الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دلما درة البحر التراثية وحكاية عشقه الأبدية

دلما درة البحر التراثية وحكاية عشقه الأبدية
21 ديسمبر 2009 21:23
كل يقول إنه سكن برّ والبرّ دلما يا مخاليق يعل كل اسبوع تمطرّ ويتم ماها يظاول الريق بيت للشاعر سيف بن زعل الفلاحي يفتح أبواب «دلما» لعشاق الترحال والمغامرات.. دلما البعيدة عن أبوظبي، قريبة من قلوب أهلها.. فهذه الجزيرة الساكنة تنام هانئة كل مساء على أمواج الخليج، ولم لا وهي من الجزر المعدودة المأهولة بالسكان في الإمارات. دلما التي تضرب حضارتها في عمق التاريخ كانت على مر الزمان مركزا هاما لتجارة اللؤلؤ، حين كان ذاك الدر مصدر الدخل الرئيسي لأهل الخليج، كانت هي عروس متوجة بين جزر البحر، ففيها يلتقي الطواويش بالغاصة وتتم أفضل صفقات البيع والشراء في منتصف الموسم، ومنها يتزود الغواصون بالماء والغذاء وينعمون براحة أن يكونوا على البر في دلما. حميمية الماضي تفتح دلما اليوم ذراعيها لمحبي اكتشاف جنبات الوطن، فهذه المدينة العائمة تحتضن قرابة 10 آلاف شخص، على مساحة تقدر بـ9 كلم من الشمال إلى الجنوب و5 كلم من الشرق الى الغرب، وإلى جنوبها جزيرة صغيرة ألحقت بالجزيرة الأم بواسطة شبه جزيرة أُنشئت من الردميات الاصطناعية. بالطبع يمكن لأي راغب أن يزور الجزيرة التي تنام على بعد 200 كيلو متر بعيدا عن أبوظبي، فبخلاف أن مطار أبوظبي الدولي يوفر رحلات منتظمة بطائرات صغيرة تقطع المسافة في 45 دقيقة لدلما، هناك طريق أبوظبي- جبل الظنة ثم ميناء مغرق، بعدها الصعود إلى سفن مخصصة لنقل الركاب والبضائع إلى دلما في الثانية ظهرا كل يوم تستغرق رحلتها تقريبا ساعتين ونصف. ما أن تصل الجزيرة حتى تشعر أنك عدت بالزمن إلى الوراء، كأنها بقعة من الحاضر مازالت حميمتها القديمة تعبق فيها، في دلما توقف عمر الإحساس بينما نهض كل شيء، هناك سيارات، ناس، مبان.. كل شيء حديث إلا أن الإحساس مختلف. دلما جزيرة بركانية! ستتعجب بلاشك حينما تلاحظ عيناك هذه الحقيقة، تضاريس صخرية قاحلة في أحد جوانبها، جبل يشاهد البحر وكأنه أبو الهول آخر، صخور قاسية في طرف وفي الطرف الآخر مزارع وبساتين غناء تنتج ما يكفي حاجة الجزيرة من الحمضيات والفواكهة والخضراوات وحتى «الرودس». في الطرف الجنوبي من الجزيرة تكمن المساكن، هناك يسكن أهل دلما، يعملون بالصيد والتجارة، معظمهم سكن أجدادهم الجزيرة منذ ما قبل النفط، فدلما كانت غنية بالمياه العذبة في ذات منطقة المزارع حاليا. البيت المتحف في دلما متحف صغير، كان بيتا لمحمد بن جاسم المريخي، وهو واحد من أشهر تجار اللؤلؤ في الخليج، سكن دلما مطلع القرن المنصرم، وبنى فيها منزله عام 1931 مستخدما الحجر البحري المرجاني بعد كسائه بالجبس. هذا المنزل الذي أعيد ترميمه عام 1993 -هو وثلاثة مساجد أثرية- أصبح اليوم شاهدا على تاريخ عميق لدلما، ففيه معرض للمكتشفات المحلية، بما في ذلك مجموعة هامة من العملات البريطانية والهندية التي كانت مستخدمة خلال القرنين 19- 20 عندما كانت تجارة اللؤلؤ في أوج ازدهارها، وبجواره مدبسة (معصرة لاستخراج دبس التمر) ويمكن زيارته يوميا من الثامنة صباحا حتى الرابعة مساء ما عدا الجمعة. يمكن للزائر أيضا أن يتجول في مساجد دلما الأثرية، فهذه الجزيرة تحوي ثلاثة مساجد قديمة (المريخي، والدوسري، والمهندي) بنيت على الطراز المعماري القديم للمساجد في الخليج، وتتشابه من حيث مخططاتها وتصاميمها وزخارفها. ويتميز بناؤها بالجسور والألواح التي يتخللها عدد من النوافذ، وهي مزودة بالبارجيل الذي يوفر أكبر قدر ممكن من التهوية. وفي كل مبنى، تم ضبط جدار قبلة الصلاة عن طريق المحراب. ومن العادة أن يحاط المحراب بإطارات مستطيلة ومزخرفة الشكل تبرز عمقه. أما مسجد المهندي فكان يضم زخرفة في شكل صورة قارب محفورة في الجص على الحائط الشمالي لرواق المسجد. خدمات تنموية وبرغم الحداثة والتطور، مازالت دلما تتمتع بمغاصاتها الجميلة، وتشجع مياهها الصافية محبي الغوص على ممارسة رياضتهم والتمتع بمشاهدة أنواع الأسماك المتعددة الألوان والأشكال. أما بالنسبة لصيد السمك فتعد دلما إحدى أهم مناطق تصدير الأسماك للدولة وهي رافد مهم لأسواق السمك، بل إنها أشبه بالبورصة التي تتحكم في هذه السوق. والجميل أن دلما المتباهية بأسماكها صارت تنقل حرفة صناعة «القراقير» للجيل الجديد، وفيها مصنع لهذه الأقفاص الخاصة التي تستخدم لصيد السمك. ويوجد في دلما مركز تجاري صغير لتوفير احتياجات السكان، إضافة إلى مستشفى ومدارس حكومية حتى المستوى الثانوي، وفندقين لاستقبال زوار الجزيرة، ومكتبة عامة وناد رياضي، ومركز تعليمي يقدم مجموعة من فرص التدريب المهني للمواطنين المقيمين في الجزيرة، وذلك للاستفادة من فرص التوظيف التي تتيحها خطط التنمية السياحية للمنطقة الغربية في أبوظبي، حيث يتم تدريس برامج ودورات تدريبية مجانية عديدة لسكان دلما مثل اللغة الانجليزية والكمبيوتر والدورات الاولية الاحترافية. وتنتظرها خطط تنموية ضخمة، فهي الجوهرة التراثية الخالصة في مشروع جزر الصحراء.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©