الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ذئب وول ستريت» يفقد 45 دقيقة من زمنه الأصلي بمقص الموزع

«ذئب وول ستريت» يفقد 45 دقيقة من زمنه الأصلي بمقص الموزع
14 يناير 2014 20:45
إبراهيم الملا (الشارقة) ــ من المستغرب أن يتم عرض فيلم أجنبي في صالات السينما المحلية، رغم اقتطاع 45 دقيقة كاملة من الزمن الفعلي للفيلم، وهو ثلاث ساعات، ولكن الأمر حصل بالفعل مع فيلم «ذئب وول ستريت» (The Wolf of Wall Street)، الذي يعرض حاليا في دور السينما المحلية، وهو من إخراج مارتن سكورسيزي، الذي استوحى فكرة الفيلم من مذكرات رجل الأعمال الأميركي السابق جوردن بلفورت، ويروي فيها بلفورت قصة صعوده وانكساره في عالم المال «المتوحش»، بعد تجاوزه وبسرعة البرق قاع المدينة وهامش الفقر، ويتحول في غضون سنوات قليلة إلى ملياردير وهو ما زال في سن السادسة والعشرين، حيث ينتهي به مسار الجشع والبذخ والاحتيال إلى المحاكم، وإيداعه السجن بتهمة الفساد والتلاعب بأسعار البورصة في تسعينيات القرن الماضي، وأدى دور بلفورت في الفيلم، الممثل الشهير ليوناردو دي كابريو، الذي حاز عن دوره فيه جائزة «جولدن جلوب»، مؤخرا. ارتباك وتشويه كان واضحا لمن شاهد الفيلم مدى الارتباك الكبير والتشويه البالغ الذي أصاب الإيقاع البصري والسردي العام للحكاية جراء هذا البتر القاسي، والمتجسّد في كثرة الحوارات المشوشة، والعبارات المقطوعة، وانفرط عقد الفيلم أكثر عندما لجأ الرقيب ذاته، إلى قص ولصق المشاهد بشكل اعتباطي وفوضوي وغير منتم لفن المونتاج المتبع عادة عند التعامل مع اللقطات الخادشة، أو المُحرجة عند تناولها لقضية أخلاقية أو دينية أو سياسية مسيئة وغير منصفة. وتمثلت المشكلة الأكبر عند عرض هذا الفيلم المبتور، في عدم اتخاذ الموزع قرارا حاسما يمنع من خلاله عرض الفيلم في الصالات العربية، ولجوئه بدلا من ذلك لحل وسط يوازن بين الحذف التعسفي، وبين تحقيق رقم معقول من الإيرادات والأرباح، وهامش مخاطرة يمكن تجاوزه بسهولة مع مشاركة نجم شباك معروف في الفيلم هو دي كابريو، ومخرج من الوزن الثقيل إبداعيا هو سكورسيزي، ولكن يبدو أن قرار عرض الفيلم في شكله «الممسوخ» هذا سيؤدي إلى دعاية سلبية لن تطيل فترة بقائه في الصالات المحلية لأكثر من أسبوع. وللتعرف على أسباب وحيثيات عرض فيلم «ذئب وول ستريت» رغم التشويه الكبير الذي طال بنيته السردية ومحتواه الدرامي بعد حذف 45 دقيقة من زمنه الأصلي، التقت «الاتحاد» جمعة الليم، مدير إدارة متابعة المحتوى الإعلامي بالمجلس الوطني للإعلام، التي تملك قرار إجازة أو منع أي فيلم من العرض في الصالات المحلية، حيث أشار الليم إلى أن الإمارات هي من أكثر دول المنطقة تمتعا بالشفافية والمرونة عند تعاملها مع المنتج الإبداعي، أو مع العمل الفني البصري أو السمعي أو المقروء، مؤكدا أنها من أولى الدول التي ألغت كلمة الرقابة من قاموسها الإعلامي الرسمي، وأبدلته بوصف أقل صرامة وهو «متابعة المحتوى الإعلامي». وقال إن قرار حذف 45 دقيقة من الفيلم الأميركي «ذئب وول ستريت» صادر عن شركة «جلف فيلم»، صاحبة الحقوق والتوزيع الحصري للفيلم في منطقة الشرق الأوسط، والتي قامت بعملية المونتاج بإذن من الشركة المالكة للفيلم، موضحا أن إدارة متابعة المحتوى بالمجلس قررت عرض الفيلم كما وصلها من الموزع الخارجي من دون قطع أو مونتاج إضافي. حول تأثير عملية البتر على استيعاب وتواصل المتفرج مع مسارات القصة والحبكة الدرامية فيه، أشار الليم إلى أن قطع 45 دقيقة من زمن الفيلم سيؤثر من دون شك على التواصل الفني والذهني مع الفيلم المعروض في الصالات المحلية، مقارنة بالفيلم الأصلي الذي يمتد زمنه لثلاث ساعات، وأوضح أن «رغبة المنتج في عرض الفيلم بهذا الشكل سيؤثر سلبا على إقبال الجمهور عليه، ونحن لا نتدخل هنا في الحسابات الربحية للمنتج والموزع ودور السينما». وأكد الليم أن المجلس سيتخذ قرارا بعدم السماح مستقبلا لتوزيع أفلام ممنتجة من الخارج، بعد تجربة عرض فيلم «ذئب وول ستريت» خصوصا بعد ردات الفعل السلبية التي أبداها النقاد والجمهور، وبسبب عدم الترابط المشهدي فيه، وتداخل اللقطات والحوارات لدرجة تشويه الخط الرئيسي في مسار القصة والأحداث. وفي سياق متصلّ، أوضح مسعود أمر الله، المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي، إن تلافي ما حدث مع «ذئب وول ستريت» يمكن تحقيقه من خلال تصنيف الفئة العمرية والتعامل بصرامة وجدية من قبل صالات العرض مع هذا التصنيف بالتدقيق في بطاقات الهوية، وعدم السماح لمن هم دون الثامنة عشرة أو الحادية والعشرين من دخول أفلام خاصة بالبالغين. وأشار إلى أن معايير تصنيف الأفلام يجب أن تتم من خلال لجان خاصة مكونة من خبراء في علم الاجتماع وعلم النفس، ومن تربويين وفنانين وسينمائيين وغيرهم، ثم يعتمد المجلس الوطني للإعلام على توصياتهم في تحديد الفئة العمرية المناسبة والمتوائمة مع نوعية وطبيعة كل فيلم من الأفلام المخصصة للعرض في صالات السينما المحلية. عقبات وصراعات تعرض فيلم «ذئب وول ستريت» للكثير من العقبات الإنتاجية والفنية قبل تنفيذه، وتصنيفه تحت مسمى «سيرة ذاتية وكوميديا سوداء»، حيث شهدت حقوق الحصول على مذكرات رجل الأعمال جوردن بلفورت، صراعا شرسا بين النجمين براد بت، وليوناردو دي كابريو عام 2007، قبل أن يفوز به الأخير في مزاد معلن بين الطرفين، وفي عام 2010 اقترحت شركة وورنر براذرز اسم المخرج ريدلي سكوت لإخراج الفيلم، مع إسناد الدور الرئيس للممثل دي كابريو، ولكن في اللحظات الأخيرة انسحبت شركة وورنر بروذرز من المشروع برمته، وفي عام 2012 تولت شركة جديدة مستقلة هي «رد جرانايت بيكتشرز»، مسؤولية إنتاج الفيلم، واشترطت ألا يكون هناك أية حدود أو رقابة على محتويات السيناريو المقتبس من المذكرات الأصلية، والتعاقد مع المخرج مارتن سيكورسيزي، الذي قبل المهمة خصوصا بعد تحمسه للعمل مجددا مع دي كابريو، الذي تعاون معه في أفلام سابقة، من أهمها فيلم «عصابات نيويورك» و»جزيرة مغلقة». تقليل المخاطر كان من المقرر عرض فيلم «ذئب وول ستريت» على الجمهور في 15 نوفمبر، 2013 لكن تم نقله إلى ديسمبر، لرغبة كل من المنتج والمخرج في التقليل من المخاطر الربحية والتخلّي عن بعض المشاهد المفرطة في العنف والجنس وتعاطي المخدرات والتعرّي، حتى لا يتم إدراج الفيلم تحت تصنيف «NC -17» والإبقاء على التصنيف الرسمي (R) حتى يتسنى لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور مشاهدة الفيلم والتعرف على مناخه الملحمي والبيوجرافي، الذي يعتبر نقلة جديدة ومغامرة جريئة في تجربة سيكورسيزي، الحافلة والطويلة في تناوله قصص المافيا ودهاليز الجريمة المنظمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©