السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ستارة الكعبة» وثيقة تاريخية تزين متحف «عبر الحضارات» في دبي

«ستارة الكعبة» وثيقة تاريخية تزين متحف «عبر الحضارات» في دبي
9 مايو 2014 19:51
يحتضن متحف عبر الحضارات بدبي، العديد من الآثار والمقتنيات والمخطوطات لا تقدر بثمن، ومن هذه التحف والكنوز التي يحتويها المتحف ستارة نادرة للكعبة، جلبت على سبيل الإعارة ويعود تاريخها إلى عام 950 هجرية «1543م»، وقد بعثها السلطان سليمان القانوني، أشهر سلاطين الدولة العثمانية، ولاتزال تحافظ على رونقها وجمال ألوانها، رغم مرور 470 عاماً على حياكتها، وتبقى شاهداً على تسابق الملوك المسلمين للحصول على شرف تقديم ستارة الكعبة. القطعة الأثرية مُعارة من دار «إنليبرس» للكتب والمخطوطات الأثرية النمساوية إلى متحف معبر الحضارات، وبين الفحص الكربوني الذي أجرته جامعة تويبنجين الألمانية، المتخصصة في التاريخ أن عمر الستارة مطابق للتاريخ المكتوب عليها. خيوط الذهب ويصف أحمد عبيد المنصوري، عضو المجلس الوطني الاتحادي وصاحب المتحف، هذه الستارة بأنها وثيقة تاريخية وليست فقط أثراً تاريخياً، موضحاً أنه تمت استعارتها من من دار «إنليبرس» للكتب والمخطوطات الأثرية النمساوية، وتدور مباحثات لشرائها، مشيراً إلى أن أستار الكعبة أغطية كبيرة يبلغ متوسط حجمها 3.30×5.50 متر ومطرزة بخيوط الفضة والذهب المشغول على قماش من الصقيل الحريري الأسود معزز النسج، وكان قياس السطح 15 إلى 20 متراً مكعباً ويقسم إلى أشكال هندسية منتظمة من المربعات والمستطيلات. وداخل هذه الأقسام يتم نقش آيات محددة من القرآن الكريم، إضافة إلى ذلك فإن حقيقة أن اسم السلطان والتاريخ يتم تضمينهما في التطريز يجعلها نوعاً من الوثائق التاريخية، فنماذج النقوش كان يتم إعدادها من قبل أشهر الفنانين في تلك الفترات بينما يتم ملء المساحة بين الكتابة والحواشي بزخارف رومية ورباعية والبلميط والزنبق والرمان وزهر الخوخ والتوليب قام بإعدادها فنانون بارزون. جهد مشترك ويضيف: كان يتم عمل النقوش والتصاميم المعدة على يد مختصين في التطريز بالذهب في ورش تتبع للقصر، وكما يمكن أن يُشاهد فإن ستارة الكعبة كانت عملاً فنياً برز نتيجة لجهد مشترك من جانب عدد من الفنانين والمهرة، ولا يمضي وقت طويل على إرسال كسوة ذلك العام حتى يبدءون في كسوة العام التالي، وفي مصر أوقف السلطان المملوكي مالك منصور قلاوون ثلاثة قرى لأداء هذه المهمة، وقام السلطان سليمان القانوني برفع هذا العدد إلى سبعة، ولم يكن السلاطين العثمانيين يدخرون جهداً في سبيل إعداد هذه الستائر والكساوي الأخرى، ويورد لنا مؤرخ القرن السابع عشر نيما معلومات مفصلة تتعلق بالتطريز الذي يتم في هذه الكساوي: أمر السلطان أحمد هان سلطان العالم بأن تزين بها مشارف اسطنبول بعناية. فمثل هذا الاهتمام العظيم والتكلفة العالية لنسجها على يد فنانين لا يضاهون يجعلها لا نظير لها، ففي الستائر الداخلية للكعبة المشرفة كان يتم توظيف 1060 كيوبيت أو 48 ألف درهم من الخيوط، وفي شهر أغسطس من عام 1612 تم إرسالها إلى الكعبة في عهدة رجال ثقاة. جودة المادة المنصوري يرى في هذا الخصوص أن نفس النمط كان مستمراً منذ القرن السابع عشر على الرغم من أنه في السنوات الأخيرة يبدو أن جودة المادة والصناعة اليدوية قد تضاءلت بشكل مضطرد، ففي الكساوى التي صنعت بعد بداية القرن التاسع عشر نلاحظ أن التصاميم التي كانت تعكس أذواق العثمانيين قد تم استبدالها بتلك التي تعود أصولها إلى الفن الغربي وأن الستائر ككل أخذت مظهراً مختلفاً، وعلى الرغم من أن الستائر قد احتفظت عموماً بخصائصها إلا أن 450-500 عام من التداخل، كان لها أثر ضار لاسيما على النماذج الأولى حيث كان يتم تقطيع المطرزات الحريرية الثقيلة إلى أساس حريري ويتم تحليل خيوط التطريز في أماكن وتصبح معقدة. ويسترسل: انتهى تقليد إرسال كسوة إلى الكعبة بتوقف إرسال السور، فآخر كسوة للكعبة في المجموعة تحمل نقش 1910 محمد رشاد«1909-1918»، ومن المعلوم أن آخر سور كان تحت قيادة حسن كامل أفندي وتعود إلى عام 1917، ومما يمكننا معرفته أن النماذج التشكيلية لآخر كسوة للكعبة تمت على يد التشكيلي حقي بيه، وحتى الثامن عشر من يونيو 1952 وإعلانها كجمهورية استمرت مصر في إرسال هباتها. وتحكي كتب التاريخ أن سور هي إرساليات الإمبراطورية العثمانية سنوياً إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأخذ الموكب اسمه من كلمة «سور» التي تعني «حقيبة» بالعربية، وكان تسليم الحقائب التي يعدها مسئولو المحكمة إلى رئيس الموكب الذي يقود القافلة المتجهة إلى الحج في ذلك العام، وكانت هذه المراسم مناسبة عظيمة، حيث يتم إرسال هذا الموكب من مكان تحدده المحكمة كل عام، فقد يكون قصر توبكان أو قصر بيسيكتاس أو قصر دولماباس. وكانت هنالك كشوفات بأسماء الذين تتم دعوتهم لهذا الاحتفال الذي تقام على وقعه المآدب وتنظم مراسيم الضيافة الأخرى المتعلقة بالمناسبة، ولم تزل كشوفات المواكب التي توضح أسماء المتجهين إلى مكة والمدينة وقيمة المال المرسل موجودة، وقد تمت الاستفادة من هذه الوثائق في إحدى الأطروحات لنيل درجة الدكتوراه وسيتم نشر هذه الدراسة في كتاب. أشياء نفيسة المنصوري أوضح أن بعض الوثائق كشفت عن أن المحكمة العثمانية كانت ترسل أيضاً إلى هذه الأماكن المقدسة هدايا أخرى من الخزانة مثل «ماسات، نجم النجوم، شعلة الليل» وأغطية مطرزة بالفضة والذهب. وتشير المصادر أيضاً إلى أن الأغطية التي يتم إرسالها إلى هناك كان يتم تجديدها كل عام وإعادة القديمة منها، وكان يتم جمع الأغطية المعادة في قصر توبكان بالجناح الملكي «حيث حفظت بردة «عباءة» النبي صلى الله عليه وسلم». وأضاف: تقول مصادرنا إن أغطية الكعبة والستائر التي على الريتاج كان يتم تجديدها كل عام، وكانت الأغطية القديمة تتم إعادتها، حيث يقول أوزونكارسيلي، الذي بحث في هذا الموضوع: كان تجديد أستار الكعبة في مكة المكرمة وضريح النبي (ص) في المدينة المنورة مفروضاً بالقانون، وكان يتم وإرسال القطع القديمة إلى اسطنبول عن طريق أمير مكة المكرمة، وبما أن سيلانيكي يذكر هذا من بين أحداث عام 1005 (1596 م) فإنه من الواضح أن هذه العادة تعود إلى تاريخ سابق لذلك، وتكشف الوثائق أن بعض الأغطية التي تتم إعادتها كانت كاملة بينما البعض الآخر يقطع إلى قطع، ففي سنوات الحج الأعظم (عندما يصادف الجمعة يوم الوقوف بعرفة) يتم إرجاع هذه الأغطية والستار كاملة، وفي غيرها من السنوات يتم تقطيع التي تعاد وتوزيعها على الحجاج وترسل إلى المساجد والأضرحة، أما تلك القطع المطرزة بخيوط الذهب والفضة مثل ستارة وشراريب الباب فترسلها المحكمة إلى دار الصياغة حيث يتم فك التطريز ويستخدم ذهبها وفضتها في صناعة الخواتم والأساور. (دبي- الاتحاد) التمسك بتقليد تجديد الكسوة أشار أحمد عبيد المنصوري إلى أن المملكة العربية السعودية استمرت في التمسك بتقليد تجديد كسوة الكعبة، ومما عُلم فقد أقيم وقف خاص لهذا الغرض في مكة المكرمة في الأول من محرم عام 1341 هجرية (أغسطس 1922) وتم إجراء تغييرات متعددة في أبعاد الكسوة، واليوم نجد أستاراً من الكعبة معلقة في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وكان من المعلوم أن الكسوة التي يبلغ عرضها 2.5 متر وطولها 9.5 متر قد تبرع بها الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في الأول من يناير عام 1983. وذُكر أيضاً أن الستارة المعلقة على باب الكعبة عام 1979 والتي يحتوي نسيج كل ستارة منها على 670 كيلوجراماً من الحرير الخالص تكلف في مجملها مع تطريز الذهب حالي 2.8 مليون دولار، من نقطة تشكيلها وآياتها، فإن الكسوة التي تعدها المملكة العربية السعودية استمرت في التقليد العثماني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©