الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... أسباب إلغاء «صفقة الغاز»

25 ابريل 2012
في خضم الجدل الذي أثاره انهيار اتفاقية لتصدير غاز بقيمة عدة مليارات من الدولارات معمول بها بين مصر وإسرائيل منذ 2005، حرص مسؤولو البلدين، أول من أمس الاثنين، على توضيح أن النزاع تجاري، ولا يعكس توترات سياسية. ولكن المراقبين رأوا أن النزاع الذي ثار بين البلدين بصدد عقود تصدير الغاز، ليس سوى المؤشر الأخير على العلاقات المتدهورة بين البلدين، وقالوا إنه يمكن أن يهدد السريان الطويل الأمد لاتفاقية كامب ديفيد التاريخية للسلام الموقعة بينهما عام 1979. وكانت العديد من التوترات قد طالت العلاقات بين البلدين، منذ تنحي مبارك عن الحكم في الحادي عشر من فبراير 2011، والذي كان يقيم علاقات وثيقة مع إسرائيل، على الرغم من عدم الرضاء الشعبي في مصر وغيرها عن تلك العلاقات. ويدعي نقاد تلك العلاقة أن مبارك قد منح الغاز الذي يساهم في توفير 40 في المئة من احتياجات إسرائيل من الكهرباء، بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار المعمول بها في الأسواق العالمية. وخلال العام الماضي بأسره، ظلت إسرائيل تحاول جاهدة تعويض النقص في كميات الغاز المصري الواردة إليها نتيجة توقف التصدير جراء العمليات التخريبية التي بلغ عددها 14 عملية التي طالت خطوط نقل الغاز لإسرائيل والأردن الممتدة في شبه جزيرة سيناء التي يسودها قدر كبير من عدم الاستقرار والفوضى والاختلال الأمني منذ سقوط مبارك. وقد تركزت جهود إسرائيل في هذا المجال على زيادة إنتاجها المحلي من الغاز من الحقول المكتشفة في البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحلها خلال السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من التأكيدات الصادرة من إسرائيل التي تفيد أن تلك الاحتياطيات تمكنها من الاستغناء عن الغاز الوارد من مصر، إلا أن الخبراء يؤكدون أن القطع الكامل لتصدير الغاز المصري لإسرائيل يمكن أن يؤدي لانقطاعات مستمرة للتيار الكهربائي في المدن الإسرائيلية خلال فصل الصيف القادم. وكانت اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل تؤمن لمصر عائداً لا بأس من العملة الصعبة كانت في أمس الحاجة إليه خصوصاً بعد التدهور الملحوظ الذي شهده اقتصادها بسبب حالة الاضطراب، والفوضى، والعنف والاحتجاجات، والاعتصامات، التي سادت البلاد منذ تنحي مبارك، والتي أدت إلى انقطاع الاستثمارات الأجنبية وهروب الاستثمارات القائمة بالفعل، علاوة على النقص الحاد في حركة السياحة التي كانت توفر للبلاد جزءاً كبيراً من احتياجاتها من العملة الصعبة، كما كانت توفر العمل لملايين الأسر المصرية التي تضررت بشدة جراء ذلك. وتعليقاً على قرار إلغاء اتفاقية الغاز أدلى المهندس محمد شعيب رئيس الشركة المصرية للغاز"إيجاس" المملوكة للدولة بتصريح للصحفيين قال فيه "القرار الذي اتخذناه بهذا الشأن كان قراراً اقتصادياً وليس مدفوعاً بدوافع سياسية، وسبب إلغائنا لاتفاقية الغاز يرجع لأن الجانب الإسرائيلي قد أخفق في الالتزام بالمواعيد النهائية المحددة لدفع المستحقات عليه خلال الشهور الأخيرة". أما الجانب الإسرائيلي فقد أنكر أي إخلال من جانبه بشروط الاتفاق. وفي هذا السياق أدلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتصريح يوم الاثنين قال فيه "إنني لا أنظر لهذا القطع للغاز باعتباره شيئاً نابعاً من التطورات السياسية التي تشهدها مصر، وأن الأمر عبارة عن نزاع تجاري بين الشركتين المصرية والإسرائيلية في المقام الأول... وإسرائيل تمتلك حقول غاز ستوفر لها استقلالية في مجال الطاقة ليس عن مصر فحسب بل عن المصادر الأخرى أيضاً بل وستحولها إلى واحدة من أكبر الدول المصدرة للغاز في العالم … وبناء عليه فنحن مطمئنون جداً من هذه الناحية". وما قاله نتنياهو جاء متناقضاً مع ما قاله وزير خارجيته المتطرف"افيجدور ليبرمان" الذي قال إن إلغاء مصر لتصدير الغاز لإسرائيل"مؤشر لا يبشر بخير" وأن استمرار ذلك الاتفاق كان دليلاً على العلاقات المستقرة بين البلدين، وأن الاتفاق لم يكن في مصلحة إسرائيل فقط، وإنما كان يصب أيضاً في مصلحة الجانب المصري. أما "شاؤول موفاز" زعيم المعارضة فقد قال إن القرار المصري بإلغاء العقد "هو هبوط آخر في مستوى العلاقة بين البلدين، وانتهاك صريح لمعاهدة السلام الموقعة بينهما". وفي السياق نفسه، اجتمع "داني إيلون" نائب وزير الخارجية الإسرائيلي مع ياسر رضا السفير المصري في تل أبيب وطلب منه إيضاحات بشأن إلغاء عقد تصدير الغاز لإسرائيل. من جانبه شدد السفير المصري على أن الخلاف عبارة عن خلاف تجاري بين شركتين وليس خلافاً سياسياً بين الحكومتين. فيما أكد "بنيامين بن اليعازر" وزير البنى التحتية الإسرائيلي الذي كان صديقاً مقرباً من مبارك كما يقال والذي كان قد وقع الاتفاق عن الجانب الإسرائيلي عندما كان وزيراً للطاقة عام 2005 على أن "القرار سياسي بامتياز". ويشار إلى أن صفقة الغاز قد ظلت تحت التدقيق والمراجعة لشهور طويلة، وأن التصدير قد تعطل 14 مرة بعدد مرات تفجير خط الأنابيب، كما سبقت الإشارة إلى ذلك آنفاً. كما يشار أيضاً إلى أن الشخصيات السياسية والدينية المصرية قد ظلت تطالب بإنهاء اتفاق الغاز الموقع مع إسرائيل بسبب الظلم الذي لحق بمصر جراء أسعار الغاز المتدنية، وإن مبارك المسجون حالياً في المركز الطبي العالمي على طريق الإسماعيلية يواجه تهماً جنائية بسبب تلك الصفقة التي يقول نقاده عنها إنها كانت نموذجاً صارخاً للفساد. إدموند ساندرز - القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©