السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الدلال المترف يغزو سوق الحيوانات الأليفة في دبي

الدلال المترف يغزو سوق الحيوانات الأليفة في دبي
3 أكتوبر 2008 02:15
قفز بوتشي من فراشه المصنوع من جلد التمساح والحرير الخالص متوجهاً إلى الكرسي المخصص له على المائدة· كانت كايت قد انتهت من إعداد طعام الفطور، فتناولت وبوتشي الوجبة اليومية على عجل لكي يتسنى لها الوقت الكافي لتذكيره ببعض الخطوات المحببة التي تعلّمها مؤخراً علّها بذلك تحصل له على حاضنة منذ الموعد الأول· لم يتبق على موعد سفرها لزيارة طارئة لعائلتها في بلجيكا سوى شهر واحد، وبالتالي عليها بذل ما بوسعها لإقناع الحاضنة بقبول مهمة الاعتناء ببوتشي خلال فترة غيابها، والاّ فإن تدبير موعد آخر خلال فصل الصيف في دبي شبه مستحيل، اذ أنه موسم الحاضنات بامتياز· بعد أن أنتهى بوتشي من عرض بعض القفزات البهلوانية للمبتدئين، ألبسته كايت لباسه المفضل والذي يحمل علامة ''رالف لورين'' الشهيرة، وضعت حول رقبته منديلاً حريرياً تتدلى من طرفيه قطعتان من الكريستال الملون، وانتهت تجهيزه برذاذ من عطر الياسمين المستورد· ما هي إلا لحظات حتى قرع الجرس·استقبل بوتشي الزائرة الفليبينية بقفزات غير متقنة أرست ابتسامة فسّرتها كايت علامة رضىً مبدئي: فالحاضنة وقعت في حبال صديقها وكلبها الوفي بوتشي· هذا المشهد بكل تفاصيله يشكل أحد أوجه الدلال المترف الذي غزا عالم الحيوانات الأليفة ومربيها منذ زمن بعيد في دول أميركا وأوروبا ومن ثم انتقلت عدواه خلال السنوات الماضية إلى دبي· ففي الماضي، كان الوضع الطبيعي للحيوان الأليف، كالكلب على سبيل المثال، أن يعيش في فسحة مخصصة له خارج المنزل· وحين تجتمع الأسرة على مائدة الطعام لتناول العشاء، كان يجلس على الأرض منتظراً ومتلهفاً لالتقاط قطع الطعام المتطايرة من فوق الطاولة· أما اليوم، فقد أصبح الحيوان الأليف بمرتبة أحد أفراد الأسرة، فتراه يجلس معهم على طاولة الطعام وينام في أسرّتهم· وبدورهم، تنبّه أصحاب المتاجر والمصانع إلى أن مستلزمات الحيوانات الأليفة اصبحت تجارة رابحة، فتأسست مئات المصانع لانتاج أطعمة خاصة بالحيوانات الأليفة بنكهات وألوان مختلفة· ولم ينس المصنّع انتاج أطعمة عضوية حفاظاً على صحة الحيوان الأليف من المواد الكيماوية التي سبق وتغلغلت داخل أجسادنا· ولم تفوّت دبي على نفسها عدوى الدلال تجاه الحيوانات الأليفة كدليل حضاري جديد أمام الوافد الأجنبي· فلا شك أن الوجه ''الكوزموبوليتي'' للمدينة هو عامل أساسي في تزايد أعداد الحيوانات الأليفة، وبالتالي ارتفاع الطلب على الخدمات البيطرية الأساسية والخدمات الكمالية والمترفة مثل مراكز التجميل والتدريب والحضانة، لتصبح سوق الحيوانات الأليفة واحدة من الأسواق الواعدة في الإمارات العربية المتحدة· حجم السوق صعب تحديد حجم سوق الحيوانات الأليفة والأطعمة المخصصة لها في الإمارات· فأعداد الكلاب والقطط المسجلة متناثرة بين وزارتي البيئة والاقتصاد بالإضافة إلى العيادات الخاصة والرسمية· لكن شركة ''ماستر فود''، وهي واحدة من أهم وأكبر مصنعي وموزعي أغذية الحيوانات الأليفة في الإمارات، قدرت أن يكون العدد الإجمالي للكلاب والقطط في الإمارات قد تجاوز 130 الفا، وهو في تزايد مستمر مع تزايد عدد الوافدين· أما قسم الخدمات البيطرية في بلدية دبي، فقد ذكر أن العدد الإجمالي للكلاب المسجلة في العيادة التابعة للبلدية بلغ في بداية عام ،2008 2800 ليبلغ هذا العدد في تقرير الشهر الفائت (مايو) 3500 كلب، في حين بلغ عدد القطط المسجلة حوالي 2300 قطة· أما قطاع أطعمة الكلاب والقطط، فقد سجل ارتفاعاً بلغ 30 في المئة بقيمة 10 ملايين دولار مقارنة بالعام الماضي ، بحسب احصائيات شركة ''ماستر فود''· قواعد وفي ظل توسع سوق الحيوانات الأليفة في دبي، عمدت البلدية إلى وضع عدد من القواعد التي تلزم كل من يملك حيواناً أليفاً في اتباعها· ويقول هشام فهمي، اخصائي بيطري في قسم الخدمات البيطرية في بلدية دبي إن هدف البلدية من تنظيم عملية الاقتناء والعناية بالحيوان الأليف وخصوصاً حيوان الرفقة مثل القطة والكلب هو الحفاظ على الصحة العامة· ويرى فهمي أن ميكانيكية انتقال الأمراض بين الإنسان والحيوان متشابهة إلى حدّ بعيد، لذلك وضعت البلدية نظام التسجيل والوقاية الذي يفرض على كل من يريد اقتناء حيوان أليف سواء كان قطة أو كلباً الحصول على بطاقة تسجيل وتحصين من بلدية دبي· وتُمنح هذه البطاقة عقب اخضاع الحيوان الاليف للعديد من الفحوص الطبية والتأكد من سلامته من أي مرض معدي مثل الطفيليات المعدية والأكياس المائية والفطريات، بالاضافة إلى اخضاعه لمجموعة من اللقاحات الدورية· أما بالنسبة لاستيراد حيوانات الرفقة، فهي تخضع لعدد من الشروط منها ألا يقل عمر الحيوان عن أربعة أشهر عند دخوله إلى الدولة، وأن يكون كذلك قد خضع لمختلف اللقاحات والتحصينات المطلوبة والموثقة ببطاقة بيطرية معتمدة من قبل السلطات البيطرية في البلد الأم· وتماشياً مع رؤية البلدية في الحفاظ على السلامة العامة، أوضح فهمي أن البلدية تقدم خدمات بيطرية شبه مجانية مثل إجراء عمليات جراحية بسيطة ولقاحات مختلفة بالاضافة إلى جرعات ضد الديدان· واوضح فهمي أن قوانين بلدية دبي واضحة ايضاً بالنسبة لوجود الحيوان الاليف خارج المنزل· اذ يمنع خروج القطة أو الكلب من دون رباط متين يضمن سيطرة صاحبها عليها· كما يمنع تواجدها في الحدائق العامة والشواطئ· ويغرّم القانون كل من يعمد إلى تناسي مخلفات الحيوان الأليف على الأرصفة والطرقات خلال النزهة اليومية· ووضعت البلدية قانوني الإزعاج والكلاب الخطرة حفاظاً على سلامة باقي السكان، اذ يمنع اقتناء أو حتى استيراد الكلاب الشرســـة والتي حددها فهمي بجميع أنواع البت بول والكلب الياباني توسا اينو والارجنتيني ماستيف والبرازيلي فبلا برازيليو وفصيلة أميركان استافورد شايـــــر، بالاضــــافــــة الى الكــلاب المهجنة مع الذئاب مثل وولف· وتشمل الطرق الحديثة للاعتناء بالحيوانات الاليفة التي تنتشر اليوم في دبي قص الشعر وتجفيفه، تنظيف الأسنان والاذنين، قصّ الاظافر وطلائها، الاستحمام والتنظيف من الحشرات· وتتراوح أسعار هذه الخدمات بين 500 و2700 درهم· وتختلف الأسعار بحسب حجم الكلب أو القطة، كما انها ترتفع في المتاجر الواقعة في وسط دبي وتنخفض في المتاجر البعيدة عن المدينة· ولا يقتصر الاهتمام بحيوانات الرفقة على طقوس الاعتناء بنظافتها، بل انها تتعدى ذلك الى ابتكار خطوط من الموضة فيما يخص المستلزمات والاكسسوارات الخاصة بها· فالقيلولة لم تعد تحلو على أرضية المنزل كما جرت العادة، إذ اصبح البساط القطني الذي يبدأ سعره بـ100 درهم بالاضافة الى المقعد الوثير والذي يتراوح سعره بين 350 و600 درهم ضرورة لتأمين راحة الحيوان الاليف· وتوفر المتاجر في دبي تصاميم عدة من الملابس الجاهزة لفصلي الصيف والشتاء، بالاضافة الى الاحزمة المطرزة والمصنوعة من الجلد الأصلي أو تلك المرصعة بالذهب الخالص والالماس· وقد طرحت بعض الماركات العالمية قسماً خاصاً بملابس القطط والكلاب مثل بولو من رالف لورين ودينيم ليل· جدل ولا تزال مظاهر العناية المترفة بالحيوان الأليف تثير جدلاً اخلاقياً بين مؤيد ومعارض· فكثرة السلع والخدمات الترفيهية تثير حفيظة المدافعين عن المحرومين والجائعين في العالم· إلا أن هذه العناية تعتبر واجباً ومتعة للاشخاص الذين يملكون أحد حيوانات الرفقة، وخصوصاً أولئك الذين يتمتعون بمستوى معيشي جيد· وتعتبر مارتا أن اقتناء كلب أو قطة يعتبر مرحلة تمهيدية قبل إنجاب الأطفال، فبرأيها من ينجح في اختبار العناية بالحيوان الأليف لا بد أن يكون أهلاً لإنجاب الأطفال· أما صوفيا فترى أن الاعتناء بصحة ونظافة الحيوان الأليف أمر واجب على الصعيد الإنساني والديني، لكن موضة الدلال المترف هو أمر مبالغ فية باعتبار أن الحيوان الأليف يمكن أن يميز بين طعام فاخر وآخر رديء، لكن لا يمكنه التمييز بين طوق من اللؤلؤ وآخر بلاستيكي· ويعتبر آخرون أن الحيوان الأليف حين يدخل المنزل يصبح واحداً من أفراد الأسرة، لذلك ترفض دونا تماماً الحديث عن كلفة الاعتناء بكلبها وقطتها ''لأن ذلك يضعهما في مرتبة الحيوانات''! في حين انهما بمرتبة طفليها ولا تبخل على أي منهما بشيء· أما الاعتناء بالحيوان كثقافة وممارسة روتينية فهو في طور النمو على الصعيد المحلي· وقد ادّى الجدل الحاصل حول ضرورة التربية المترفة للحيوان الأليف او عدمها إلى تراجع العديد من المؤسسات عن الترويج أو الظهور الإعلامي البارز، إذ ترفض مديرة مركز الزبير للعناية بالحيوانات الأليفة في الشارقة الدكتورة حديقة التفرّد في الظهور على التلفزيون أو الصحف نظراً للانتقاد الشديد الذي وجّهه لهم المتشدّدون الإسلاميون في ما مضى· وتأسف حديقة لهذا النمط في التعاطي ''مع تلك الظاهرة الجديدة والحضارية في كيفية الاعتناء وتدليل الحيوان الأليف، والتي تحتاج الى سنوات طويلة قبل أن تتحول الى ثقافة راسخة في مجتمعاتنا''· اما هشام فهمي، الاخصائي البيطري فينتقد غياب الوعي والنضج والإنسانية تجاه الحيوانات الأليفة وخصوصاً من قبل الوافد العربي· فالكثير من العائلات تعمد الى شراء كلب أو قطة اما تماشياً مع الموضة أو بسبب الغيرة من جيران الحـــي· أما آخرون فيلجأون إلى اقتناء أنواع من الكلاب المشهورة سينمائياً مثل الدلماشين او الهاسكي من دون أي خلفية ثقافية عن كيفية الاعتناء بها، لينتهــــي بها الأمر نهاية مأساوية على أيـــــدي الاولاد الذين تربــــوا على التعامل مع الحيوان الاليف كلعبـــة بلاستيكية!
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©