وإليها
28 ابريل 2013 14:25
جهاد هديب (الاتحاد) - اختتمت مساء أمس فعاليات مؤتمر أبوظبي الدولي الثاني للترجمة “تمكين المترجم”، إحدى فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي انعقد على مدى اليومين الماضيين في موقع المعرض في مركز المعارض مشتملاً على أربع ورشات عمل: من العربية إلى الانجليزية واشرف عليها الناقد فخري صالح، ومن الانجليزية إلى العربية وأشرف عليها الدكتور محمد عصفور، ومن الفرنسية إلى العربية واشرف عليها الشاعر والمترجم الدكتور كاظم جهاد، ومن الألمانية إلى العربية وأشرف عليها الدكتور مصطفى السليمان. وعن مجريات العمل وبرنامجه فيما يتصل بورشة النقل من الفرنسية إلى العربية، بوصف ذلك نموذجا للورشات الأخرى مع بعض الفروقات، قال كاظم جهاد: “لقد تم الاشتغال على ترجمة العديد من النصوص السردية والنقدية، وشارك في الورشة طلبة من جامعة السوربون ـ أبوظبي إلى جوار مترجمين محترفين من غير بلد عربي”. وأضاف :”خلال الورشة، جرى التعريف، نقديا، بمؤلف النص وبالنص نفسه ومكانته بالنسبة لتجربة المؤلف ككل، وكذلك بعض الإضاءات الأسلوبية والتاريخية والتأويلية وتلى ذلك قراءته بصوت عال وبطريقة تُبرز طبيعته اللغوية والإيقاعية، وهكذا بدأ كل مترجم بنقل النص عبارة فأخرى بإشراف الميسّر وبعد ذلك تمّ عرض الترجمات على شاشة البروجكتور حيث قام الحاضرون بما فيهم الطلبة بمناقشة الصيغ المقترحة للعبارات فطرح الطلبة أسئلتهم بخصوص الدلالات في سياق من التفاهم والحوار الفعّال”. وفيما يتصل بطبيعة التفاعل مع المشاركين في الورشة، ختم كاظم جهاد بالقول: “كان التفاعل إيجابيا جدا، وأحسست من خلال الفضول المعرفي لدى العديد من المشاركين ان الطلبة، تحديدا، قد استفادوا من هذه الورشة بدءا من يومها الأول”. ومن جهتها أشارت المترجمة المشاركة في ورشة النقل من الانجليزية إلى العربية سارة عناني من مصر إلى أنه قد جرى “مناقشة قضايا مختلفة خلال الورشة ذات صلة بمختلف مراحل الترجمة بدءا من ترجمة الأسماء الأجنبية ومرورا بترجمة عناوين الأعمال الأدبية وليس انتهاء بالخلاف حول ترجمة الشعر منثورا أم منظوما وسوى ذلك من القضايا كالاتفاق على معاني الكلمات التي شاعت ولو كانت خطاً حي أصبحت جزءا من اللغة”. واضافت: “لقد كان باب النقاش مفتوحا حول هذه القضايا وقدم العديد من المشاركين خبراتهم في التعامل مع هذه القضايا. ثم جرت مناقشة حول ترجمة النصوص التي أُرسلت إلينا إلكترونيا قبل انعقاد المؤتمر وتناولنا بعضا من جوانبها من حيث الصواب والخطأ والممازجة بينهما، ونتج عن ذلك مناقشة ثرية، لأننا في معظمنا، نحن المشاركين هنا، من الذين يمارسون الترجمة عمليا”. وعن مدى استفادتها من هذه الورشة كمترجِمَة ممارِسة قالت: “لا أستطيع الرد بالقول بأنني استفدت بنسبة 70 أو 90 بالمئة، لكن الالتقاء بمترجم علامة من طراز الدكتور محمد عصفور يمثل بالنسبة لي فرصة كما أنني أعتز بمجمل النقاشات التي أدارها في الورشة ولرؤاه المختلفة حول مسألة الترجمة”. وفيما يتعلق بمستقبل هذه الورشة، ختمت سارة عناني بالقول: “أعتقد أن المطلوب هو زيادة الجانب التطبيقي من الورشة بحيث يتسنى العمل على إنتاج نصوص مترجمة تكون نتاجا فعليا للورشة نفسها وأنني لا أعرف كيف من الممكن ان يتم هذا الأمر إجرائيا وذلك بسبب العدد الكبير من المشاركين في الورشة”. اما المشارك في الورشة ذاتها علي المجنوني من السعودية فوصف نفسه بالقول: “إنني مترجم من العربية إلى الانجليزية يشقّ طريقه وما أزال في البدايات، وقد ترجمت نصوصا أدبية لكنني لم أقم بنشرها بعد”. وأضاف: “إنه لمن الجميل أن يكون المشرف على الورشة مترجما محترفا من طراز الدكتور محمد عصفور الذي هو أحد أعلام الترجمة في العالم العربي فضلا عن حضوره البارز في المشهد الأدبي، إضافة إلى الزملاء المشاركين في الورشة الذين جاؤوا من خلفيات مختلفة، الأمر الذي أضاف غنى لمشاركتي في الورشة، أيضا طبيعة القضايا والإشكاليات التي تمت مناقشتها عبر اليومين والتي اتسمت بالتعدد وهو ما من شأنه أن يساعدنا على الإلمام بالترجمة فنّا وعلما”. وفيما يتصل بمستقبل الورشة، قال المجنوني: “ليست لدي رؤية واضحة بهذا الصدد لكن أتمنى أن يكون هناك تواصل بين المشاركين أنفسهم من جهة وكذلك بينهم وبين الميسرين بهدف تطوير مهاراتهم أكثر والاستمرار في هذه العملية دون انقطاع، أي بحيث يكون هناك نوع من التواصل الدائم مع النص ومع المشرف على الترجمة لأنني اتوقع أن المترجمين هم دائما أصدقاء ويدورون في فلك البحث عن كل إنتاج أدبي إنساني بهدف نقله إلى العربية بهدف خلق وعي ترجمي عربي عام”. وتعليقا على مجريات المؤتمر ككل، قال الدكتور مصطفى سليمان: “من الواضح أن هناك مدرستين، إحداهما تلقينية هي مدرسة الإمام والمأموم التي تقوم من وجهة نظر المترجم على أنني الحق والحقيقة وانني أمتلك الكفاءة وأنتم تستمتعون وتنفذون، وهذا امر في اكتساب مهارات الترجمة يتناقض مع الابداع كون الترجمة عملية ابداعية قائمة بحد ذاتها. هذا المر يذكرنا بحادثة العام 1923 عند صدور الكتاب الشهير “في الشعر الجاهلي” لطه حسين عندما تمت مهاجمة محاولة النظر إلى الشعر الجاهلي من وجهة نظر غير سائدة”. وأضاف: “هذه المدرسة في الترجمة تعيدنا إلى ما قبل عصر التنوير الحديث، وهذه المدرسة هي سبب من أسباب تراجع الترجمة في العالم العربي إن لم نقل تخلفها أيضا”. وزاد: “أما المدرسة الأخرى، فهي التي تعتمد على الابداع النقدي حيث تقوم على فهم النص في سياق علاقته بمحيطه ثم نقله بحيث يتسنى له العيش في حاضنة لغوية أخرى وباستخدام أدوات للنقل تتوفر عند المترجمين كأفراد ما يمنح النص المترجَم لونا وطعما ورائحة، وهو أمر يرتبط بالشخص وثقافته وموقفه النقدي من الابداع”. اما عن مستقبل هذا النوع من الورشات، فقال: “نحتاج إلى فهم النص في الثقافة التي نشأ فيها وإلى فهم ماهية النقل من ثقافته الأصلية إلى أخرى جديدة ومناخ جديد بحيث يتوافر للنص قارئ جديد ومؤول جديد في ظروف ثقافية أخرى” وخلص الدكتور مصطفى سليمان إلى القول: “إجرائيا، ليس أمامنا سوى أن نستمر في الترجمة والتخلص نهائيا من التلقين لأنه لا يتيح لنا أن نقدم مترجمين مبدعين أو ترجمة إبداعية بل إن التلقين حجر عثرة في سبيل تطور الترجمة إلى العربية من أي لغة، هذه الترجمة التي تقربنا من الآخر وثقافته مثلما تقربنا إليه، وسوى ذلك فإننا سنبقى نراوح في مكاننا”. وبحسب الميسّر الناقد والمترجم فخري صالح فقد رأى في فاطمة البلوشي طالبة السنة الرابعة في كلية العلوم الانسانية ـ قسم دراسات الترجمة في جامعة الامارات بالعين، والتي تقطع، وزميلاتها الطالبات، مسافة المائة واربعين كيلومترا في المجيء مثلها في الإياب، واحدة من أبرز المشاركين في ورشة النقل من العربية إلى الانجليزية. سألتها “الاتحاد” عن مدى اكتسابها لمهارات جديدة تختلف عن تلك التي اكتسبتها في الجامعة فردّت بالقول: “بالتأكيد فلقد اكتسبت مهارات جديدة على مدى اليومين السابقين، ولو قُدِّر لي أن أعيد لاحقا ترجمة ما ترجمته خلال الورشة فأعتقد أنني ساترجمه على نحو أفضل وأكثر دقة”. وعن طموحها في استكمال دراستها العليا في الترجمة الأدبية، قالت: “طبعا أحبّ أن أستكمل دراستي في الترجمة لكن ليس في حقل الترجمة الأدبية، لأنني أحب قراءة الأدب في لغته الأم ثم لأن ترجمة الأدب تُفقده الكثير من جمالياته، إذ أن المترجم يضطر للتغيير والتعديل ليصبح النص مقبولا في سياق ثقافي آخر مختلف عن سياقه الطبيعي الذي نشأ فيه”. وختمت بالقول: “إن نوع الترجمة الذي أحب أن اواصل فيه دراستي الأكاديمية هو حقل الترجمة القانونية”. وكانت ورشات العمل التي أقامها المؤتمر للمترجمين المحترفين المخضرمين والشباب قد شهدت فاعلية واضحة، حيث شارك الجميع في النقاشات، التي كان واضحاً أنها شدّت الجميع دون استثناء وحفزته على طرح الأسئلة ومناقشة الأفكار، فيما طرح العديد من المشاركين أفكارا كانت غاية في الأهمية وفق رأي المشاركين ووفق شهادة مدراء الجلسات أنفسهم. ولم يخف مديرو الورش إعجابهم بمستوى المشاركين داخل ورشات العمل، وأشادوا بحرفيتهم وطموحهم وتنظيم أفكارهم، كما كانت طبيعة النقاشات الثرية مثار ثناء للعديد من المشاركين، من كافة الأعمار وبمختلف مستويات الخبرة. ورأى مشاركون أن السبب الأساسي في نجاح طبيعة ورشات العمل وسير فعالية الورشة يعود إلى التصور المشترك لدى كافة المشاركات والمشاركين بأن الورشة لا تقوم على أساس وجود معلم وطالب أو أساس تعليمي كلاسيكي تقليدي، وإنما على أساس التفاعل السوي المتبادل والمسؤول بكل المحاور، فيما سعى المشاركون إلى الارتقاء بالحوارات والنقاشات إلى مستوى يمكن أن يؤسس لنمو وتطور في الترجمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©