الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إصلاحات كوبا:كسبُ وقتٍ للقيادة!

30 ابريل 2011 22:48
جاء إعلان كوبا خلال الأسبوع الجاري إثر اختتام مؤتمر "الحزب الشيوعي الكوبي" الذي طال انتظاره، والذي سمح بتملك الكوبيين للمنازل والسيارات لأول مرة منذ عقود، ليثبت حكمة الطرفة القديمة التي تقول إن الشيوعية هي أطول طريق إلى الرأسمالية! فقد صادق الحزب في مؤتمره السادس على مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية. ومع أن تفاصيل تلك الإصلاحات لم يُكشف عنها بعد، فإن المراقبين المتابعين للوضع في كوبا أشاروا إلى أن القواعد الجديدة ربما تمضي في اتجاه انفتاح اقتصادي يتبنى سياسة السوق الحرة على غرار ما شهدته الصين من إصلاحات في عام 1978، أو فيتنام التي دشنت انتقالها إلى "اقتصاد السوق ذي التوجه الاشتراكي" في عام 1986. وللتأكد من مدى جدية كوبا في سلوك هذا الطريق الصعب، قمت بعد ساعات من اختتام أعمال المؤتمر السادس للحزب الذي عُين فيه راؤول كاسترو، البالغ من العمر 79 عاماً، رئيساً للحزب، و"خوسي رامون ماشادو"، ذي الـ80 عاماً، نائباً له، بتوجيه بعض الأسئلة إلى مجموعة من خبراء الاقتصاد والقانون حول ما إذا كان الاجتماع الحالي للحزب الشيوعي الكوبي يؤشر فعلاً إلى بداية جديدة للاقتصاد الكوبي، ويقطع مع سنوات من الشيوعية المتشددة؟ وجواباً عن هذا السؤال أخبرني "عمر إيفرليني بيريز"، نائب مدير مركز الدراسات الكوبية بجامعة هافانا، عبر البريد الإلكتروني، قائلاً: "ما نشهده حالياً في كوبا هو تحديث عميق للاقتصاد، تماماً مثل التحديث الذي عرفته الصين أو فيتنام مع احتفاظ كل بلد بخصوصيته". وأضاف "بيريز" أن الإصلاح الاقتصادي الذي تحدث عنه الحزب الشيوعي والتحول المرتقب في هذا المجال، يعطيان القطاع الخاص "أهمية كبرى، وهو ما لم يكن قائماً في المرحلة الماضية". وقال إن من بين الإصلاحات إلغاء كوبا لأكثر من مليون وظيفة في القطاع الحكومي، مع حديث البعض عن رقم أكبر يصل إلى مليون ونصف المليون منصب شغل سيتم التخلي عنها، هذا بالإضافة إلى منح الأراضي للمزارعين للرفع من الإنتاج. ويتفق "رونالدو أنيلو"، المحامي في شركة "فاولر" بميامي والخبير في الشؤون الكوبية مع ما ذهب إليه "بيريز" من أن إصلاحات جوهرية تشهدها كوبا اليوم على الصعيد الاقتصادي ستسمح بأمور غير مسبوقة مثل فتح المجال أمام الملكية الخاصة وإمكانية تملك السيارات والمنازل. فلحد الآن لم يكن أمام الكوبيين من حل للانتقال إلى منزل آخر سوى تبادل البيوت مع مواطنين آخرين، وهي الآلية التي أدت إلى ازدهار سوق سوداء لبيع المنازل، بحيث يكون على المواطن الراغب في الانتقال إلى بيت أكبر دفع مبلغ مالي مقابل التخلي عنه بالإضافة إلى منزله القديم. ويرى "أنيولو" أن من شأن السماح بالتملك أن يحرك العجلة الاقتصادية ومراكمة رأس المال، لاسيما وأن العديد من الكوبيين يودون إنفاق أموالهم لإصلاح بيوتهم. بيد أن "كرميلو ميسا لاجو"، أستاذ الاقتصاد بجامعة بتسبيرج الأميركية، يشكك في إمكانية المضي بعيداً في الإصلاحات التي أقرها الحزب الشيوعي الكوبي، فعدا عما قد يحدث من مفاجآت بعد نشر تلك الإصلاحات مفصلة، فليس من الواقعي، يقول "كرميلو"، المقارنة بين كوبا والصين وفيتنام؛ ففي البلدين الأخيرين بدأت الإصلاحات بتمكين المزارعين من امتلاك الأرض واستغلالها دون تدخل من الدولة لتعظيم الإنتاج، لكن الأمر في كوبا يختلف إذ سُمح فقط بعشر سنوات لاستغلال الأرض من قبل المزارعين مع فرض مجموعة من القيود الصارمة على هذا الاستغلال. لذا يرى الخبير الاقتصادي أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يبدأ بتملك المزارعين للأرض، وتنفيذ عملية تسريح الموظفين، ثم السماح للناس بامتلاك بيوتهم وسياراتهم. أما فيما يتعلق برأيي الشخصي حول ما يجري حالياً في كوبا، فهو أنه خلافاً للإصلاحات السابقة التي سرعان ما كان ينقلب عليها النظام عند تلقيه مساعدات مالية من الاتحاد السوفييتي وفنزويلا، هناك نية حقيقية لدى النخبة الحاكمة في تسجيل اسمها في التاريخ باعتبارها المبادرة إلى الإصلاح للاقتصادي، والسبب أن القادة الذين تجاوزوا الثمانين من عمرهم يدركون أنهم لن يكونوا موجودين عند انعقاد المؤتمر القادم للحزب الشيوعي بعد 14 عاماً أخرى، لكن دون أن يعني ذلك أن هؤلاء القادة هم أنفسهم من سيشرف على تنفيذ الإصلاحات اليوم، وهو ما أوضحه "راؤول كاسترو" نفسه عندما قال في مؤتمر الحزب إنه "من المهم التوضيح لتجنب أي تأويل خاطئ بأن القواعد الجديدة التي صادق عليها الحزب لن تتحول تلقائياً إلى قوانين، بل هي إرشادات سياسية وأخلاقية". ويبدو أن ما أقدمت عليه النخبة الحاكمة في كوبا التي تجاوزت الثمانين عاماً هي كسب المزيد من الوقت حتى لا ينخرطوا في عملية انفتاح غير محسوبة قد تنتهي بهم في السجون مثل الرئيس المصري المخلوع، فهم يريدون ميتة مريحة فوق أسرتهم بعد التأكد أن من سيخلفهم سيُرجعون إليهم الفضل في إطلاق مسلسل الانفتاح الاقتصادي. أندريه أوبنهايمر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©