الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرم السفير الفلسطيني لـ «الاتحاد»: يتوق الناس للصلاة في المسجد الأقصى خلال رمضان

حرم السفير الفلسطيني لـ «الاتحاد»: يتوق الناس للصلاة في المسجد الأقصى خلال رمضان
31 مايو 2018 02:13
لكبيرة التونسي (أبوظبي) تزور «الاتحاد» بيوت عقيلات، سفراء دول إسلامية، مقيمات في الإمارات، لتستكشف عادات وتقاليد الشعوب خلال الشهر الفضيل، الذي يجمع ويوحد بين المسلمين في شتى أرجاء العالم، مهما تباعدت المسافات والقارات. لكن بالطبع، يضع كل مجتمع بصماته الفريدة وفقاً لتراثه وبيئته، على مختلف طقوس شهر الصوم، بدءاً من استطلاع الهلال واستقبال الشهر، حتى الاحتفال بعيد الفطر. كل هذا ترصده «الاتحاد» على مدار الشهر الفضيل، عبر حواراتها اليومية مع قرينات السفراء. تختلف العادات والتقاليد الرمضانية في الدول العربية والإسلامية، فلكل دولة طقوسها لاستقبال الشهر الفضيل والاحتفاء به، ويتميز رمضان في كل دولة من هذه الدول بعادات وطقوس متفردة قد لا نجد لها مثيلاً في باقي الدول باستثناء الجانب الروحاني، الذي يكاد يتوحد في جميع هذه الدول، إلا أن فلسطين يختلف رمضانها عن بقية هذه الدول، لما لها من خصوصية، وما تعيشه من ظرفية سياسية، لاسيما أن رمضان تتوطد فيه أواصر العلاقات الاجتماعية والأسرية بين الناس، وتبرز فيه صور التكافل الاجتماعي في أرقى صورها. ورغم كل الصعوبات، فإن أبناء فلسطين يحتفون برمضان بكثير من التعظيم في إطار عاداته وتقاليده ومظاهره الثقافية والاجتماعية الخاصة به، ونجد الفلسطينيين أكثر تمسكاً بهذه العادات والتقاليد التي توارثوها عن أجدادهم، وتعتبر المرأة محرك هذه التقاليد المتوارثة جيلاً عن جيل، هذا ما سنتعرف عليه اليوم عبر رنا سكيك مصالحة، حرم السفير الفلسطيني في الإمارات عصام مصالحة، التي استقبلت «الاتحاد» في بيتها لتطلعنا على جانب من طقوس رمضان في فلسطين. رنا سكيك مصالحة الحاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال ومن مواليد غزة، تقول إن طقوس شهر رمضان في فلسطين لا تختلف عن بقية طقوس بلاد الشام خاصة والبلاد العربية عامة، إذ تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، بالإضافة للعديد من العادات المشتركة والتي تأثرت بوجه خاص بدول الجوار، بما فيها بلاد الشام ومصر، باستثناء أن رمضان في بلدها يعيشه الناس تحت ظروف وحزن دفين، نظراً للأوضاع التي تمر بها، مؤكدة أن مدينة القدس تبقى الوجهة التي تتوق إليها كل النفوس خلال رمضان وخارجه، رغم أنه من الصعب الوصول إلى المسجد الأقصى أمام الحواجز العسكرية، إلا أن محاولات الفلسطينيين لا تتوقف لتطأ أرجلهم المدينة المقدسة المعزولة لأداء الصلاة فيها خلال رمضان. وتضيف: رغم المعاناة اليومية تجد الناس في تواصل وتواد وتراحم، يزداد فعل الخير، إذ يتسابق الناس لمسح دموع الأيتام ورعاية أسر الشهداء والأسرى وعيادة المرضى في المستشفيات، كما تزداد صلة الأرحام، وتنتشر الولائم والإفطارات الجماعية في المساجد، كما تشتري بعض الأسر الميسورة مؤونة رمضان للفقراء والمحتاجين والأرامل. وعن استقبال رمضان أضافت: بعد ثبوت رؤية الهلال في فلسطين وبعد تحديد اليوم الأول تعلن المساجد الصيام عن طريق رفع الأدعية والابتهالات، بينما تتزين المدن بالفوانيس، وهي المناسبة التي ينتظرها الأطفال بشغف كبير، وتدخل البهجة على قلوبهم. مائدة عامرة بالإضافة إلى الجانب الاجتماعي والمظاهر الرمضانية في الأسواق التي توفر سلعاً رمضانية خاصة بالشهر الكريم، من الحلويات الفلسطينية، إلى قمر الدين والتمر والقطايف واللحوم الطازجة والأجبان، فإن مائدة رمضان العامرة بالأصناف المختلفة تعتبر عصب زاوية من العادات الفلسطينية الأصيلة، حيث تشير رنا سكيك إلى أن الطعام الفلسطيني يتميز خلال شهر رمضان بأصناف كثيرة يفضلها الفلسطينيون وتختلف أحياناً من منطقة إلى أخرى، لكن تشكل بعض الأطباق مثل المقلوبة والسماقية والمفتول في غزة، وحول المسخن والمنسف في الضفة الغربية، ركناً ثابتاً على المائدة، كما لا تغيب المتبلات والمخللات والسلطات عن المائدة الفلسطينية، بينما تتربع القطايف على مائدة الحلويات وتبقى التمور بركة الخير لكل إفطار، فمن عادات الفلسطينيين فتح الصائم إفطاره بالتمر والماء ثم يقوم للصلاة، ويعود للمائدة لتناول ما لذ وطاب من مأكولات التي تعدها المرأة الفلسطينية بكل مهارة مما تنتجه الأرض، بحيث تختلف الأطباق من مدينة لأخرى ومنطقة لأخرى: يتميز رمضان في فلسطين بزيادة التقارب الاجتماعي، سواء على صعيد العائلة الكبيرة أو الجيران والأصدقاء، حيث تقام الولائم والعزائم ويجتمع الأحبة على سفرة رمضان، والتي لا بد وأن تحتوي على بعض الأطباق الشعبية كل حسب منطقته ومدينته، حيث تتنوع الأطباق حسب المناطق، وإن كانت أشهر الأطباق الفلسطينية المعروفة مشتركة بين جميع مدن فلسطين، كالمسخن والقدرة والمفتول والمقلوبة وغيرها الكثير، وبالنسبة للحلويات فنجد القطايف والكنافة بأنواعها والعوامة والعديد من الأصناف الأخرى. مشروبات رمضان وأوضحت أن المشروبات الطبيعية أبرز ما يميز المائدة الرمضانية وهي العصائر التي تشابه إلى حد كبير مشروبات بلاد الشام ومصر إلى جانب الشوربات، أما المشروبات فنرى الخروب والعرقسوس والتمرهندي وقمر الدين وغيرها، كما لا تفارق مائدة الإفطار أطباق الحمص والمخللات والسلطات والحساء وعلى رأسها الفريكة والعدس، أما المشروبات التي اعتاد عليها الفلسطينيون في هذا الشهر فأهمها شراب الخروب الذي لا تخلو موائد البيوت منه، كما لا يتوانى الباعة عن تقديمه في الأسواق والساحات العامة مع مشروبات أخرى، مثل الكركديه وقمر الدين وعرق السوس ومختلف العصائر. ولا زالت العائلات الفلسطينية تحافظ على عاداتها وتقاليدها خلال الشهر الكريم، ومنها تبادل الأطباق كتقليد أصيل في المجتمع الفلسطيني، حيث تقول رنا سكيك: العائلات الفلسطينية تحافظ على الجيرة الحسنة، فتبادل الإفطار لا يغيب بين الأسر والجيران، وهي المناسبة التي تجعل ربات البيوت يتفنن في إعداد الأكلات لتبادلها مع جيرانهن، إذ نجد على المائدة الواحدة أكثر من صنف رغم أن ربة البيت لم تعد إلا طبقاً واحداً، وبالنسبة لي فإن أهم ما يميز شهر رمضان عن غيره من شهور السنة هو طبعاً ممارسة عبادة الصوم والاجتماع على مائدة الإفطار مع العائلة والأبناء وهو مما لا يتسنى لنا في الأيام العادية، وازدهار الأسواق التي تعج بالمتسوقين وتمتلئ بكل ما تحتاجه للشهر الكريم وخاصة التمور والعصائر والمخللات و الحلويات وغيرها. ذكريات المسحراتي وتستعيد حرم السفير الفلسطيني ذكريات طفولتها بغزة، حيث ترعرعت ودرست، بمشاعر يمتزج فيها الفرح والحزن: أتذكر المسحراتي وهو يجوب الكثير من شوارع المدن والقرى الفلسطينية، يشدو بصوته الصباحي الصداح بالأناشيد الرمضانية والأذكار، ويرافقه الطبل الذي ينقر عليه بقوة، وهو ما يجعلك تشعر بجمال وقيمة رمضان بعباداته الدينية وعاداته الاجتماعية، لا تفارقني هذه الذكريات أبداً، عشت طفولتي ومراهقتي بغزة حيث عاصرت فترة الانتفاضة الأولى، أثرت علينا إلى حد كبير، حيث قضينا سنة بيضاء لم ندرس فيها، لا تفارقني مناظر ورائحة هذه المدينة التي تشتهر بكرومها وحوامضها، كنا نخرج خلال رمضان إلى «البايارات» بساتين الحوامض من ليمون وبرتقال وهي من أجود الأنواع وألذها، كما تشتهر بعنبها، ولا تغيب عن ذهني ما كانت والدتي تطبخه من خضراوات طازجة من الحقول مما يضفي على الأكل نكهة ومذاقاً خاصين، قضيت طفولتي ومراهقتي بين أحضان الطبيعة الخلابة، وفي الوقت نفسه بين الاضطرابات، حيث تشتهر غزة بزراعة الورود والفراولة، كما تشتهر ببحرها مما يجعلها مدينة مميزة جداً، ولها مكانة كبيرة في وجداني، وهناك جانب آخر من ذكريات رمضان في الطفولة، فأذكر مساعدتنا في تحضير مائدة الإفطار والانتظار بكل شوق لسماع أذان المغرب ومراقبة أضواء المئذنة التي كانت بمثابة الإعلان عن حلول موعد الإفطار، وسماع الأدعية في الإذاعة والتلفاز وخاصة الشيخ النقشبندي، والأغاني التي كانت تبث كالأغنية الشهيرة «رمضان جانا»، التي كانت لسان حالنا وجزءاً لا يتجزأ من الأجواء الرمضانية، ثم مشاهدة برامج التلفاز الممتعة، خاصة فوازير رمضان، ومن الجانب الاجتماعي فإن الناس كانوا يتناولون طعام الإفطار عند بعضهم البعض وكذلك السحور، وبعد تناول الإفطار يتبادل الناس الزيارات فيما بينهم. رمضان في الإمارات تعايش وتسامح أبدت رنا سكيك مصالحة إعجابها الكبير بما يتميز به هذا الشهر الكريم من أجواء خاصة في الدولة، حيث تقول: هذا خامس رمضان لنا في الإمارات الحبيبة، والأجواء هنا جميلة، خاصة أنك تجد بها خليطاً من العادات والتقاليد من كل البلاد العربية والإسلامية، لما يتمتع به هذا البلد من فسيفساء تشكل لوحة جميلة للتعايش والتآخي والمحبة والسلم، رغم الكم الهائل من الجنسيات التي تعيش في الدولة، فرمضان في الإمارات من المناسبات التي تدخل البهجة على جميع القلوب رغم تعدد الديانات، ونلمس ذلك في الأجواء والفضاءات العامة والأسواق والموائد التي تجمع جميع الأطياف من دون تمييز، وهذا ما يجعل رمضان في الإمارات يسكن في وجداني ووجدان أسرتي إلى الأبد. «فانوس رمضان» قالت رنا سكيك: من العادات الفلسطينية في الشهر الفضيل «فانوس رمضان» الذي يكون حاضراً في كل بيت احتفالا بقدوم رمضان، كما أصبحنا نرى الزينة معلقة على البيوت كالأضواء على شكل هلال رمضان، وذلك لبعث أجواء البهجة على القلوب، كما نرى الجميع يتجهون للمساجد لأداء صلاة التراويح، خاصة بالمسجد الأقصى في القدس الشريف للتمتع بالأجواء الروحانية في هذا المكان المقدس، وإن كان الوصول للأقصى أصبح صعباً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©