الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مغالطات ابن بشارة في الأزمة القطرية

مغالطات ابن بشارة في الأزمة القطرية
13 يوليو 2017 00:43
في ورقة بحثية حول أسباب ومآلات الأزمة القطرية، نشرها «المفكك الاستراتيجي» عزمي بشارة «المربي والمعلم السياسي» لأمير قطر، اعتبر ابن بشارة أن السياسة الخارجية القطرية، بما تتسم به من سمات، هي السبب في ما يحدث لقطر، وزعم أن علاقات قطر المتينة مع الولايات المتحدة وامتلاك الدوحة قدرة عالية على الانفتاح في الوقت نفسه على القوى الإقليمية الأخرى تفسر ما يدور في منطقة الخليج العربي. وسأناقش في هذا المقال ما ورد في هذه الورقة غير البحثية، بصفتي باحثاً، وهنا أتوقف عند نقاط عدة، أولاها قوله، إن سياسات قطر منذ إطلاق قناة «الجزيرة» اتسمت بـ«الانفتاح»، فاستضافت من يصفهم ابن بشارة في ورقته بـ «الإعلاميين والمثقفين والناشطين من مختلف التيارات السياسية والفكرية الليبرالية والقومية واليسارية والإسلامية»، وهذا صحيح في ظاهره، ولكن ما لم أستطع فهمه هو علاقة الانفتاح باستضافة كل هؤلاء الملاحقين والإرهابيين والفارين من دولهم، وما علاقة الانفتاح باحتضان المطاردين؟ ثم إن نظرة واحدة على من تستضيفهم فنادق الدوحة تشير إلى أن الأمر لا علاقة له بالانفتاح والانغلاق، بل بسياسات تآمرية مريبة، فهناك رموز جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وهناك قادة حركة حماس، وهناك عناصر الحوثي وعناصر حركة طالبان الأفغانية، ومتمردون من فصائل وميلشيات يصعب حصرها، فكان لزاماً على ابن بشارة أن يفسر لنا علاقة كل هؤلاء بالانفتاح الذي يزعمه! الأمر الثاني أن الورقة تتحدث عن مظاهر انفتاح قطر وتميزها، وتشير إلى أنها أولت قضايا المرأة اهتماماً كبيراً وقامت بـ«لبرلة» التعليم وفتح فروع للجامعات الأميركية، والمؤكد أن الجميع يعرف أن قطر ليست سباقة مطلقاً في هذا النطاق، فدولة الإمارات لها الصدارة في مسألة قضايا المرأة وتطوير نظم التعليم، ومع ذلك فلم تتخذ من ذلك ذريعة للافتئات على حقوق بقية دول الجوار والتدخل في شؤونها بحجة الانفتاح أو استنساخ النموذج أو تسويقه، وغير ذلك من تلميحات مبطنة نعرفها عن اتباع قطر ومواليها. الأمر الثالث يتعلق بزعم ابن بشارة أن السياسة الخارجية والإعلامية المنفتحة لقطر كانت مصدر إزعاج لبعض الحكومات العربية والخليجية، طيلة العقدين الماضيين، وهذا قد يكون صحيحاً إلى حدٍّ ما، ولكن السبب لا يمكن في ما يسميه بالانفتاح أو الانغلاق، فهذا شأن قطري، ولكن السبب يتعلق بالتدخل الفج في شؤون الدول الأخرى، وإطلاق الآلة الإعلامية القطرية للتحريض، والجميع يعرف تفاصيل هذا الملف، ولن أزيد فيه كثيراً، فالكل يعرف دور قطر الخبيث في اللعب بورقة الإعلام، وفتح ملفات شائكة للضغط على الحكومات العربية من أجل تحقيق أهداف لم تكن واضحة للكثيرين، حتى انكشف كل شيء وظهر على حقيقته في عام 2011، حيث أدت «الجزيرة» الدور الذي كانت تتهيأ له منذ انطلاقها عام 1996، ولعبت دور البطولة في التحريض، ونشر الشائعات، والترويج للاحتجاجات وإطاحة الأنظمة الحاكمة، ونشر الفوضى في دول عربية عدة. الأمر الرابع أن ابن بشارة يحاول في ورقته تسويق الفكرة القائلة، إن الخلاف مع قطر نابع من الخلاف في المواقف حول ما يسميه بـ «المد الثوري» عام 2011، ويزعم ابن بشارة أن أزمة سحب السفراء عام 2014 توقفت عند هذا الحد ولم تتخذ أبعاداً أخرى «نتيجة حالة القلق التي انتابت عواصم الدول الخليجية من سياسات إدارة أوباما الثانية»، وهذا كلام لا يمت بصلة للبحث العلمي، الذي يفترض فيه الصدق والموضوعية والنزاهة، فابن بشارة يكذب كذباً بواحاً، ويتجاهل أن الأزمة السابقة انتهت؛ لأن قيادة قطر أعلنت ظاهرياً موافقتها على مطالب دول مجلس التعاون، وادعت الاستجابة لشروطها وتم توقيع اتفاق الرياض، وإلا فمن أغلق قناة «الجزيرة مباشر مصر»، ومن أمر الإعلام القطري بالتوقف وقتذاك عن مهاجمة الشقيقة مصر وسياساتها؟ ومن قام بترحيل بعض رموز جماعة الإخوان الإرهابية إلى تركيا؟ هذا الكلام يعني ببساطة أن ابن بشارة قد ضبط متلبساً بالكذب والخداع وإخفاء الحقائق! الأمر الخامس أن ابن بشارة يقول، إن الأزمة الحالية هي استئناف لصراع قديم حول دور قطر ومواقفها وسياساتها الخارجية، وهذا الكلام يستهدف الترويج لسيناريو الضحية والمظلومية الذي تقوم عليه استراتيجية قطر في التعاطي مع الأزمة الحالية، فالأمر لا يخص دور قطر الذي لا يؤثر سلباً في دور دول مثل السعودية والإمارات ومصر والبحرين، فليس صحيحاً أن هذه الدول الأربع، بما هو معروف عنها من تأثير إقليمي ودولي، قد اجتمعت للجم دور قطر! فهذا هراء مردود عليه في المطالب التي وضعتها الدول المقاطعة الأربع، فمجمل تلك المطالب يصب في خانة معالجة الأضرار الناجمة عن سياسات قطر الخرقاء في المنطقة، فلم تطلب تلك الدول، مثلاً، قطع علاقات قطر مع تركيا، بل طالبت بعدم إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر، وهذا مطلب يستهدف إبعاد منطقة الخليج عن سياسات الاستقطاب والصراعات بين القوى الإقليمية، ولا علاقة له بمصالح قطر الاستراتيجية مع تركياً! الأمر السادس أن ابن بشارة يقول، إن الحملة على قطر قد بلغت «حدّ توجيه الشتائم للأسرة الحاكمة»، وهذا زعم لم يحدث من الإعلام الخليجي، ولكنه حدث عشرات المرات حتى قبل هذه الأزمة من الإعلام القطري، الذي اشتهر عنه فتح الهواء للسب والقذف بحق القادة والرؤساء العرب، وتحديداً القيادة المصرية في السنوات الأخيرة، وأعتقد أن هذا أمر لا مجال لنفيه من ابن بشارة أو غيره، فكيف تعطي قطر نفسها الحق في النيل من سمعة القادة العرب، وتستنكر هذا الأمر إن حدث من آخرين بحقها؟! الأمر السابع أو الأكذوبة الكبرى في ورقة ابن بشارة، يتمثل في قوله «حول علاقتها (قطر) بالإخوان المسلمين، فقد أعلنت قطر أنها لم تدعمهم ولا تدعمهم وتختلف معهم»، ألا يعد هذا الكلام مثيراً للسخرية، ومن المخزي أن يصدر على لسان من يدعي أنه باحث ومفكر سياسي؟! عموماً، من الخطأ هدر الوقت في إثبات فساد هذا الادعاء، فهو باطل واضح للجميع، بمن فيهم القطريون أنفسهم، الذين يعرفون جيداً حجم دعم بلادهم لتنظيم الإخوان الإرهابي سياسياً ومادياً! الأمر الثامن، يتعلق بمحاولة ابن بشارة الرد على دلائل تمويل قطر للإرهاب، ووصفها بالشائعات، وأعتقد أنه بحاجة لإثبات ذلك للبيت الأبيض وليس للدول المقاطعة فقط، فالرئيس ترامب اتهم أيضاً قطر بدعم الإرهاب، وعلى قطر مراجعة روافد تمويل الإرهاب، بدلاً من سياسة الإنكار التي لن تفيدها في شيء. * كاتب إماراتي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©