الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمية الدينية قنبلة موقوتة في المجتمع الإسلامي

27 ابريل 2012
أحمد مراد (القاهرة) - “اقرأ”.. كان أول أمر إلهي يتلقاه رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- من الله عز وجل، وهو ما يؤكد اهتمام الإسلام بالعلم والثقافة، وفي مقدمة ذلك التفقه بأمور الدين ومعرفه أحكامه وتعاليمه، ويبدو أن المسلمين اليوم تناسوا هذا الأمر الإلهي، وباتوا لا يعرفون دينهم جيدا، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الأمية الدينية في المجتمعات العربية والإسلامية، ويكفي أن نشير إلى تقرير صدر منذ عدة سنوات حذر من أن 70 في المئة من سكان بعض الدول الإسلامية تحت دائرة الأمية الدينية، إما جهلاً بالعقيدة الإسلامية، أو بمقاصد الشعائر والعبادات، مما تسبب في ظهور جرائم لم تكن معروفة من قبل. خطر حقيقي ويرى الشيخ محمود عاشور -وكيل الأزهر الأسبق -أن الأمية الدينية تمثل خطرا حقيقيا على الإسلام يأتي من داخل المجتمعات الإسلامية نفسها، محملا المؤسسات والجامعات الإسلامية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي مسؤولية ارتفاع معدلات الأمية الدينية في صفوف الأجيال الناشئة. ويؤكد أن الخطاب الدعوي غير الرشيد، والخطاب المستنير لعب دورا كبيرا في تفشي ظاهرة الأمية الدينية في العالم العربي، حيث من البديهي أن الفكر المنحرف لاينتشر إلا عندما يتراجع الفكر المستنير،‏‏ ولا يظهر الدعاة الادعياء إلا عندما يضعف تأثير الدعاة الحقيقيين، وينشغلون بأمور أخرى عن القيام برسالتهم‏. ويقول الشيخ عاشور أن خطورة الأمية الدينية تأتي من أنها تخرج جيلا من المسلمين لا يعرف دينه، وبالتالي يسيء إلى نفسه ومجتمعه، وإلى الحياة كلها، ويكفى أنه يخلط بين الحلال والحرام، فيرتكب الحرام على أنه حلال، والحلال على أنه حرام، كما أنه بسبب الأمية الدينية فإن الأغلبية تصدق كل من يتحدث باسم الإسلام ولاتفرق بين الصحيح والزائف‏،‏ وملايين المسلمين لايحصلون على معلوماتهم إلا عن طريق السماع، ولايعرفون من الأحكام إلا حكمين فقط، هما الحلال والحرام‏ وقد اقنعهم الدعاة الأدعياء بأن الإسلام ينحصر في النقاب، واطلاق اللحية، وتحريم النظر الى المرأة أو مصافحتها، وتحريم الموسيقى والفنون. نشر الثقافة الإسلامية ويطالب وكيل الأزهر الأسبق المؤسسات الحكومية بالدول العربية بالعمل على نشر الثقافة الإسلامية لتكون ثقافة شائعة بين أجيالها الجديدة، مستنكرا اهتمام الحكومات بالثقافات الترفيهية وانشغالها عن الثقافة الإسلامية التي من شأنها أن تحافظ على هوية المجتمعات العربية، مشددا على ضرورة وضع برنامج ومنهج متكامل للتربية الدينية يبدأ الطفل المسلم تلقيه منذ الصغر ثم ينتهي في الجامعة، على أن يكون هناك معلم متخصص للتربية الدينية في المدارس والجامعات، خاصة أن كل الجامعات في العالم العربي تهمل الثقافة الإسلامية باستثناء الجامعات الإسلامية. وترصد د. عفاف النجار -عميد كلية الدراسات العربية والإسلامية “بنات” بجامعة الأزهر- الأبعاد الخطيرة التي تترتب على الأمية الدينية، وفي مقدمتها أنها تحول دون تقدم المجتمع وتطوره، كما تؤدي إلى محو الشخصية الإسلامية، وبذلك يتحول المجتمع الإسلامي إلى “مسخ”، وتكون علاقته بالآخرين علاقة “تابع بمتبوع” لأن البديل لمن لم يع دينه هو التبعية للآخرين سواء بالفكر أو الاعتقاد. وسائل جادة وتحذر د. عفاف من خطورة امتداد التأثير السلبي للأمية الدينية إلى الأجيال القادمة، إذ إن الشاب الذي لا يعرف دينه ويجهل تعاليمه وأحكامه وثقافته سوف يربي أولاده على ذلك، فتتوارث الأجيال المتعاقبة الأمية الدينية، وتزداد المجتمعات العربية والإسلامية ضعفا مع هذا التوارث. وتدعو د. عفاف إلى محاربة الأمية الدينية بأساليب ووسائل جادة من خلال وضع استراتيجية شاملة تعلىمية وإعلامية وثقافية،مع العناية باختيار من يتصدون للدعوة الإسلامية وحسن إعدادهم وتدريبهم، وأن تيسر لهم الحكومات العربية والإسلامية سبل أداء رسالتهم بالمستوى المطلوب ورعايتهم مادياً وأدبياً وعلمياً مع الاهتمام بالمؤسسات المعنية بالدراسات الإسلامية، ودعم دورها في تخريج العلماء والمثقفين المتفقهين في الدين، والذين يجمعون إلى جانب الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح كفاية علمية وعملية ومهنية. تهديد للهوية ويستنكر د.يوسف قاسم -استاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر- تفشي ظاهرة الأمية الدينية في عالمنا العربي بمعدلات كبيرة تهدد هويته الإسلامية، مؤكدا أن تجاهل هذا الأمر سوف تترتب عليه أخطار جسيمة تجعل المجتمعات العربية “هشة” وضعيفة وقابلة للذوبان في الثقافات الاجنبية التي لا تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا ومبادئ ديننا الحنيف. ويقول د. قاسم: للأسف الشديد تلعب بعض المؤسسات الدينية والإعلامية دورا كبيرا في نشر الامية الدينية، إذ إنها تبقى مجرد مجالس وعظية لاتحقق الوعي والمعرفة الحياتية الميدانية لأفراد المجتمعات العربية، بل تسهم في بعض الاحيان في ترسيخ الامية والتحريض على العنف والتشدد من خلال تبني هذه المؤسسات بعض الافكار والمفاهيم المغلوطة. ويضيف: وإذا كان الشباب هم مصدر قوة المجتمع العربي والإسلامي، فإن هذه القوة تنبع من تمسكهم بالدين وتمكنه في نفوسهم، ويدافعون عنه بكل ما أوتوا من قوة، ومن ثم فإن لم يكن الشباب أقوياء بدينهم، فإنهم سيتحولون إلى لقمة سهلة الابتلاع في أفواه أعدائهم المتربصين بالأمة الإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©