الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الرحمانية» مشروع رائد لمد جسور التواصل ولإحياء صلة الرحم

«الرحمانية» مشروع رائد لمد جسور التواصل ولإحياء صلة الرحم
20 ديسمبر 2009 22:12
تراجعت عادات الناس في التجمع وطرق أبواب بعضهم البعض، بل قربت من الاندثار، واكتفى الأهل بإرسال التحية والسؤال عن طريق الرسائل النصية القصيرة، رسائل لا تمنح الأمان وتزرع الدفء كالتجمعات المباشرة، وغلب على الحي أو الفريج السكون والرتابة، وسكنت الناس إلى نفوسها فأصبح الجار غريباً عن جاره، بل بات الأهل غرباء عن بعضهم. لمناهضة هذه الظاهرة الجديدة، رأت مجموعة من النساء، من بينهن أمل أحمد صالح مديرة جائزة الشارقة للقرآن والحديث للأسرة بالمكتب الثقافي التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، ضرورة إطلاق مشروع أطلق عليه اسم «الرحمانية» بكل ما تحمله الكلمة من رحمة وتواد وتواصل. عن هذا المشروع تقول أمل أحمد: «استوحينا فكرة المشروع من فكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث أنشأ منطقة في الشارقة أطلق عليها اسم الرحمانية، وهي منطقة سكنية جمع فيها الأهل والإخوان وأبناء العم من الأسرة الواحدة ليكونوا قريبين من بعضهم البعض، ويجمع الأرحام في مكان واحد، من منطلق التوادد والتراحم، ومن خلال هذه الفكرة انطلق مشروعنا». الرحمانية للحوارات تضيف أمل صالح: «أنشأنا هذا المشروع في الشارقة، مع العلم أنه يشمل ضواحيها كالمنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية، حيث ننتقل إلى الأحياء السكنية، وتستضيفنا إحدى السيدات في بيتها وتقوم بدعوة صديقاتها والمقربين لها، ومن جهتنا نقوم باختيار الشخصية التي ستقدم المحاضرة وتدير النقاش مع الحاضرات، ويتم اختيار مواضيع من شأنها أن ترفع المستوى الثقافي للمشاركات من أمهات وفتيات، وإحياء قيمة التراحم والتواصل والتزاور بين سيدات الحي الواحد، حيث بدأت هذه القيمة تندثر بسبب الطفرة التكنولوجية التي لم تنج العلاقات الإنسانية من حداثتها، حيث أصبح البعض يكتفي بإرسال رسائل نصية قصيرة للسؤال، ويتلقى البعض مكالمة للمعايدة أو التهنئة، ولهذه الأسباب رأينا ضرورة إعادة إحياء صلة الرحم عن طريق التزاور وفي نفس الوقت يتحقق مبدأ التواصل بين المجلس الأعلى لشؤون الأسرة وشرائح المجتمع، ويتم اختيار المواضيع حسب المناسبة الدينية أو الوطنية لتأتي في سياق الحدث، تقدم المحاضرة إحدى الأخوات، وتدير الحوار وترد على كل الأسئلة، وبذلك نرتقي بمستوى الأسرة من خلال العلاقات الإنسانية بناء على منظور إسلامي ونبني علاقات تقام على قيم متينة مستمدة من القرآن والسنة، ومن بين الشخصيات المهمة التي قدمت محاضرات في إطار مشروع الرحمانية، السيدة أمينة خليل، وهناء عطية، والدكتورة نجوى حسن، والدكتورة علياء إبراهيم». من التعاليم الإسلامية تفيد أمل أحمد أن آخر اللقاءات التي قام بها مشروع الرحمانية كان محاضرة عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم لاستنباط العبر والمواعظ منها، وتقول عن ذلك: «لقد جاء اختيارنا لموضوع الهجرة النبوية احتفاء بهذه المناسبة الغالية على نفوسنا، لنلقي الضوء على الدروس والعبر والمواعظ التي تفيدنا في حياتنا اليومية، حيث اتجهت اهتمامات الناس إلى أهمية التخطيط في كل مناحي الحياة، وضرورة اختيار الأصدقاء وتسليط الضوء على الصحبة الجيدة. وقد ألقت الدكتورة علياء إبراهيم الاستشارية الأسرية، خبيرة التنمية البشرية، محاضرة بعنوان الهجرة النبوية بين التخطيط واختيار الصديق، والتي طرحت فيها أهمية تدبر الأحداث التاريخية الإسلامية والاستفادة منها، وإدراك الرسائل التي تحملها، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تتحول أحاديث الهجرة النبوية إلى مجرد قصة نسردها على أبنائنا». الثقافة ديليفري عن هذه المحاضرة تقول علياء إبراهيم، التي تتكفل بتقديم أغلب المحاضرات في إطار مشروع الرحمانية: إن هذه المحاضرات تقدم الثقافة إلى البيت وهي نوع آخر من الثقافة الديلفري، وعن هذه المحاضرة فإن الهجرة النبوية تعد حدثاً فاصلاً في تاريخ الدعوة الإسلامية حدثاً يحمل في طياته أهم أساليب التخطيط، وهو أصبح من أهم العلوم المعاصرة التي تساهم في تطوير أداء الأفراد والمؤسسات وتقدم الأم، وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم اشتملت على التخطيط والإعداد ودقة التنفيذ وأساليب التفكير الإبداعية وحسن توزيع الأدوار. وتضيف علياء إن كل هذه الخطوات أكدت أن الإسلام لم ولن يكون ديناً عشوائياً أو فوضوياً، وأن المسلم عليه الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في التخطيط لأموره الحياتية كلها، كما برهنت أن استعانة الرسول صلى الله عليه وسلم بشباب المسلمين في تنفيذ خطة الهجرة هي رسالة نبوية، مفادها أنه يتوجب علينا الاستفادة واستثمار طاقات الشباب وإفساح الطريق أمامهم، كما أن التخطيط النبوي للهجرة لم يغفل أهمية دور المرأة، فكانت السيدة أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنها، المثال والنموذج الذي يجب أن تقتدي به المسلمات، مشيرة إلى أن مشاركة المرأة في هذا الحدث التاريخي تمثل أقوى رد على من يتهم الإسلام بتهميش دور المرأة، وتحجيم طاقاتها، متوقفة عند استعانة الرسول صلى الله عليه وسلم بأحد المتخصصين في الطرق، كدليل له في أثناء الرحلة، بالرغم من كونه غير مسلم، وهو الأمر الذي يؤكد انفتاح الإسلام على الآخر، واحترام ذوي الخبرات من الأديان الأخرى. ندخل البيوت من باب التواصل من جهتها فاطمة المشرخ، إحدى المتطوعات في مشروع الرحمانية، وقد استضافت أول لقاء في بيتها تقول عن التجربة: «أعد من المتطوعات في مشروع الرحمانية، بالنسبة لي هذا المشروع من المشاريع الناجحة وقد لاقى صدى طيباً وتفاعلاً كبيراً، مع الناس وهو من البرامج التي تحيي صلة الرحم، وتعلم التآزر والتراحم والتوادد، وكانت الانطلاقة الأولى لهذا المشروع من بيتي، وفكرته الرحمة، وهو تجمع نسائي في بيت من البيوت، حيث تستضيف إحدى السيدات النساء قريباتها وصديقاتها وكل من ترغب في حضوره، وهو يقام وقت الضحى، حيث تأتي كل سيدة بطبق من الأطباق التي تبرع في تجهيزها، ويتم الترويج لبعض الأشغال اليدوية في هذه الجلسات، وتقدم محاضرات يتخللها النقاش وتطرح الأسئلة يجيب عنها المختصون، وهذه الفكرة نابعة من غيرة البعض على العادات والتقاليد التي بدأت تندثر تباعاً، فالحي تفرق أهله ودخلت الحضارة ليعم الصمت الأماكن، بحيث أصبحت السيارة تدخل للبيت محملة بالناس وتخرج منه كذلك، فلا يكاد يعرف الجار جاره، وأعدنا دخول البيوت من باب الواصل والتراحم ويدور الحوار حول قيم ومبادئ قيمة مستقاة من الدين الإسلامي، ونطمح إلى إعادة بث روح التواصل بين الجيران والأهل. وقد نحل الكثير من المشاكل الاجتماعية كالعنوسة مثلا، بحيث الكثير من الأسرة تريد تزويج أولادها. وتبحث عن العروسة المناسبة، والكثير من الأهالي يتمنون لبناتهم رجالاً أتقياء يحسنون تحمل المسؤولية، وقد يكونون متواجدين بنفس الحي، لكن بحكم تباعد الجيران وعدم تواصلهم أصبحت العلاقات شبه منعدمة، كما تفاقمت بعض المشاكل وزاد استفحالها في المجتمع، وبذلك فهذا المشروع لاقى استحسانا طيبا من الجمهور، ورغبت فيه النساء لتبادل الأفكار والآراء وتبادل الخبرات، وربط أواصر المحبة، وفتح أبواب التراحم». هموم الناس من المواضيع المطروحة في هذه اللقاءات التي تحاكي هموم الناس وتطور مداركهم وتفتحها على العالم: الآثار الإيجابية لتفعيل قيمة التكافل الاجتماعي في إرساء ونشر الأمن والاستقرار في المجتمع، خاصة أن التكافل الاجتماعي لا يقتصر على الناحية المادية، بل امتد إلى النواحي المعنوية، فالإسلام دعا إلى دعم المسلم لأخيه المسلم في كافة نواحي حياته، التي تخرج عن نطاق الجوانب المادية لتمتد إلى الدعم المعنوي والنفسي للأيتام والأرامل والجار والصديق. ومن المحاضرات التي ستقدم مستقبلا محاضرة ما بعد الأربعين حيث يعرف هذه المرحلة أنها منعطفاً مهماً في حياة المرأة، فهذه المرحلة تتميز باحتياجاتها الخاصة على المستويات العقلية والبدنية والاجتماعية والنفسية والروحية والعملية، ونظراً لأن الدراسات النفسية والاجتماعية اهتمت اهتمامًا كبيراً بمعظم المراحل العمرية في حياة الإنسان مثل الطفولة والمراهقة والشباب بل والشيخوخة إلا أن الدراسات التي ركزت على المرحلة العمرية الأربعينية في حياة المرأة قليلة مما يوجد أهمية كبيرة لزيادة وعي المرأة نفسها بكيفية التعامل مع هذه المرحلة بهدف تطوير الأداء الذاتي للمرأة بما ينعكس إيجاباً على ذاتها وأسرتها ومجتمعها
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©