الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيها العقل من رآك؟

أيها العقل من رآك؟
31 أغسطس 2016 19:56
عبدالله القصيمي إعداد وتقديم: عبير زيتون ينصحنا الشاعر الراحل أنسي الحاج: اقرؤوا القصيمي. لا تقرؤوا الآن إلاّ القصيمي. كم حلمنا أن نكتب بهذه الشجاعة! كم هربنا من قول ما يقول! كم روضنا أنفسنا على النفاق، وتكيفنا، وحطمنا في أنفسنا الحقيقة، لكي نتقي شر جزء مما لم يحاول القصيمي أن يتقي شر قوله في كتبه. ويهجم على الكلمة هجوم بائع الدنيا بكلمة. وتقتحمك كلماته التي لا تتوقف اقتحام الحريق المتصاعد. ضد كل شيء. ويكتب الحاج عن الراحل «القصيمي في كتابه (كلمات كلمات كلمات) الجزء الأول 1987 قائلاً: كتاباه «هذا الكون، ما ضميره؟» و«كبرياء التاريخ في مأزق» لم أعرف مثلهما في الأدب العربي تحريضاً وإشاعة عصيان. هو ليس مفكّراً يشرح نظريات، إنه القاموس العربي، وقد استحال صراخاً ضد التزوير، بمعناه التاريخي، ضد القمع والتخلف والسدود كلها. هذا الرجل القادم من الصحراء. السعودي المقاتل كلّ شيء، الرافض كل شيء، الحر في وجه كل شيء، يتكلم كالشهيد الحيّ. ماذا يريد؟ يريد أن يفرّغ الدنيا العربية من نفسها ويؤلفها على الحرية، والعقل والكرامة. كُتُبُه فضيحة تاريخية. فضيحة أن يكون العربي قد ظلّ حتى الآن خالياً من عبداللّه القصيمي. فالقصيمي (1907 9 يناير 1996) يرفع يده المعروقة، المؤلمة الجارحة، وينزل تمزيقاً. وحيداً صارخاً في الصحراء. و لا يرتاح له عَصَب. ولا يتراجع منه اللسان. ولا تصدقه عيناك! من قلب الصحراء نَبَت. في الصحراء فجأة، نَبَت كالشوكة كالفاجعة. نبت ضد الطبيعة. وحيث مشى في الصحراء صارت كل حبة رمل بَطَلة. وصار في الصحراء شجرة عظيمة. أنا احتجاج، أنا رفض دائم، أنا لست مذهباً، لست معلماً، لست صانع قيود، لست حامل قيود، أنا أرفض الطغيان، والقيود، أنا أنقدها. *** إني أنقد لأني أبكي وأتعذب، لا لأني أكره وأعادي. أنقد الإنسان لأني أريده أفضل، وأنقد الكون لأنه لايحترم منطق الإنسان، وأنقد الحياة لأني أعيشها بمعاناة بتفاهة، بلاشروط، بلا اقتناع، بلا نظرية. *** إن إيماني لا حدود له، ولشدة اطمئناني إلى إيماني، لم أخف عليه من بعض التعبيرات التي قد تجيء متبرمة غاضبة. لقد وثقت بقوة الإله والأديان، والأنبياء في نفسي، وفي نفوس الناس من حولي، فلم أضف على الله ولا على الأنبياء والأديان من الألفاظ. ولو أني خفت هذا الخوف لاتهمت إيماني بالضعف والهوان. فالذين يخافون على إيمانهم من الكلام، قوم لا يثقون بإيمانهم. *** ما أقسى وأدوم عذابي لأنني أنا «عبدالله القصيمي» قد أكون وحدي الرائي لقومي هذه الرؤية.. ما أفدح وأشمل وأدوم عذابي بقومي ولقومي... آه.. إننا نتعذب بقدر ما نحب.. هل يمكن أن يتعذب من لا يحبون؟ *** إنى أنتقد الإنسان بقسوة لأني أتألم له... لأنه ليس سعيداً كما أريده، ليس عظيماً كما أريده، ليس نظيفاً كما أريده. إنى أريده فوق ما هو، فوق ما هو. *** إننا لا نعادي المخالفين لنا لأنهم ضد الفضيلة أو ضد الإيمان والحق، ولكن لأنهم ضدنا. إنهم مخطئون لأن إرادتهم ومصالحهم تُناقِض مصالحنا وإرادتنا. *** إن كلَّ تربية البشر الأخلاقية والاجتماعية الصالحة تعني تعليمهم نوعًا من السلوك، لا نوعًا من الشعور والحب، لأن الشعور والحب لا يُعلَّمان. *** الغباء مثل الخبز: غذاء يومي للجماعات، لا تستطيع أن تعيش بدونه. والذكاء لا يعيش إلا في ضجيج من الغباء. *** الإنسان لا يريد المعرفة التي تعذِّب إرادته، وهو يفضل أن يكون مغفَّلاً سعيدًا على أن يكون ذكيًّا معذَّبًا. *** الذي يقول أقاتلك دفاعًا عن الله أو عن الحرية أو عن النظام والعدل إنما يعني الدفاع عن أسلوب من الحياة قد رتَّب مصالحَه عليه. *** الحياة خصمٌ دائمٌ للنزاهة والنظافة. *** المعرفة هي الفضيلة، لأنك إذا عرفت الشيء فسوف تريده أو لا تريده، فتفعل ما تريد. *** جميع الكائنات المعروفة لنا – عدا الإنسان – تعيش بالحقيقة، والإنسان وحده تقتله الحقيقة؟ *** الناس لا يتحدثون عن الأشياء كما هي، بل كما يريدونها. *** الذين لا يشكون هم الذين لا يعلمون. فالعلم دائماً شك، والجهل يقين. وكلما تعلمنا الشيء وأحطنا به ازددنا شكا. والمبصرون أكثر من العميان شكا في مرئياتهم. *** إن الإنسان إذا عجز عن أن يكون كما يريد، راح يفعل ما لا يريد. إنه إذا عجز عن الانتصار ذهب يصنع الهزيمة. *** ليست أفكارنا مسؤولة عن أخطائنا، ولكن نحن المسؤولون عن أخطاء أفكارنا. *** إن (السجود الفكري) هو المشرِّع لكل أنواع العبوديات الأخرى. *** إن الحزن والبكاء هما أنبل العواطف الإنسانية أمام طوابير العذاب والتفاهات التي لا نستطيع لها علاجاً. ما أفظع ألا تكون مبصراً ولا حساساً، ثم لا تكون حزيناً، ولا ناقداً، وما أفظع ألا تكون مبصرا، ولا حساسا. إن هذا الموقف تحت مستوى الأخلاق، تحت مستوى الإنسان. إن الإنسان هو وحده الذي يبكي يحزن، وينقد ويفكر ويتعذب بالرؤية والخيال. *** لا يُخشى على الإيمان من الصدق مهما كان، وإنما يخشى عليه من النفاق والادعاء والحديث عنه بلا فضيلة سلوكية ونفسية. إنه حينئد لا يعني غير مقاومة فضائل الدين تحت شعار الدين. *** إِنّ الجُمود عَلى الخُرافة مثل الجُمود على الحقِيقة، كلاهما يُعطّل نمو الحياة. *** كل الشعوب تلد أجيالاً جديدة إلا نحن نلد آباءنا. *** إن الشعوب العظيمة تبدع أفكاراً عظيمة، ولكن الأفكار العظيمة لا تبدع شعوبا عظيمة. *** إن الذين يعيشون بلا نهار، لن يبكوا الشمس إذا قتلها الطغاة... إذا سرقها اللصوص. *** إن نَقد الذات هو أحدُ الفروق الكبيرة بين البشر، فالأقوياء يدركون نَقائصهم، ويُركزون عليها نَظراتهم بِغضب، ويُدركون أَن الحياة حركة، وأَنّ الحركة تَغيير، والتّغيير نقد، إذن النقد هو الحياة. *** في كل عصر كان يُعتدى على الكلمة، لكن عدوان هذا العصر عليها لا مثيل له في وحشيته وجنونه وبذاءته. *** إذا حاولنا أن نتلمس في تاريخنا نفسه، مكان أولئك الأفذاذ القلائل الذين لمعوا في سماء الشعر أو الأدب الخالد، أو قاموا بنظريات علمية لها بقاء وخلود، أو جاؤوا بفلسفة ذات شأن معترف به بين الفلسفات، لم تجدهم إلا بين أولئك الذين وصفوا بالتمرد والانحلال الديني، أمثال المتنبي وأبي العلاء وابن الرومي والجاحظ وابن سينا والرازي والفارابي وابن رشد وجابر بن حيان والحسن بن الهيثم وسواهم. *** إن أغلال البشر ليست بإيمانهم بل في وجودهم. وهي أغلال لا تصنعها السماء بل تصنعها الأرض. *** طغت الجهالة على العالم الإسلامي، واستبدت به استبداداً مبيناً وأجهزت على كل الحرية الفكرية عنده، وسرقت من العقل وظيفته، فاعتاد أن يأخذ الأشياء قضية مسلمة، وألا ينظر أو يفكر، أو يبحث، أو يشك... بل اعتاد أن يأخذها أخذ تسليم، دون فهم ودون رغبة في الفهم، فأصبح من أخلاقه التي تكاد تكون طبيعيه، أن يصدق كل شيء، أو يقبل كل شيء وألا يحاول فهم شيء، وصار التصديق وتبلد الحاسة العقلية من الصفات المميزة له والمسيطرة عليه وصفة له. *** عقائد الإنسان، ومُثُله التي آمن بها حينما كان يروعه خسوف القمر لايمكن أن تظل هي عقائده ومُثُله بعد أن أصبح يصنع الأقمار، ويغزو الفضاء. *** الخوف وليد الجهل، فإن من يجهل الشيء يخافه. *** إن الخلاف بين الشعوب والأفراد ليس على المذهب والتفكير، ولكن على الكينونة والإرادة. *** الإنسان المتحضِّر هو الإنسان الهمجي بأسلوب حضاري. *** إن العالم الذي ينتصر في محاولاته العلمية، لأبعد عن مخاصمة نفسه، ومخاصمة الآخرين، من العالم العاجز. ...................................... المختارات من كتب: هذه هي الأغلال، عاشق لعار التاريخ، العرب ظاهرة صوتية، أيها العقل من رآك؟، يا كل العالم لماذا أتيت؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©