الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فوضى الإفتاء تزييف لوعي المسلمين وتغيير لصحيح الدين

فوضى الإفتاء تزييف لوعي المسلمين وتغيير لصحيح الدين
8 مايو 2014 20:04
شهدت الساحة الإسلامية خلال الأيام الأخيرة سيلاً من الفتاوى التي تخرج عن النسق الديني العام وتشوه وعي المسلمين، وكانت بداية تلك الفتاوى على لسان أحد الدعاة، حيث أفتى بأنه إذا هجم مجموعة من قطاع الطرق على زوجين بهدف اختطاف الزوجة من زوجها، وتأكد الزوج أن المغتصبين سيقتلونه إذا حاول الدفاع عن زوجته، ثم سيغتصبونها بعد قتله، يجب عليه الحفاظ على نفسه، وبعد تلك الفتوى ظهرت الكثير من الفتاوى الغريبة، ما أثار سؤالاً ملحاً حول إمكانية وجود قانون، أو تشريع يعاقب أصحابها، حفاظاً على صحيح الدين، ومنعاً لتزييف وعي المسلمين. حسام محمد (القاهرة) دعا الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى متابعة مسألة الإفتاء بشكل عام، وقال: من يباشر عملاً بغير إذن فلا بد أن يُعاقب بعقوبة مدنية أو جنائية، ولما كانت العقوبات المدنية غير رادعة تتجه الأنظار غالباً صوب العقوبات الجنائية، إلا أن المهم هو أن تكون تلك العقوبة ملائمة ومناسبة، فالعلم الشرعي ليس مشاعاً للجميع، ومن الضروري حظر الإفتاء على من لا يملك مؤهلات شرعية علمية وأخرى خلقية وعملية، تتمثل في أن يكون حاصلاً على علم شرعي يؤهله للإفتاء ولا يمكن تحديده بأقل من درجة العالمية في الشريعة الإسلامية ودرجة الدكتوراه أو ما يعادلها، مع المؤهلات العملية والخلقية، وهي أن يكون تقياً ورعاً غير خاضع للسلطان، وهي مواصفات تندرج تحت عنوان «شروط قبول المفتي» حتى يستطيع الاجتهاد وإخراج الفتوى في ثوبها الديني الصحيح. لصوص الدنيا أما الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، فلفت إلى أن ظاهرة سماها لصوص دين، ويقصد بهم من يفتون بغير علم وقال: هؤلاء أخطر على المجتمع من لصوص الدنيا، وخطرهم أكبر لأنهم يخدعون الناس بأحب شيء لديهم، وتعريتهم لا يمكن أن يتصدّى لها تيَّار واحد أو شخص أو مجموعة، بل لا بد من تضافر جهود أكثر من جهة ليكون العمل وفق منظومة متناغمة ولا بد من التصدي لهذه الظاهرة ومعالجة هذه القضية بجميع الدول العربية والإسلامية لأنَّ الدعوة والفتوى شابهما خلال العقود السابقة دخول أناس غير مؤهلين لهم أجندات تخدم أهداف أعداء الأمتين العربية والإسلامية. الفتاوى المتضاربة ويقول الدكتور نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية الأسبق، إن القضاء على ظاهرة الفتاوى المتضاربة والمغلفة بالسياسة يكمن في توحيد جهة الفتوى ومن الممكن في هذا الإطار توحيد جهة الفتوى على مستوى العالم العربي كله، وعقد مؤتمر يشارك فيه كل علماء الشريعة والمؤسسات الفقهية من دون استبعاد لأحد ويتم الاتفاق بين العلماء على مؤسسة بعينها تكون مهمتها إصدار الرأي الشرعي في كل القضايا المعروضة على الساحة، ويمنع منعاً باتاً صدور أي فتوى دينية عن شخص خارج تلك الهيئة أو حتى جهة مغايرة لها والأمة لديها الكثير من المؤسسات الدينية المؤهلة لتنفيذ ذلك الأمر وتحمل المسؤولية بجدارة. العلم الشرعي ويقول الدكتور محمد المختار المهدي عضو هيئة كبار علماء الأزهر، إن الإفتاء بلا علم جريمة فنحن لا نسمح لغير الطبيب أن يفتح عيادة طبية، ولا لغير المهندس أن يفتح مكتب استشارات هندسية، فلماذا نسمح لغير المتخصصين في الشريعة أن يتصدوا للإفتاء؟ والغريب أننا نرى أن لكل علم قانوناً يحميه إلا العلم الشرعي، فليس له قانون وليس كل شخص مؤهلاً للإفتاء، ونحن نوافق على تجريم الإفتاء بلا علم. ويضيف: أمتنا الإسلامية في العصور المتأخرة بدأ يدب فيها مرض فتاك، وغداً الناس يتقلبون بين أهل الكلام والأهواء، الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، فبثوا سموم فتاواهم بين الناس ليهلكوا الحرث والنسل، وما ذاك إلا بسبب تعلقهم بالدنيا، وحبهم لها، وشغفهم بشهواتها، وكم رأينا من يخرج على المسلمين من بعض هؤلاء ليفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. أهل الذكر ويضيف: لا بد أن يعي الجميع أن الله تبارك وتعالى يقول في محكم آياته: (... فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة النحل: الآية 43»، وأهل الذكر المقصود بهم الذين تخصصوا في الشريعة الإسلامية، فالمفتي هو المخبر عن الحكم الشرعي فيما سئل عنه في أمر واقع من غير إلزام ولهذا يشترط في المفتي كي يفتي الناس أن يكون مسلماً صحيح الإسلام عاقلاً بالغاً وأن يكون شديد الفهم عالما باللغة العربية عارفاً بآيات الأحكام من القرآن الكريم عارفاً بالحديث. تحصيل الحكم المجرد في ذهن المفتي أوضح الدكتور محمد المختار المهدي عضو هيئة كبار علماء الأزهر أنه اشترط الفقهاء على من يتصدى للإفتاء أن يتسم بعدد من المميزات، أهمها ضرورة تحصيل الحكم الشرعي المجرد في ذهن المفتي، فإنَّ كان مما لا مشقة في تحصيله لم يكن تحصيله اجتهاداً، كما لو سأله سائل عن أركان الإسلام ما هي، أو عن حكم الإيمان بالقرآن، وإن كان الدليل خفياً، كما لو كان آية من القرآن غير واضحة الدلالة على المراد، أو حديثاً نبوياً وارداً بطريق الآحاد، أو غير واضح الدلالة على المراد، أو كان الحكم مما تعارضت فيه الأدلة، أو لم يدخل تحت شيء من النصوص أصلاً، احتاج أخذ الحكم إلى اجتهاد في صحة الدليل أو ثبوته أو استنباط الحكم منه أو القياس عليه ومعرفة الواقعة المسؤول عنها، بأن يذكرها المستفتي في سؤاله. وقال: على المفتي أن يحيط بها إحاطة تامة، بأن يعرف من السائل، ويسأل غيره إن لزم، وينظر في القرائن أن يعلم انطباق الحكم على الواقعة المسؤول عنها، بأن يتحقق من وجود مناط الحكم الشرعي الذي تحصّل في الذهن في الواقعة المسؤول عنها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©