الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل بدأنا نفتقد أوباما؟

20 يناير 2017 23:10
يجري في الوقت الراهن، تفكيك تركة أوباما حتى قبل أن يترك منصبه، حيث رأينا صحيفة «وول ستريت جورنال»، وهي تسخر منه في تعليق لها تقول فيه: «لقد كان رئيساً تاريخياً.. ولكنه ربما لا يترك أثراً». علينا أن نتوقع أيضا أن المؤرخين سينبرون للقول إن الحزب «الديمقراطي» قد أصبح الآن في حالة أسوأ بكثير مما كان عليه، عندما تولى أوباما منصبه: بعد أن فقد الأغلبية التي كان يتمتع بها في مجلسي النواب والشيوخ، بالإضافة إلى فقدانه لـ 13 منصب حاكم ولاية، وما يزيد على 900 مقعد تشريعي في مختلف الولايات. وعلى نطاق أوسع، نلاحظ الآن أن التفاؤل الشديد، الذي كانت عبارة أوباما الشهيرة «نعم.. نستطيع» قد جسدته، يبهت الآن، ويتحول إلى ضغائن خبيثة، تعكس حالة من عدم الثقة، والاختلال. ومن بين الأمثلة على هذه الضغائن، ما نراه أمامنا اليوم في «نادي مقاطعة وودمونت» الواقع خارج واشنطن، والذي يتجمع أعضاؤه من الصقور الموالين لإسرائيل، لشن حملة لحرمان أوباما من نيل عضوية النادي، على الرغم من أنه لا يتوافر أي دليل رسمي، على أنه ينوي التقدم لعضوية ذلك النادي. ومع ذلك كله، إليكم تنبؤي: أميركا والعالم سوف يشعران بالحنين عما قريب، لباراك أوباما، الرئيس الرائع. فالناخبون، كما نعرف، عادة ما يكونون متقلبين، ومشوشين، ويظلون طيلة ثمانية أعوام (فترتي ولاية الرئيس)، وهم يشعرون برغبة جامحة في إقامة علاقة حب جديدة، مع شخص ما يمثل نقيضاً لآخر شخص افتتنوا به. فعندما سئموا من بيل كلينتون، مالوا إلى حاكم تكساس (جورج دبليو بوش) الذي كان مختلفاً تماماً. وبعد ثماني سنوات من حكم بوش انتخبوا نقيضه تماماً وهو رئيس أسود ليبرالي كان أستاذاً للقانون. وفي الوقت الراهن انتهوا تواً من انتخاب شخص يعتبر نقيضاً تاماً لأوباما وهو دونالد ترامب. في أغلب الأحيان، نبالغ نحن معشر الصحفيين في الاهتمام بما هو شخصي، ولا نولي اهتماماً كافياً بالسياسات- مثل تلك التي جعلت إدارة أوباما تتمتع بأطول فترة متصلة لخلق الوظائف للقطاع الخاص، خلال الـ 78 عاماً التي سجلتها الإحصائيات الرسمية. ولكن في الوقت الذي يجري فيه تقليص تركة أوباما، إلا انه يحظى بإرث شخصي مشرف، يعمل ترامب- عن غير قصد- على تلميعه. لا يكفي أن يكون الرئيس الأميركي قائداً عاماً للقوات المسلحة فحسب، وإنما يجب أن يكون إلى جانب ذلك نموذجا يحتذى، ورمزاً للقيم الأميركية في كل مكان في العالم. لقد كسبنا الحرب الباردة ليس بالصواريخ الأميركية فحسب، وإنما بالقوة «الناعمة» الأميركية أيضاً. ومن بين عناصر ترسانتنا من القوة الناعمة، الرئيس الذي يستدعي الاحترام والإعجاب سواء في الوطن أو في الخارج. نحن نريد من أطفالنا ومن العالم أن يعجبوا برئيسنا، وفي هذه النقطة تحديداً، يمكن اعتبار أوباما الأقوى، وترامب هو الأضعف. ونحن نرى الآن ترامب وهو ينفث تويتات انفعالية، مما يجعلنا نهفو لحصافة أوباما، وعقله، ورزانته. والاختلافات الشخصية بين الرجلين، لا تنحصر فقط في أن أوباما كان طفلاً أميركياً، من أصل أفريقي، وابناً لأم وحيدة، وأن ترامب كان سليل قطب من أقطاب العقارات في أميركا، وإنما تتمثل أيضاً في السلوكيات التي يمثلها كل واحد منهم. فترامب لديه خمسة أبناء من 3 زوجات، ولا يلقي بالاً لتهمة تضارب المصالح. على النقيض منه تماماً، نجد أن حياة أوباما الشخصية، تعتبر أهدأ حياة شخصية يمكن تخيلها لرئيس، تمكن من اجتياز فترة ولايته الثانية، من دون فضائح، وهو شيء نادر. يرجع السبب في ذلك، للحرص الشديد الذي يتوخاه أوباما في كل ما يقول ويفعل. فعندما فاز بجائزة نوبل، على سبيل المثال، التمس المشورة من محاميي وزارة العدل، الذين أعدوا مذكرة له مكونة من 13 صفحة، تؤكد أنه لا يوجد أي تضارب في قبول تلك الجائزة. ولكنه لم يكتف بذلك بل قام بالتبرع بقيمتها المالية للمشروعات الخيرية. مهما كان رأينا في سياسات أوباما، يجب أن تكون لدينا القدرة على الاعتراف بأنه رجل عائلي بامتياز، جعلتنا أسرته، نشعر بالفخر طيلة السنوات التي قضاها في البيت الأبيض. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©