الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد الدرمكي: الإتقان والحرص على النظافة من متطلبات النجاح في إعداد «المالح»

أحمد الدرمكي: الإتقان والحرص على النظافة من متطلبات النجاح في إعداد «المالح»
19 ديسمبر 2009 22:31
ترعرع أحمد عبدالله بن بغداد الدرمكي في مدينة بحرية، وخرج طيلة مرحلة طفولته ومراهقته مع والده في رحلات البحث عن الرزق، وذلك قبيل بداية السبعينات، وعندما وجد نفسه عاشقاً للبحر ولمشهد رؤية الأسماك «تلبط»- تتحرك حية طازجة، ترك الدراسة في الفترة الصباحية والتحق بالفترة المسائية منها كي لا ينقطع عن حبيبه البحر. طفولة بحرية شكّلت البيئة البحرية التي ولد الدرمكي بالقرب منها هويته، وحددت مسار حياته المهنية، يقول في ذلك: «يوجد في دبا الحصن الكثير من الصيادين الذين قضوا طفولتهم فوق زوارق الصيد، وقد توفي والدي في عام 1993 بعد رحلة طويلة في عالم البحر شاركته جزءاً منها، وبعد ذلك ورثت عنه إلى جانب معدات الصيد؛ كل المهارات المتعلقة بعالم البحر وصيد وتصنيع الأسماك». يذكر الدرمكي أنه لا يزال يحن إلى سفينة «البتيل»، يقول عنها: «إنها أشبه بقارب كبير للصيد بطريقة «الألياخ» أي شباك صيد السمك. كما كان لدينا نوع من سفن الصيد تسمى «زعيمة» وكانت تستخدم في «الضغي» الخاص بصيد أسماك البرية والعومة «السردين» ثم استغنينا عن «البتيل» مقابل سفينة «الشاحوف» وهي أصغر حجماً وكنا نصطاد آنذاك أسماك (القرش والكنعد والقباب والنقرور) وأنواعا أخرى أيضا». شهي وزهيد يسترسل الدرمكي موضحاً معنى «الضغاية» المتصل بعالم البحر، ويقول: «إنها مهنة حبس أسماك البرية والعومة في شباك ذات ثقوب صغيرة ثم جرها إلى الشاطئ، وهي أسماك تقصد الشواطئ الدافئة بهدف التكاثر، وتعتبر من ألذ أنواع الأسماك -على الرغم من صغر حجمها- إذ تجفف بنشرها على تراب الشواطئ ويتم تحضيرها عبر عدة مراحل لتشكل وجبة شهية وثمنها زهيد جداً في ذات الوقت. فضلاً عن كونها زاد غني للمسافر الذي يخشى أن لا يجد وجبة سمك أو يخشى فساد السمك، حيث تنظف جيداً وتسحق وتعبأ في أكياس بعد إضافة شيء من الزعتر أو الفلفل الأسود والسنوت أو الكمون عليها فتسمى «سحناه» بعد إتمام عملية تنظيفها وتجفيفها وتحضيرها». رحلة جديدة إبان وفاة والده وجد الدرمكي نفسه يعاف الدخول إلى البحر، فكان لزاماً عليه أن يشتري حصص الورثة في تلك السفن لبدء خوض رحلة جديدة تتمثل في مشروع تجارة شراء وبيع الأسماك، يقول: «بدأت تلك الرحلة في مطلع التسعينات، وتوجهت إلى التصنيع، والحمد لله كانت البداية ناجحة، خاصة أن تصنيع الأسماك قد تطور بشكل جيد، بعد وضع شروط النظافة والسلامة الصحية، حيث يتم فحص العمال في العيادات الرسمية وإبراز بطاقة الصحة». يسترسل مضيفاً: «لا يستطيع أي رجل حمل سمكة واحدة بغرض التصنيع قبل أن يتم فحصها من قبل الطبيب التابع لمكتب الصحة، فالحرص على النظافة والسلامة والاتقان والتجويد في العمل من ضرورات مهنة العمل في الأسماك على الرغم من أنه -حسب قوله- أصبح كل من هب ودب يعمل في بيع وشراء وتصنيع الأسماك، وربما البعض يعمل بعيدا عن أعين رجال مكتب الصحة التابع للبلدية! لذا تحذر البلدية وأنا مثلهم كافة المستهلكين من الشراء إن لم يكن على أوعية أسماك «المالح» وسواها لاصق يشير إلى ختم مكتب الصحة في البلدية». لجان المراقبة يشير الدرمكي في معرض حديثه عن السلامة الصحية إلى وجود لجان مختصة، تحضر في مواعيد مختلفة للتأكد من البراميل التي تحفظ فيها أسماك «المالح» ويختبرون صلاحيتها.. ويعرج إلى موضوع آخر قائلا: «فيما يتعلق بما يعرف بـ»اليوبل» وهو السمك المجفف، فإن له طرقا مختلفة في تحضيره تعتمد على إغراق السمك بعد التنظيف والتقطيع إلى شرائح في كميات هائلة من الملح، ثم ينشر على حبال في مكان آمن نظيف بعيدا عن الغبار والملوثات. وفي الماضي لم تكن الأسماك التي تجفف لتصبح «يوبل» تقطع إلى شرائح، إنما تفتح وتنظف وتترك كاملة ثم تملح وتعلق لتجف، كما كانت طرق استخدام «اليوبل» متعددة، فمنهم من يلجأ إليه لإعداد وجبة الغداء أو العشاء مع الأرز، ومنهم من يصنع منه مرق، والبعض يكتفي بغسله جيداً ثم يعصر عليه ثمار الليمون لأكله». عوامل مشتركة ثمة عوامل تجمع بين عدة أنواع من الأسماك، يشير إليها الدرمكي ويقول: «كل من أسماك (اليوبل والجاشع) منتج مملح ومجفف، لذلك يسهل حمله في السفر دون أن يتلف أو يفسد. وقد أصبح معظم الأهالي يحفظونه في البراد حتى وقت تناوله. كما يجمع بينهما أن كل منهما مفضل جداً لدى مواطني الدولة، ومنهم من يحمل (الجاشع واليوبل) معه عند سفره إلى الدول الأوروبية مثل النمسا وسويسرا وفرنسا وإلى بريطانيا أو التشيك من قبيل إهدائه للأصدقاء أو لتناوله». يوضح الدرمكي أن ثمة طريقة تكاد تندثر من تاريخ تصنيع السمك في الإمارات، يقول عنها: «لم يعد ممكناً تجفيف بيوض الأسماك «الحبول» وذلك من أجل زيادة المخزون السمكي من الأنواع التي كانت تجمع أكياس البيض المستخرجة منها ثم تملح وتجفف، وكانت طريقة تناولها إما بغسلها وعصر الليمون عليها ثم تناولها أو بالشواء. أما اليوم فإن الكميات التي تباع منها لا تتجاوز كيلو أو كيلوين في اليوم، ويكتفي المشتري أن يصنع منها طبقا صغيرا مقليا أو مشويا». يصمت الدرمكي قليلا ثم يبتسم مرددا أنه يبدي اعتزازه بنجاحه في عمله الذي جلب له شهرة واسعة في المنطقة، وبالتالي حقق أحلامه ولا يزال يدفعه ليستكمل درب طموحاته في عالم المهن البحرية. أرقام وأحوال يتراوح سعر الكيلو الواحد من «اليوبل» بين 180 - 200 درهم، بحسب الجودة. وبعض العائلات تشتري كميات كبيرة يتجاوز سعرها 2000 درهم، كي تطهي منه وجبات شعبية متعددة. - بالنسبة لسعر «المالح» فإنه يتراوح بين 140 160-درهما لعدد يبلغ 10 قطع كاملة من القباب، أما الخمس سمكات المقطعة على 10 قطع فإن سعرها يتراوح ما بين 70-80 درهماً. - كافة العبوات التي تحمل لاصقا من مكتب الصحة التابع للبلدية وتشير إلى سلامة وتاريخ صلاحية المنتج كمادة غذائية، هي وحدها الصالحة للاستخدام. - يمكن شراء الأسماك المصنّعة في المصانع بالمفرق أو الجملة.
المصدر: دبا الحصن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©