الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المرأة والتقاليد والعيب

5 يوليو 2010 23:26
جاءت الأديان كي تخلص البشرية من عاداتها وتقاليدها البالية غير الإنسانية، وتعيد للإنسان إنسانيته، بعيداً عن جبروت القبيلة وتزمتها وعنصريتها أحياناً، وبعيداً عن التغني بالأصول والجذور، والأمر الجدير بالتوقف عنده هو أن الأديان اهتمت بالفرد مادياً وروحانياً واجتماعياً، وحررته من ملكية العشيرة له، وأنقذته من سلطة المجموعة الخاضعة لنمط واحد في التفكير، لا تحيد عنه مهما كلف الأمر، فكانت العادات والتقاليد والأفكار الجمعية مقدسة، ومن يخرج عنها تهدر القبيلة دمه وتعزله أو تنفيه أو تتبرأ منه، فهل تخلّص الإنسان من أفكاره البدائية والسلطوية وطبق ما نزل من السماء من كلام يعلي من شأن الإنسان ككينونة وككائن؟ تعاني المجتمعات كلها في أرجاء المعمورة كافة من سلطة العادات والتقاليد، إلا أنها في شرقنا وبلداننا العربية تشكل أزمة فكرية واجتماعية وثقافية وإنسانية، تصل إلى حد التنكر لما جاءت به الأديان، وأحياناً تجّير الدين لخدمة العادات والتقاليد، فتفسره تفسيراً يخدمها، حتى لو كانت التفسير خاطئاً، وإذا ما جوبه كبير العائلة أو رب الأسرة بقول ديني يناقض فكره وتقاليده، فإنه يقول: “حتى لو كان كذلك، فنحن لنا ما نشأ آباؤنا وأجدادنا عليه”، هذا رد بكل صراحة ومباشرة فيه جاهلية وبدائية. المرأة هي الطرف الذي يدفع الثمن غالياً في هذا المضمار، ففي بعض الحالات، وقد تكون كثيرة، عليها أن تخضع خضوعاً كاملاً لسلطة الأب أو الأخ الأكبر، وربما تكون هذه المرأة متعلمة ومتقدمة ومثقفة ومتنوّرة ومتحررة فكرياً، ولكنها يجب أن تخضع للأب أو الأخ الذي ربما لم يكمل تعليمه الثانوي أو الإعدادي، وعليها أن ترضخ لفلسفته حتى لو كانت ضد ما جاء به الدين، أو ما جاءت به حقوق الإنسان التي أقرتها الشرائع والقوانين ولا تتناقض معها، فكيف يحكم الجاهل المتعلم، وكيف يتحكم البدائي بالمتطور! الإجابة تكمن في اتباع العادات والتقاليد، التي تخضع المرأة لها أكثر من غيرها، في الزواج والعمل والسلوك والسفر والتعليم وغيرها، وقد يصل تطبيق العادات والتقاليد إلى مرحلة التطرف والاستبداد ومصادرة إنسانية الأقربين. لقد ظلت المجتمعات العربية تتغنى بالعادات والتقاليد وتربي الأجيال على ثقافة الثابت، دون أن تطورها أو تفقه أبعادها، ودون أن تدري أن العادات والتقاليد مسألة متغيرة وليست ثابتة، فإذا كانت بعض الأحكام الدينية تحمل الاجتهاد ومسايرة الظروف وحركة العصر، أليس من الأجدر أن تخضع هذه العادات والتقاليد للتغيير وحركة الحياة. ثقافة العيب، وليس ثقافة الحلال والحرام، تنخر جسد المجتمع العربي، والغريب أن الأشياء المعيبة كلها تتعلق بالمرأة، أما الذكر (فلا يعيبه شيء).. ويشمل هذا حقل الإبداع، فهل من المعقول أن امرأة كاتبة لا تستطيع توقيع نتاجها باسمها الحقيقي! وامرأة مثقفة لا يمكنها اختيار شريك حياتها لأسباب في الغالب غير إنسانية أو دينية؟! akhattib@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©