الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سلمى البلوشي أول فتاة إماراتية تدخل مجال التدريب على قيادة الطائرات التجارية

سلمى البلوشي أول فتاة إماراتية تدخل مجال التدريب على قيادة الطائرات التجارية
5 أكتوبر 2008 01:45
نقشت القبطان سلمى البلوشي اسمها على صفحات التاريخ الإماراتي وهي لم تتجاوز بعد الحادية والعشرين من عمرها، بعد أن صارت أول مواطنة تقدم على التدريب لقيادة الطائرات التجارية المخصصة للمسافرين، بعد أن دخلت المرأة الإماراتية مجال قيادة الطائرات المقاتلة وانضمت إلى قوة سلاح الطيران منذ عدة سنوات· ولم يتأت علو كعب سلمى من فراغ· فابنة مدينة العين أصبحت كابتن طائرة متدربة بعد تفوقها أكاديميا وعمليا· ورغم أنها لا تتقن قيادة السيارات، بل إنها تبدو مترددة حيال السياقة في شوارع الدولة، إلا أنها رسمت طريقها إلى الأجواء، منذ أن تقدمت بطلب لشركة طيران الاتحاد بعد نشرها إعلاناً عن وظائف ملاحين جويين· ''منذ أن كنت طالبة في المدرسة، كنت مولعة بمكانين هما المستشفى والمطار، لأنه عادة ما تلتقي فيهما بالناس من مختلف البلدان والثقافات''، تقول سلمى، التي سبق لها أن التحقت لمدة عام دراسي واحد بكلية التمريض، إلا أنها غادرتها بسبب عدم اجتيازها لامتحان علم التشريح· وتتابع بأنها فكرت بعد ذلك في أن تصبح مضيفة طيران، بعد أن أحرزت تقدماً ملحوظاً في اللغة الإنجليزية· لكن ''أثناء تدريبي في المستشفى كنت أقلب صفحات إحدى المجلات، فوقع نظري على إعلان عن وظائف ملاحين جويين بشركة طيران الاتحاد· وقد كانت دهشتي كبيرة ولا توصف، حين رأيت في الإعلان وجوهاً لمواطنين ومواطنات إماراتيات، وهو لم يخطر لي على بال من قبل· وعندها شدني نداء المسؤولية الوطنية إزاء الإعلان''، كما تروي سلمى التي وصفها كتاب ''أعظم 100 امرأة في مجال الطيران'' بـ''الرائدة العصرية''، وبأنها إحدى رائدات الطيران في المستقبل· بعد أن ملأت سلمى طلب التوظيف الإلكتروني، لم يكن سقف توقعاتها عاليا، خصوصا أنها لم ترفق موافقة ولي الأمر مع طلبها· تقول ''لم تصدق أسرتي أني تقدمت للوظيفة أصلاً، حتى بعد أن استدعيت لإجراء المقابلة''· وتضيف ''ظن أبناء وبنات عمومتي أني سأعمل مضيفة، فبدأوا يستهزؤون بي، ويطلبون مني أن أعد لهم فناجين القهوة وأكواب الشاي، لكن عندما ارتديت زي الطيارين ووضعت القبعة على رأسي للمرة الأولى، صمتوا وأدركوا أن الأمر ليس بمزحة''· وتقص سلمى مشاعر الخوف التي انتابتها من ردة فعل والدها محمد، الذي يعمل في مجال التطوير العقاري، ووالدتها ''عائشة''، ربة منزل وأم لأربعة أبناء وبنات، إلا أنه ما كان عليها أن تقلق كثيراً على خطوتها هذه· فوالدتها علمت بمحض الصدفة أن ابنتها استدعيت لإجراء مقابلة التوظيف، حين تلقت رسالة نصية قصيرة عبر هاتفها الجوال، تبلغها أن سلمى اجتازت المرحلة الأولى من إجراءات التعيين في شركة طيران الاتحاد· لتبادر الأم بالسؤال: ''أين هو هذا المكان·· وهل هو جريدة الاتحاد؟''· تقول سلمى ''لم تصدق أمي أنني قبلت بوظيفة كابتن طائرة، واعتقدت أني قدمت لوظيفة إدارية''· ولم تغمض عينا سلمى ليلة إجراء المقابلة، بسبب ''تندر'' من حولها وعدم توقعهم اجتياز الاختبار، لكن خاب ما توقعوه بعد أن نجحت في جميع اختبارات الرياضيات والفيزياء وغيرها من العلوم ذات الصلة بالملاحة الجوية· ليلازم الفخر والدتها ووالدها الذي لم يطلب منها سوى إعلامه بموقع الطيران، لكي يطمئن عليها· قائلة ''من حسن حظي أن حظيت بتشجيع والدي ووالدتي وأسرتي كلها·· وهو عامل مهم للغاية في ارتياد هذه المهنة''· وتصف سلمى أول رحلة جوية منفردة تقوم بها بـ''المثيرة والمبهجة''· فقد بقيت تنتظرها ''على أحر من الجمر'' لمدة أسبوع كامل، بعد أن تأخرت بسبب عدم ملاءمة حالة الطقس· ''كانت مشاعري مزيجاً من الإثارة والتشوق والقلق في الوقت ذاته''، تقول سلمى مضيفة إنها ظلت تدعو الله طوال الدقائق الخمس عشرة التي أمضتها وحيدة في الجو، قبل أن تعود أدراجها إلى الأرض، بعد ''أن مضى الحال على ما يرام، عندها فرحت كما لو أني قد عثرت على الذهب· وها أنا الآن أزداد ثقة بنفسي كلما طرت وحلقت جواً''· وتعتبر سلمى ساعة الفجر الوقت المثالي للتحليق عالياً، ''فالهواء منعش والروح متحفزة، والشعور المفضل أن يحلق الإنسان في الفضاء بين السحب''· ويصف جيمس هوجان، الرئيس التنفيذي لشركة طيران الاتحاد، الرحلة المنفردة التي قامت بها سلمى البلوشي بأنها ''معلم تاريخي''، ويشير إلى أن وجود عائشة المنصوري وروضة المنصوري، وهما متدربتان لقيادة الطائرات التجارية وتبلغان من العمر 19 عاماً، يعد ''رصيداً كبيراً للشركة''، مستطردا أن الفتيات الثلاث يرمزن إلى ''التمثيل الإماراتي القوي'' الذي تتبناه الشركة وتعمل عليه، في إطار تعدد المواهب وبيئة التنوع الثقافي التي تتسم بها الشركة· ولم يمض سوى عام واحد على التحاق سلمى بـ''أكاديمية هورايزون الدولية للطيران'' بمدينة العين، إلا أنها مضت إلى تشجيع مواطنات أخريات على أن يحذون حذوها· وتقول ''آمل أن أكون قد لفت أنظار الفتيات الأخريات، إلى أنه ليس ثمة مستحيل أمامهن تحت الشمس· وفي وسع الفتيات تحقيق كل ما يتطلعن إليه، إذا ما وثقن بأنفسهن وحظين بدعم أسرهن''· وتدرك سلمى التي تحدثت قبل فترة إلى طلبة جامعيين في إمارة رأس الخيمة، عظم المسؤولية الملقاة عليها· تقول إنها لم تكن تعرف ما يدور في أذهان الفتيات اللائي خاطبتهن من أفكار حول اقتحام مجال ظل ''حكرا تقليديا'' على الرجال· ''لكن وعلى رغم ذلك، فقد رأت الكثيرات الأمر مدهشاً''، في حين علق بعض الشباب مازحا بأنها ''تخلق مشاكل بأفكارها الجديدة التي تغرسها في عقول الفتيات''· وتمضي سلمى بالقول إنها تستشعر مسؤولية خاصة إزاء وضعها، لأن ''العيون كلها تتطلع إلى النجاح الذي يتعين على مثلي تحقيقه''، مضيفة ''رغم أني تطلعت لأن أكون قدوة لإخواتي، إلا أنني لم أحلم مطلقاً بأن أكون في موقف كهذا· وكانت فكرتي كلها أن أجرب حظي··· عسى ولعل''· ويبدأ معظم طلاب الطيران بالتحليق في الجو، بعد قضائهم مدة شهرين في التدريب والدراسة، تتم مرحلة التدريب الأولى فيها بتحكم طيارين اثنين، ليتدرج التدريب ويصل إلى مرحلة الطيران الفردي، حتى حدود الساعة الكاملة، إذا ما أثبت المتدرب استعداده لهذه المرحلة· ويتعين على الدارسين قضاء 100 ساعة من التدريب العملي الأولي، قبل الانتقال إلى التدريب على طائرات ''دايموند'' النفاثة ثنائية المحرك، حيث يطالبون بقضاء 100 ساعة أخرى من التدريب الجوي· وستكمل سلمى بحلول شهر أبريل المقبل 18 شهراً من التدريب قبل مغادرتها لأكاديمية ''هورايزون الدولية''، متوجهة إلى أبوظبي، لتلقي تدريبات ملاحظة الملاحة الجوية التي يجريها طيارون محترفون، ثم للخضوع لبرنامج تدريبي حول محاكاة الطيران لمدة ثلاثة أشهر· وبعد إكمال مدة ثلاث سنوات من التدريب، يتوقع أن يتأهل الدارسون لقيادة طائرات الإيرباص التجارية من طراز 320A المخصصة للركاب· وتعد سلمى وزميلتاها الأخريان في التدريب ''قدوة'' تهتدي بها شركة طيران الاتحاد في البحث عن المواهب المواطنة وتدريبها في المجال· وبفضلهن تمكنت الشركة من استقطاب 75 من الفتيات الإماراتيات في الدفعة اللاحقة للتدريب على وظيفة ''ملاح جوي'' التي ضمت 500 من المتقدمين· وإلى جانبهن هناك سبع فتيات أخريات، يتدربن ضمن طلاب البرنامج فوق الجامعي للعلوم الإدارية في مجال الطيران· وهناك 3 فتيات بين جملة 12 متدرباً يتأهلن للعمل في مجال هندسة الطيران· ويتحدث الكابتن عتيق الطيب - معلم التدريب- بفخر عن المستوى الذي وصلت إليه سلمى البلوشي· فهي طالبة متميزة ومتفوقة على الكثيرين من زملائها في الصف الدراسي، خصوصا أن الذين أكملوا منهم مرحلة الطيران الفردي، لا يزيدون على ثلاثة أو أربعة من الدارسين· ويضيف أن الفتيات المتدربات يقضين وقتاً أطول في التدريب ويبذلن مجهودا لإحراز تقدم دراسي، مقارنة بزملائهن الذكور الذين يتسم أداؤهم النظري بـ''البطء في مرحلة البدايات'' على حد قوله· مستدركا أن الطلبة الذكور يتفوقون في التدريب العملي، بسبب الخوف الذي يسيطر على الفتيات في المراحل الأولى من التدريب· ويؤكد عتيق أن سلمى كانت شجاعة وهادئة، رغم أنه أخضعها لعدة مواقف تدريبة حرجة، مثل اقتراب طائرة أخرى من الطائرة التي تقودها منفردة· وبدلاً من الخوف، حافظت سلمى على هدوئها ومستوى طيرانها· وتقول سلمى بعد عودتها من رحلة تدريبية إن هناك شيئا واحدا تأمل في تعلمه وهو قيادة السيارة التي لم تحسن قيادتها ''إطلاقا'' في المرة الوحيدة التي جربتها، على رغم تلقيها بعض الدروس التدريبية على يد والدتها، إلا أنها لم تفلح مطلقاً· وهي تجد أن قيادة الطائرة أسهل كثيراً من قيادة السيارة· ؟عن صحيفة ذي ناشونال بتصرف
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©