الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسي والتجاري في «صفقة الغاز»

26 ابريل 2012
دان ميرفي محلل سياسي أميركي تشعر إسرائيل بغضب شديد بسبب إقدام مصر هذا الأسبوع على إلغاء عقد لتوريد غاز بعدة مليارات من الدولارات. وعلى رغم أن المسؤولين المصريين ورئيس الوزراء الإسرائيلي يصرون على أن القرار لم يكن سياسياً، من الصعب أن ينظر المرء إلى إلغاء أكبر عقد موقع بين الدولتين على الإطلاق، إلا أنه كان هكذا بالفعل(سياسي). ولكن ما الذي سيحدث بعد هذا القرار؟ ألمحت وزيرة التعاون الدولي المصرية د. فايزة أبو النجا، إلى أن حكومتها التي تعاني من شح العملات الأجنبية، على استعداد للتفاوض؛ بمعنى أنه إذا وافقت الشركتان المستثمرتان المصرية والإسرائيلية اللتان عملتا كوسيطين في الاتفاقية الأصلية، على رفع السعر، فإن مصر قد تستأنف ضخ الغاز لإسرائيل مرة أخرى. ولكن وزارة المالية الإسرائيلية وصفت الأمر بشكل شبه دقيق عندما قالت في بيان صادر عنها إن القرار المصري يشكل"سابقة خطيرة يمكن أن تعكر صفو أجواء السلام بين مصر وإسرائيل". فمصر في الوقت الراهن لديها حكومة تدار من قبل مجلس عسكري، و"إخوان مسلمين" محبطون كانوا قد فازوا بالانتخابات البرلمانية، ولكنهم غير قادرين حتى الآن على ممارسة سلطة حقيقية، وبيروقراطية من عهد مبارك تسير بالقصور الذاتي، بعد أن تُركت - لحد كبير- كي تتدبر أمرها بنفسها. بيد أنه كان هناك اتجاه واحد ثابت ملحوظ لدى مختلف مراكز القوى المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد، وهو ظهور مشاعر العداء للأجانب، في الوقت نفسه الذي توشك فيه الأساليب القديمة في التعامل مع إسرائيل والولايات المتحدة على الخروج من التداول. وموضوع إلغاء بيع الغاز لإسرائيل ليس سوى مؤشر على ذلك - وإن كان مؤشراً خطيراً- لأنه يطرح أسئلة عن المدى الزمني الذي ستتمكن فيه معاهدة السلام الذي جرى توقيعها عام 1979 من الصمود خصوصاً أن الشعب المصري لم يرتح لهذه المعاهدة أبداً، وينظر لإسرائيل دوماً باعتبارها تهديداً إقليمياً. وبينما لا يزال هناك طريق طويل يتعين على البلد أن يقطعه كي يصبح فيه ديمقراطية فاعلة، فإن المواقف والاتجاهات الشعبية ستظل مؤثرة على الشؤون المصرية على نحو يفوق كثيراً ما كان يحدث عبر العقود الماضية. ولعل هذه المواقف والاتجاهات الشعبية، هي التي غذت تلك الصفعة التي وجهت لمنظمة تابعة لجيمي كارتر الذي يعتبر أحد المهندسين الرئيسيين في مباحثات كامب ديفيد للسلام، وإلى عدد آخر من المنظمات غير الحكومية الأجنبية. فمركز "كارتر" كان واحداً من ثماني منظمات مجتمع مدني أجنبية أعلنت الحكومة المصرية أمس أنها ممنوعة من العمل في مصر لأنها تمثل تهديداً لسيادة مصر (على الرغم من أن مركز كارتر يعمل في مجال مراقبة الانتخابات، وقد قام بمراقبة انتخابات مصرية في السابق). والقرار المصري بهذا الشأن جاء في اليوم الذي رفض فيه الإنتربول طلباً تقدمت به الحكومة المصرية لإلقاء القبض على 15 شخصاً من جنسيات أجنبية منهم 12 أميركياً سبق لهم العمل في منظمات مجتمع مدني في مصر، منها المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الوطني الديمقراطي. وكاد القرار المصري القاضي بمحاكمة المنظمات الأميركية والعاملين فيها ومنهم نجل وزير النقل الأميركي"راي لحود" يؤدي لإلغاء المعونة العسكرية الأميركية لمصر، والتي تبلغ مليار دولار سنوياً والتي كانت قد تقررت أيضاً بموجب معاهدة كامب ديفيد، وذلك قبل التوصل في نهاية المطاف لصفقة مع مصر تمكن من خلالها العاملون الأجانب الموجه إليهم الاتهام من مغادرة مصر، التي أصرت مع ذلك على المضي قدماً في إجراءات محاكمة هؤلاء بالإضافة لنظرائهم المصريين الذين يواجهون في الوقت الراهن احتمال الحبس. كانت السياسة حاضرة في كل تلك القضايا: في قرار محاكمة أعضاء منظمات المجتمع المدني، وفي قرار إلغاء عقد توريد الغاز، وفي اعتبار مركز كارتر مهدداً للأمن القومي المصري. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©