الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العمل الجماعي وتحمل المسؤولية العلاج المثالي لـ «أنانية الأطفال»

العمل الجماعي وتحمل المسؤولية العلاج المثالي لـ «أنانية الأطفال»
10 مايو 2014 20:38
كثيراً ما يتعجب الآباء والأمهات من تصرفات أطفالهم، ويتساءلون: لماذا يتصرف طفلي بكل أنانية هكذا؟ من أين أتى بها؟ ومن أين تعلم هذه الصفة؟ من المؤكد أن السائل يغيب عنه حقيقة تتعلق بطبيعة نمو الطفل، فالأنانية وحب التملك، صفة عامة وطبيعية تظهر مبكراً عند جميع الأطفال، لكن بدرجات متفاوتة، وتستمر عادة حتى الخامسة أو السادسة من العمر، وهذه الحالة نابعة من شعور الطفل بأنه والعالم جزء واحد، بل أنه مركز هذا العالم، وأن كل ما في العالم ملكه وحده، فكل شيء يريده يمكن أن يمتلكه. إدراك الطفل يبدأ في اكتشاف خطأ هذه الحقيقة تدريجياً حتى تختفي، عندما يشعر أنه في حاجة إلى التعاون مع زملائه الآخرين في اللعب، وللاستفادة أيضاً بما يمتلكونه من ميزات. لكن في كثير من الحالات تكبر الأنانية في نفس الطفل وتصبح إحدى خصاله نتيجة التربية الخاطئة. خورشيد حرفوش (أبوظبي) عادة نرى أن الطفل يتعود مبكراً على أن يحصل على ما كل يريد حتى ولم يكن يمتلكه، فعندما يقف أحد أمام تحقيق هدفه، أو يحول دون إشباع رغبته، فإنه يثور ويغضب، بل ويركل كل شيء حوله. وقد تسأل الأم نفسها: هل كنت السبب في وصول ابني إلى هذا التصرف الأناني؟ ما هي حقيقة هذه الصفة؟ وكيف يتعامل معها الآباء والأمهات مبكراً وبشكل صحيح مع الطفل حتى لا تتحول إلى سمة سلوكية تلازمه طيلة حياته، وتصبح علامة من علامات شخصيته؟ وكيف يتمكن الآباء والأمهات من إعادة تقويم سلوك الأبناء حتى لا يصبح التصرف الأناني عادة متأصلة فيهم؟. الأسباب تشير «هدى ربيع» اختصاصية التربية الخاصة، إلى أن الأطفال الأنانيين هم من يهتمون بأنفسهم أو بمصالحهم دون الاهتمام بغيرهم، حيث إن نظرة الأنانيين تقتصر على حاجاتهم الخاصة. واهتمام الطفل الأناني مركز على نفسه فقط، وهذا ما يميزه عن بقية الأطفال العاديين. وعادة ما نجد أن مفهوم الأطفال الأنانيين عن أنفسهم مفهوم غير واضح، ونظراتهم إلى الآخرين نظرة سالبة، حيث ينقصهم الانتماء للجماعة ويجدون صعوبة في علاقاتهم مع الأطفال الآخرين ومع أقرانهم. الأنانية عند الطفل قد تنجم عن سعي الأهل الدائب لإتاحة كل شيء أمامه، من أجل أن تكون الأمور جميعها لديه على ما يرام، ومحاولتهم لإشباع كل رغبة يبديها طبيعية كانت أم نزوة عابرة دون تمييز، معرضين بذلك أدنى رغبة يبديها لإظهار المبادرة الذاتية أو الاعتماد على النفس إلى الفناء، خاصة لدى أولى الخطوات الصعبة التي يقوم بها، وأخيراً المبالغة في الإطراء على الطفل والثناء الزائد على مناقبه. إن هذا السعي لتحقيق جميع ما يطلبه الطفل يقود إلى تبدلات جوهرية في نفسه يصعب فيما بعد محاربتها والتغلب عليها، حيث تنقلب إلى إظهار لنكران الجميل وعدم الاعتراف بالفضل وشعور باللامبالاة تجاه الأهل، أو ملاحقتهم بالمطالب التي لا تنتهي، كما أن نقص الحب والحنان ينمي عند الطفل الأنانية، والعكس صحيح لأن الحب والحنان يشعرانه بأنه ليس هناك حاجة لأن ينتزع شيئاً من أحد، أو أن يلفت الأنظار إليه فهو واثق أن بإمكانه الحصول على كل ما يحتاجه. أخطاء وتوضح «ربيع» أن تدليل الوالدين يأتي في مقدمة الأسباب، حيث يحاولان إبعاد أطفالهما عن أية مواقف مزعجة، ويقدمان لأطفالهما الحماية الزائدة، ويحرصان على تلبية كل ما يحتاجه الطفل بأي ثمن، لذا ينشأ الطفل وهو غير قادر على تنمية قوة الاحتمال، أو تطوير ذاته، وهذا يقوده إلى الأنانية. كما يأتي عامل «الخوف»، فمخاوف الأطفال تسبب الأنانية عندهم وهم عادة يشعرون بالغضب والفزع، وبالتالي يميلون إلى الأنانية، ويصبحون مهتمين فقط بسعادتهم وسلامتهم الشخصية، لذلك يحاولون دائماً تجنب الأذى من الآخرين، لذلك لا يعرضون أنفسهم ولو نسبياً إلى الاهتمام بالآخرين، ولا يظهرون أي نوع من أنواع التغيير في حياتهم، ودائماً يسودهم شعور بالقلق والتهيج وهم يرون الأشياء من خلال أعينهم فقط ويفسرون وجهات نظر الآخرين بأنها مخجلة. كذلك هناك عدم النضج، وعدم الوعي الاجتماعي المناسب، وعدم تحمل المسؤولية، فالأطفال الذين لا يستطيعون تحمل الإحباط ويريدون الشيء الذي يريدونه عندما يريدونه، هؤلاء الأطفال لا يستطيعون المحافظة على كلمتهم وهم غير قادرين على تحمل المسؤولية وهناك أسباب تمنع الأطفال من الوصول إلى النضج منها: الإعاقة، صعوبات اللغة، اضطرابات في النمو. تأكيد الذات الاختصاصية التربوية أمل الأناضولي، ترى أن تعليم الطفل المشاركة يجب ألا يأتي مرة واحدة لكن تدريجياً، إذ يجب أن تسبقه مرحلة يتعلم فيها معنى الملكية الخاصة وكيفية احترامها، لكن الذي يحدث غير ذلك، فالأم تكون عادة متعجلة في غرس قيم التعاون والمشاركة والعطاء في نفوس أبنائها، فتبدأ في ترديد عبارات تحمل معنى أن كل شيء متاح للجميع، في حين أن الطفل قبل بلوغه سن الرابعة تقريباً لا يمكنه تفهم معنى المشاركة بمفهومها الواسع، فيشعر بنوع من التهديد لأشيائه التي يعتز بها، لذلك يلجأ إلى العنف ويعاني صراعاً على الاستحواذ ويردد كلمة «لي» وهي ليست كلمة سيئة في حد ذاتها، لكنها تعكس محاولته تأكيد ذاته. وتضيف الأناضولي: «واجب الأم أن تعلم الطفل أن هناك أشياء خاصة به وحده، عليه المحافظة عليها وتحاسبه إذا أهمل في صيانتها أو ضاعت منه، كما أن هناك أشياء خاصة بشقيقه عليه الحفاظ عليها أيضاً واحترامها، ثم تعلمه بعد ذلك مبدأ المشاركة بالتبادل، بمعنى أن يفهم أن بإمكانه اللعب بلعب شقيقه لفترة إذا سمح له بذلك، وإعادتها إليه بعد ذلك، لأن الطفل إذا شعر بأن كل شيء مباح للجميع فسوف يعود يوماً من الحضانة ومعه أدوات لا تخصه، وهو لا يدرك أن هذا خطأ، لاعتقاده أن هذا متاح للجميع، ومن المعروف جيداً أنه مع ازدياد معاشرة الطفل لأقرانه واتساع اطلاعه وتعرفه إلى جوانب الحياة والعلاقات المتبادلة بين الناس، تغير الكثير من الصفات الروحية المميزة له». آليات الاختصاصية النفسية، الدكتورة كريمة العيداني، تلفت الانتباه إلى مجموعة من العوامل الجديدة التي تظهر مع نمو الطفل، وتقول:«مع نمو الطفل تظهر عوامل جديدة متنوعة، يمكن أن تؤثر على تشكل نفسيته سلباً أو إيجاباً، فيشتد تأثره بمن يحيط به من الناس ومجموعة أقرانه، والمدرسة بمجال تأثيرها الواسع، والوسط الاجتماعي الذي يعيش ضمنه، إلا أن الفترة التي تسبق دخول المدرسة في حياة الطفل هي القاعدة الأساسية لكل ما يمكن أن ينمو ويتطور في المستقبل، لهذا فإن إصرارنا على إجباره مشاركة أقرانه في أشيائه في هذه السن لن يخلف إلا الدموع والحزن في نفسه ولن يجدي إصرارنا نفعاً، لأنَّ تلك «الآليات» التي تمكن الطفل أن يقتسم ما لديه من ألعاب وحلوى وفاكهة مع من بجواره، وأن يسمح لهم بمشاركته في ألعابه المختلفة - تكون ما زالت غير ناضجة - ثم يبدأ الطفل تدريجياً بتمييز الشيء الذي يخص ذاته، وهنا يصبح من الواجب علينا أن نضع أمامه مطالب أخلاقية، لكن عندما نلاحظ أن الطفل بدأت تترسخ عنده عملية انفصال الذات عن الأشياء التي تخصه يمكن عندئذٍ تنمية حب المشاركة لديه مع الآخرين واستخدام الألفاظ «لا تكن أنانياً أو بخيلاً» على سبيل المثال». وتكمل الدكتورة العيداني: «إن الأسباب التي تؤدي إلى تكوين النزعات الأنانية في تعامل الإنسان مع الآخرين كثيرة، وهي تنشأ على أساس التربية الخاطئة للطفل في الأسرة ونمط تعامل الأهل مع طفلهم. إن اختلاط الطفل بأطفال الجيران، وزملاء المدارس، وأطفال الأقارب يسهم في تطور الطفل إيجابياً، حيث يقتبس العادات والمعارف من الأطفال الآخرين فتزدادُ معارفه، وتنمو قدراته، فيتعلم كيفية التعاون مع الآخرين والوصول إلى أهداف مشتركة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©