الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... واحتمالات التدخل الأميركي

الأزمة السورية... واحتمالات التدخل الأميركي
25 ابريل 2012
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على النظام السوري يوم الاثنين الماضي، فيما يمثل إشارة إلى زيادة الضغط الدولي على الرئيس السوري، وسط تشاؤم واسع بشأن مخطط المبعوث الأممي كوفي عنان للسلام. وكان مجلس الأمن الدولي قد رخص يوم السبت الماضي بنشر ما يصل إلى 300 مراقب عسكري غير مسلح من أجل مراقبة اتفاق إطلاق نار هش دخل حيز التنفيذ رسمياً في الثاني عشر من أبريل كجزء من مخطط عنان. ولكن أعمال العنف استمرت منذ ذلك الحين في وقت ألمح فيه مسؤولون أميركيون إلى أن فشل نظام الأسد في الالتزام بمخطط عنان المؤلف من ست نقاط يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات أممية حتى قبل انقضاء مهلة التسعين يوماً المحددة لتطبيقه. غير أنه بالنظر إلى الانقسامات الدولية بشأن كيفية معالجة الأزمة في سوريا، إضافة إلى الشكوك بشأن قابلية مخطط عنان للنجاح، فإن السؤال يظل هو: إذا فشل مخطط السلام، فما هي الخطوة المقبلة؟ "آندرو تابلر"، الخبير في سوريا من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يقول: "لا أحد هنا (في واشنطن) يعتقد أن مخطط عنان سينجح"، مضيفاً "هذا المخطط لا يتعاطى مع الداء نفسه. والداء بسيط للغاية. فلديك نظام تهيمن عليه أقلية ليست مستعدة للتخلي عن السلطة، أقلية لديها سجل يمتد على 42 عاماً لم تستطع خلاله تنفيذ الإصلاح". وفي هذه الأثناء، أخذت إدارة أوباما، التي باتت مقتنعة على نحو متزايد بأن الوضع مرشح للتدهور - مع ما يمكن أن ينطوي عليه ذلك من عواقب وخيمة للأمن الإقليمي- تتجه نحو عمل أكثر حزماً وتصميماً بخصوص سوريا. تحول يمكن أن يشجع بلداناً أخرى كانت تنتظر قيادة أميركية على لعب دور مباشر أكثر في دعم المعارضة السورية. وللتذكير، فإن مخطط عنان يتضمن دعوات لوقف إطلاق النار من الجانبين، وإيصال المساعدات الإنسانية، وعملية لمعالجة مطالب المعارضة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والسماح للصحفيين الأجانب بدخول البلاد، والسماح بتنظيم مظاهرات سلمية. وعلى الرغم من أن النظام السوري قبل مخطط عنان، فإن أعمال العنف تواصلت، وإن بوتيرة أقل مما قبل، في وقت تقول فيه الأمم المتحدة إن أكثر من 9 آلاف شخص ماتوا في سوريا منذ بدء الانتفاضة في مارس 2011. يشار إلى أن "المجلس الوطني السوري"، تنظيم المعارضة الرئيسي، رحب ببعثة المراقبين الأمميين، معتبراً أنه يجب نشر عدد أكبر من المراقبين وذلك حتى"يسمح وجودهم للسكان المدنيين بإعادة التأكيد على حقهم في مظاهرات سلمية". غير أن تلك هي أكثر نتيجة تخشاها السلطات السورية، ذلك أنه في حال تم سحب قوات الأمن السورية وآلياتها الثقيلة من المدن، فإن محتجي المعارضة المستقوين بوجود المراقبين التابعين للأمم المتحدة يمكن أن يستأنفوا المظاهرات المناوئة للنظام بقوة وحيوية أكبر مقارنة مع الاحتجاجات الأولى التي نظمت قبل نحو عام. على أنه إذا امتدت هذه المظاهرات من دون قيود إلى مدينتي دمشق وحلب، اللتين تعتبران أكبر مدينتين في سوريا، فإن نظام الأسد سيجد نفسه أمام وضع خطير للغاية. ومن جهة أخرى، فإن المعارضة السورية غير مهتمة بمكون آخر من مخطط عنان يدعو إلى الحوار مع السلطات السورية. ذلك أنه بالنسبة للمعارضة، فإن المفاوضات مع النظام عديمة الجدوى اللهم إلا إذا كانت مقصورة على مناقشة نهاية سريعة لحكم الأسد، وهو شرط سترفضه القيادة السورية. وفي هذا الإطار، يقول أحمد، وهو ناشط سوري يعيش مختبئاً في شمال لبنان: "لا جدوى من المحادثات مع النظام. ليس لدينا ما نتحدث حوله ونحن نريد رحيل الأسد، هذا كل شيء". وعلى الرغم من أن مخطط عنان مازال في المراحل الأولى من التطبيق، فإن مشاعر التشاؤم التي تحيط به دفعت مخططي السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا إلى بحث ودراسة خيارات بديلة في حال فشله خلال الأسابيع المقبلة. وحتى الآن، فقد قصرت إدارة الرئيس أوباما تحركاتها تجاه سوريا على الخطاب والعقوبات، رافضة بشكل واضح أن يتم جرها إلى الشرق الأوسط بعد أشهر فقط على إنهاء تدخلها العسكري في العراق وفي وقت شرعت فيه في عملية الخفض التدريجي لعديد قواتها في أفغانستان. والأكيد أن سوريا، التي تعتبر مرجلاً يغلي باضطرابات طائفية وإثنية وساحة معركة إقليمية جديدة صاعدة، تعد ربما أكثر تعقيداً وخطورة من العراق. وحسب "راندا سليم"، الباحثة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن وزميلة مؤسسة "نيو أميركا فاوندايشن" المتخصصة في الشؤون السورية، فإن النزاع في سوريا يتميز بثلاثة مكونات: - صراع وجودي بين نظام الأسد، الذي تهيمن عليه الطائفة العلوية التي تمثل أقلية في البلاد، ومعارضة سُنية في معظمها مسلحة تسليحاً خفيفاً. - صراع على النفوذ بين إيران، التي تعد حليفاً للنظام السوري، والسعودية، القوة العربية السنية المهيمنة. - اختبار دولي للإرادات بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، وكلاهما يدعمان نظام الأسد. وتقول راندا سليم:"إذا لم تتغير حالة اللعب على أي من هذه المستويات بشكل مهم، فإن المأزق الحالي يمكن أن يستمر لبعض الوقت"، مضيفة "وفي غضون ذلك، سيتعمق الاستقطاب الطائفي وستستمر البلاد في الانزلاق نحو ما بات يبدو أنه سيناريو لا مفر منه: حرب طائفية تجمع بين العلويين والسنة مع إمكانية امتدادها إلى بلدان مجاورة". نيكولاس بلانفورد - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©