الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر «تناضل» من أجل تنظيم ودمج الاقتصاد السري

مصر «تناضل» من أجل تنظيم ودمج الاقتصاد السري
5 يوليو 2010 21:48
بدأت الحكومة المصرية تنفيذ خطة طموحة لتنظيم الاقتصاد السري المستشري في كافة الأنشطة الإنتاجية والخدمية والبالغ حجمه أكثر من 100 مليار جنيه سنوياً (نحو 66 مليار درهم) وذلك بدمجه في الاقتصاد الرسمي. وترتكز الخطة على مشروع قانون جديد للشركات ينظم عمليات الخروج من السوق والإفلاس وتخفيف الأعباء والقيود القانونية والتنظيمية على أصحاب الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتوصية البسيطة بحيث يصبح هذا النوع من الشركات قالباً قانونياً ملائماً لاستيعاب هذه الأنشطة الانتاجية والخدمية غير المنظمة. وانتهت وزارة الاستثمار المصرية من إعداد المسودة الأساسية لمشروع القانون وتتضمن تعديل بعض أحكام قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة. ويهدف مشروع القانون إلى تبسيط إجراءات تأسيس الشركات ومزاولة النشاط وتسهيل إجراءات التصفية ومنح الحرية للمساهمين لزيادة رؤوس أموال الشركات واستحداث شكل قانوني جديد للمشروعات المحدودة المسؤولية بما يسمح للمستثمر الواحد بتأسيس مشروع لا يسأل فيه عن التزامات المشروع إلا بمقدار ما خصص له من رأسمال وكذلك السماح لأصحاب هذه الشركات بإصدار الأسهم الممتازة وخفض رسوم تأسيس الشركات بما يضمن تسهيل عملية دخول الأسواق وتشجيع الاستثمارات. كما يهدف إلى منع لجوء المستثمر في كثير من الحالات إلى مشاركات صورية لاستكمال الحد الأدنى للشركاء أو عدد المساهمين المطلوب لتأسيس الشركات. وسوف تسهم هذه الخطوة في تحول الكثير من الأنشطة الإنتاجية والخدمية من المجال غير الرسمي إلى الرسمي بعد تبديد مخاوف القائمين عليها من الاصطدام بالبيروقراطية وأجهزة الضرائب المختلفة، حيث تشير البيانات إلى أن أكثر من 300 ألف منشأة إنتاجية وخدمية تعمل خارج الأطر الرسمية ويعمل بها 1,5 مليون عامل سوف يدخلون الدائرة الاقتصادية المنظمة. وتستهدف الخطة المصرية التعرف على نحو دقيق على حجم وتنوع النشاط الاقتصادي غير الرسمي ومساعدته وتأهيله للاستفادة من فرص النمو الراهنة في الاقتصاد الكلي على صعيد القدرة على الحصول على الائتمان والتمويل الخاص بتوسيع أنشطة هذه المنشآت أو على صعيد الهيكلة الإدارية التي تؤهله للدخول في المناقصات والمزايدات الحكومية وغيرها، الأمر الذي يعني توفير فرص للنمو والربحية أمام العاملين في كافة هذه الأنشطة. كما تستهدف الخطة الحكومية إعمال آليات الرقابة على هذه المنشآت ومنتجاتها لاسيما المتعلقة بالاستخدام اليومي للمستهلك مثل منتجات الصناعات الغذائية والأدوات الكهربائية والبلاستيكية وقطع غيار السيارات وغيرها، والتي يؤدي عدم التزامها بالمواصفات الفنية المطلوبة إلى كوارث صحية وأمنية للمستهلكين. ويتضمن الجزء الثاني من الخطة الحكومية، بعد إقرار التعديلات القانونية وخلق البيئة التشريعية الملائمة، منح تيسيرات مرحلية لهذه المشروعات عبر جدول زمني يمتد ثلاث سنوات يتم خلاله منح الفرصة لأصحاب الأنشطة غير المنظمة لتوفيق أوضاعها والاندماج في الاقتصاد الرسمي من خلال آليات الرقابة المختلفة ومنح مزايا تفضيلية لأصحاب المنشآت الذين يبادرون بتوفيق أوضاعهم على أن تشمل هذه المزايا بعض الإعفاءات الضريبية والتأمينية وأشكال المشورة الفنية والإدارية لمساعدة المشروعات على إنجاح خطط الهيكلة وتوفيق الأوضاع بأقل تكلفة ومن دون أن يشعر أصحاب هذه المنشآت بالأعباء الكبيرة التي تحول دون إتمام عمليات الاندماج والتعايش مع القوانين المنظمة للسوق. كما تشمل التيسيرات ضمان المشروعات لدى الصندوق الاجتماعي للتنمية وبعض الصناديق التي تأسست مؤخرا لتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وفي مقدمتها صندوق وزارة الاستثمار الذي تموله أرباح الشركات القابضة الحكومية بنحو 1,5 مليار جنيه كرأسمال مبدئي وذلك بهدف مساندة الأنشطة التي تنجح في توفيق أوضاعها في الحصول على تمويل ميسر من هذه المؤسسات والصناديق. وتشمل التيسيرات أيضاً تنظيم دورات تدريبية نوعية وقطاعية مختلفة لأصحاب الأنشطة غير الرسمية بهدف إكسابهم مهارات مالية وإدارية تساعدهم على إدارة منشآتهم في المرحلة الأولى لتوفيق الأوضاع والحصول على أراضي المناطق الصناعية المطورة والجديدة لنقل أنشطتهم إليها في حالة وجود هذه الأنشطة داخل المدن السكنية والاستفادة من برنامج تطوير التجارة الداخلية الذي خصصت له وزارة التجارة مساحات كبيرة من الأراضي في المحافظات المختلفة واستثمارات تقدر بأكثر من 100 مليار جنيه خلال السنوات الخمس المقبلة بهدف إنشاء أسواق عصرية ومتطورة على ضوء نجاح وزارة التجارة في اجتذاب عدد من كبرى سلاسل المتاجر العالمية إلى السوق المصرية. ويرى خبراء اقتصاديون أن خطة الحكومة بتنظيم الاقتصاد الموازي أو غير الرسمي تعد خطة ضرورية تأخرت كثيراً حيث استفحل حجم هذا الاقتصاد ليصبح أكبر من الاقتصاد الرسمي المنظم وبالتالي تضيع على الخزانة العامة عشرات المليارات من الجنيهات من الضرائب المفقودة سنويا إلى جانب إنتاج سلع وخدمات غير مطابقة للمواصفات وتضر بصحة المستهلك. ويؤكد عمرو أبو العزم، الرئيس التنفيذي لشركة “تنمية”، أنه لضمان نجاح الخطة الحكومية يجب الاهتمام بتجفيف منابع الاقتصاد السري في مصر بمعنى عدم السماح بظهور أنشطة غير مسجلة والاكتفاء بما هو قائم حتى يتم توفيق أوضاعه لأن السماح بظهور أنشطة جديدة من شأنه ادخال الاقتصاد في دوامة العشوائية التي لاتنتهي، لاسيما بعد أن اتضحت المخاطر المترتبة على ترك هذه الأنشطة الخدمية والإنتاجية بلا تنظيم من القانون أو رقابة من المجتمع، خاصة بالنسبة للسلع الحيوية مثل الصناعات الغذائية أو قطع غيار السيارات. ويرى أبو العزم أنه لابد من إنشاء هيئة حكومية متخصصة تهتم بهذه المشروعات غير المسجلة ومساعدتها على دخول السوق الرسمية وإنهاء حالة الصراع بينها وبين الجهات الحكومية المختلفة سواء كانت هذه الجهات ضرائب أو تراخيص من المحليات أو غيرها على أن تكون هذه الهيئة تابعة لوزارة الاستثمار ويعمل بها فريق إداري سبق له التعامل مع الأنشطة غير المسجلة ويكون لهذه الهيئة صلاحيات إدارية وقانونية بحيث تستطيع مساندة هذه المشروعات في المرحلة الأولى لتوفيق الأوضاع. ويؤكد أن مختلف أطراف السوق سوف تستفيد من دمج الاقتصاد غير المنظم في الاقتصاد الرسمي لأن هذا الدمج يرسم صورة واضحة عن الاقتصاد الكلي وبالتالي يصبح أمام صانع القرار الاقتصادي معلومات كافية تساعده على اتخاذ القرارات والسياسات الاقتصادية. ويشير شريف حافظ، رئيس قطاع التسويق في شركة “ماكرو مصر”، إلى أن خطة دمج الاقتصاد غير المنظم تسهم في تعزيز النمو لأنها تحدد ملامح السوق بدقة وتجعل كافة الأنشطة ملتزمة ضريبيا وتختفي الدخول الطفيلية ويتراجع الفساد. وقال إن قطاع التجارة الداخلية سيكون في مقدمة القطاعات المستفيدة من خطة الدمج واعادة التأهيل، نظراً لارتباط هذا القطاع بحركة المستهلك اليومية في تلبية احتياجاته الرئيسية، مشيراً إلى أن دخول سلاسل متاجر عالمية إلى السوق المصرية في إطار خطة تطوير التجارة الداخلية يساعد الحكومة المصرية على انجاز خطة الدمج بسهولة لأن وجود مثل هذه السلاسل يتيح آليات متطورة للعمل وتقدم نموذج ناجح للأنشطة غير الرسمية الراغبة في الاندماج.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©