الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دارفور والتقصير الداخلي

3 أكتوبر 2008 23:33
نقلت وكالات الأنباء هذا الأسبوع عن ''أوكامبو'' المدعي في محكمة الجنايات الدولية قوله إنه لن يستجيب أو يخضع للضغوط التي تُمارس عليه بشأن الادعاء الذي قدمه للمحكمة ضد الرئيس عمر البشير· وأعاد ''أوكامبو'' القول بأن لديه أدلة على أن البشير، وهو يجلس على قمة السلطة في السودان، أصدر مجموعة من الأوامر بقصف قرى في دارفور بالطائرات إلى غير ذلك من الممارسات، التي يرى ''أوكامبو'' أنها تشكل جريمة حرب وكذلك جريمة إبادة شاملة· جاء هذا في وقت بلغ فيه الجهد الدبلوماسي المضاد من قبل الحكومة السودانية لادعاءات ''أوكامبو'' مداه· فبالإضافة لتحرك الخرطوم في كثير من العواصم العربية والأفريقية، نشطت دبلوماسية السودان وسط اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد في نيويورك، وإلى تلك الاجتماعات أوفدت الخرطوم نائب رئيس الجمهورية على رأس وفد ضم عدداً من المسؤولين السودانيين· وهناك في نيويورك حاول الجانب السوداني أن يقنع أكبر عدد من الوفود بوجهة نظره، وشمل ذلك النشاط وفوداً أوروبية وأخرى من أميركا الجنوبية وغيرها، وكان التركيز على بلدان منظومة دول الحياد الإيجابي والمنظمات الإسلامية· التقدير العام هو أن الجهد الدبلوماسي قد بلغ مداه وسيتواصل، ولكن يبقى السؤال المهم، وهو ما هي الخطوات التي تعزز ذلك الجهد في الداخل· فالنشاط المبذول في الخارج لن تكون له نتائج ما لم يعززه جهد في داخل السودان لإنهاء أزمة دارفور و إيقاف نزيف الدم· وكانت الخرطوم قد أعلنت قبل حين عن خطوتين بالغتي الأهمية سيتم تنفيذهما في السودان وهما: 1- بدء إجراء محاكمات ميدانية في دارفور، يقدم للعقاب فيها كل من يتهم بأنه قام بعمل إجرامي خلال الفترة من بداية النزاع وحتى اليوم· 2- تكوين مؤتمر قومي لكل أهل السودان من دارفور وغيرها لدراسة القضية بصورة شاملة والوصول إلى حل أو حلول تكون معبرة عن الرأي الذي يجمع عليه كل السودانيين عبر مؤسساتهم السياسية والقبلية وغيرها· فما الذي تم على صعيد الواقع رغم مرور نحو شهرين على ذلك الالتزام الذي أعلنه رئيس الجمهورية؟ فيما يتعلق بالمحاكمات أعلن وزير العدل عن تعيين مدعٍ عام مكلف بأمر المحاكمات التي يراد إجراؤها في دارفور، ورغم مرور الأيام والأسابيع، فإن شيئاً ملموساً لم يتم حتى الآن، ولم تجر أي محاكمات، ولم يسمع الناس عن قائمة متهمين أو ما إلى ذلك· أما بالنسبة للشأن الآخر، وهو المؤتمر القومي الجامع، فإن زعماء الأحزاب السياسية المعارضة، وكذلك قادة تنظيمات المجتمع المدني ظلوا ينتظرون الدعوة لعقد ذلك المؤتمر يوماً بعد يوم، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث· هذا هو الواقع الداخلي، و هو لا يحمل كثيراً على التفاؤل· وقصارى القول إن حزب ''المؤتمر الوطني''، وهو الحزب صاحب الكلمة العليا في الحكم، يحتاج إلى إعادة نظر كاملة في سياساته وفي نهجه في ممارسة السلطة والقيادة، وفي الالتزام بالتطبيق لما قد يعلن من التزامات، وفي تغليب مصلحة الوطن العليا على مصلحة الحزب وقادته· ذلكم هو الطريق لحل كل أزمات السودان المتلاحقة وعلى رأسها أزمة إقليم دارفور، و ما نتج عنها من تداعيات مثل الاتهام المحتمل توجيهه من المحكمة الدولية لرئيس الجمهورية· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©