الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سؤال يحير الأميركيين: «ننفق أم ندخر»؟

20 ديسمبر 2009 22:35
ستيف لوبيز لوس أنجلوس ها أنا ذا في مركز "بيفرلي سنتر" التجاري، أرنو طويلًا إلى بنطال جينز ثمنه 228 دولارا من صنع"بلومينجديل"، ولا أستطيع رغم إمعان النظر معرفة دوري كأميركي في الأزمة المالية الحالية: هل المفترض عليّ شراء هذا البنطال الغالي الثمن وأي شيء مماثل آخر أراه أمامي كي أساعد على دفع التعافي الاقتصادي قدماً للأمام؟ أم أنه يتوجب عليّ كبح هذا الدافع الاستهلاكي الملح، وادخار كل بنس، لأن موجة الشراء العاتية التي سادت أميركا من أقصاها إلى أقصاها هي التي ساعدت على حدوث ذلك الانهيار المبالغ فيه، مما يؤدي إلى المزيد من الركود في حركة المبيعات، والمزيد من التأزم الاقتصادي، والمزيد من حالات الاستغناء عن العمالة، التي يمكن أن أكون أنا أحد ضحاياها في القريب العاجل. إذا ما استمعنا للسياسيين والمحللين والخبراء فسوف نسمع من يحبذ هذا الرأي أو ذاك إلى جانب كم كبير من الرطانة غير القابلة لفك شفرتها والمتعارضة مع بعضها. وهذه الحقيقة يمكن أن تزيد المواطنين العاديين من أمثالي حيرة، وهو ما جعلني أفكر في دعوة الاقتصادي "كريستوفر ثورنبيرج"، الذي تنبأ بانهيار القطاع العقاري قبل معظم زملائه بوقت طويل، للمجيء إلى المركز التجاري، الذي أتواجد فيه كي يوضح لي بعض الأشياء ويزيل ما يكتنفها من غموض. لم أدعه بالطبع للمركز فقد كان ذلك فكرة لمعت في ذهني لبرهة، ولكن حدث بعد ذلك أن قابلته فعلًا، وعليّ أن أوضح هنا أن "ثورنبيرج" بالإضافة إلى كونه اقتصادياً بارعاً، هو المدير المؤسس لمجموعة"بيكون إيكونوميكس"، وهي مجموعة بحثية مرموقة مقرها كاليفورنيا، تنشر تنبؤاً اقتصادياً ربع سنوي. أكد الرجل أن الصواب لم يجانبني عندما اعتقدت أنني أتلقى رسائل مختلطة بشأن الاقتصاد، وقال لي إنه ليس من المتوقع أن أسمع الحقيقة بشأن ما يجري سواء من قبل ساسة واشنطن أو بارونات "وول ستريت". ولكن ما هي الحقيقة بالضبط على الأقل كما يراها "ثورنبيرج"؟ - إن "وول ستريت" لا يزال عديم الرحمة وغير منظم الآن، كما كان حاله منذ عامين، وهو ما يرجع أن جميع أفراد فريق أوباما الاقتصادي هم من وول ستريت. - على الرغم من أن الاستهلاك قد انخفض، فإن ذلك صاحبه في ذات الوقت خفض في الأجور، وبالتالي فإن الاستهلاك مقارنة بالأجور الجديدة، لا يزال يشكل نسبة من الدخل تعتبر هي الأعلى على الإطلاق. - العجز التجاري لا يزال بعيداً عن المعالجة بسبب عاداتنا الإنفاقية، ولأن الدين الوطني قد أصبح ضخماً بصورة لا تصدق. ولكن "ثورنبيرج" يصر على أن الائتمان هو شيء يمكن أن نحصل عليه من أجل الحصول على أصل ثابت طويل الأمد، كالحصول على قرض لشراء منزل على سبيل المثال. وليس من المقبول في نظره أن يحصل الفرد على قرض لشراء أجهزة "آي. بود" للعائلة، وإلا كان معنى ذلك أنه يعرض نفسه لخطر كبير على الأقل لجهة فوائد الاقتراض الباهظة. يقول "ثورنبيرج":"في التسعينيات كان الأميركيون ينفقون بنفس الطريقة التي ينفق بها طالب التحق بالجامعة حديثاً، ويستخدم بطاقة والده الائتمانية في الدفع". ويوضح ما حدث بعد ذلك بقوله "ظللنا على ذلك حتى استيقظنا عام 2007 كي نكتشف أن المنزل الذي نسكن فيه، والذي كان يساوي مليون دولار، أصبح يساوي 500 ألف دولار فقط وأن المضاربة في البورصة تحولت إلى وحش يأكل من لحمنا الحي". ولكنه يصر مع ذلك على أن الأميركيين أسرفوا في الدين بأكثر مما ينبغي. وهو يرى كذلك أن الأمر لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه، لو لم يكن "وول ستريت" يوزع العلاوات والحوافز على المديرين بهذا الإسراف والبذخ في نهاية كل عام، كما لو كانت نهاية العام مناسبة تستدعي الاحتفال وتوزيع الحوافز بلا حساب ويقول ثورنبيرج أيضاً:"الشيء الذي يبعث على الغضب هو تلك اللامبالاة، التي كان المسؤولون الماليون يتعاملون معها مع الموضوع. وحسب "ثورنبيرج" فعندما تتضاعف أسعار المنازل 3 مرات في سبع سنوات، فإننا كان يجب أن نعرف أن هناك شيئاً ما خطأ". وقد ترتب على ذلك -حسب قوله- أن شركات ومؤسسات استغلت هذه الظروف الاستثنائية وحققت أرباحاً طائلة، وعندما انفجرت الفقاعة، وتحول كل شيء إلى أشلاء فإنها غادرت الساحة سالمة دون أن يمسها سوء، بل إن بعض المشروعات التي فعلت ذلك في المجال العقاري، كانت على درجة من الفظاظة جعلتها، لاتتورع عن المطالبة بجزء من أموال صفقة الإنقاذ الحكومي للخروج من أزمتها على الرغم من حقيقة أنها كانت قد راكمت أموالًا لا حصر لها في السنوات التي سبقت الانفجار. أما بشأن السؤال الذي طرحناه، والخاص بما إذا كان من الأفضل أن ينفق الناس ما لديهم أم يدخرونه. قال"ثورنبيرج" إن ما حدث يدفع الناس للحذر وعدم الاندفاع في الشراء كما كان الأمر من قبل. ليس هذا فحسب بل إنهم عندما يشترون يكونون حريصين قبل الشراء على معرفة ما إذا كان البائع سوف يمنحهم خصماً أم لا. فهم حريصون على ما لديهم من نقود لم تعد تكفي سوى بالكاد لدفع بنود الإنفاق الكبيرة، في حياتهم كالسكن والتعليم والرعاية الصحية خصوصاً على ضوء أن شبح البطالة ما زال ماثلًا، ويهدد بالبقاء لشهور طويلة خلال العام. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©