الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هاجس يلازمني!

4 يوليو 2010 20:46
لفت انتباهي خبران يجب التوقف عندهما بعض الشيء، الأول: مفاده أن الباحثين الهنود قد توصلوا إلى عقار يعطى للرجل في حقنة لمنع الحمل، وأن بالإمكان من الآن فصاعداً التحكم في خصوبة الرجل أو عقمه من خلال هذه الحقنة، وإمكانية إعادة تأهيله للإنجاب وقتما شاء بحقنة أخرى مضادة. وقد تم إجراء تجارب ناجحة على 500 متطوع هندي وثبت أن العقار الذي يحتوي على «البوليمر المحرر في مادة دايميثايل سلفوكسيد» يمنع الرجل من الإنجاب لمدة تصل إلى عشر سنوات بعد زرع هذه المادة في قناة نقل «الحيامن» البشرية لتشكل طبقة داخلية تغطي وتقتل هذه «الحيامن» بفعل وقوعها بين نيران مادة مركبة ومحملة بالشحنات السالبة والموجبة، أما حقنة إعادة الأمور إلى ما كانت عليه فتحتوي على مادة بيكربونات الصوديوم التي تزيل مادة الحقنة الأولى بلا صعوبة من قناة الحيامن البشرية دون حدوث مضاعفات جانبية ما عدا بعض الانتفاخات المحتملة في كيس الصفن، وأن منظمة الصحة العالمية تعكف الآن على التأكد من نتائج هذه الأبحاث لنقلها إلى بقية بلدان العالم. أما الخبر الثاني الذي تتناوله وسائل الإعلام فكان حول جهود عدد من مراكز الأبحاث الطبية الدوائية نحو إمكانية التوصل إلى تركيبة دوائية آمنة ومجدية للفياجرا النسائية لتكون في متناول النساء اللاتي يشكين من قصور أو ضعف في رغبتهن الجنسية ولتحسين أداء اللواتي يجدن في أنفسهن بروداً أو نقصاً في هذا الجانب، بعدما نجحت الفياجرا الرجالية في إثبات فعاليتها وأصبحت العقار الأكثر شهرة بين جميع الشعوب والألوان والأجناس. مسكين إنسان هذه الأيام، وهذا العصر، فإن «عطس» أو أصابه قليل من البرد، أو الإجهاد والوهن، فعليه أن يسرع ويبتلع عدة أقراص من جميع الأشكال والألوان، وإذا أراد أن ينام، أو يهدأ، أو حتى يفكر، أو إذا أراد أن يفتح شهيته للطعام، أو إذا أراد «سد نفسه» عن الأكل لعمل ريجيم أو لتخسيس وزنه فعليه أن يبتلع قرص كذا، أو حبة كذا، أو كبسولة من نوع كذا، أو حقنة معينة. أنا لست ضد ما يبذل من جهد علمي، وتسابق تكنولوجي، أو ضد أبحاث علمية تجري هنا أو هناك ليستفيد من نتائجها وفوائدها بني البشر، وإنما أحياناً ينتابني إحساس بأن كل حركة وكل ساكنة، وكل فعل نقوم به يجب أن يكون «بقرص دواء»، حتى المتنافس الرياضي في أي محفل تحيط حوله الشكوك فيما إذا كان قد تناول عقاراً منشطاً من عدمه. واليوم نرى - حتى - ممارستنا لحق الاستمتاع بالحياة في غريزتها الأولية الأساسية أصبحت رهن عقار من صنع الإنسان نفسه.. تذكرت اليوم عشرات من النماذج التي أعرفها وسمعت عنها وعاشوا وعمروا شيئاً طويلة لم يعرفوا للأطباء طريقاً، ولم يتناولوا في حياتهم قرص أسبرين واحد للتخفيف من آلام الصداع. الجنس أفسدناه..والمياه والطعام والهواء..أفسدناها، وصرعات الاستنساخ تتزايد، ولا نعلم ما تسفر عنه «صناعة» الخلايا الحية من مصائب، وكل يوم نسمع عن صرعة جديدة أو اكتشاف أو نجاح بحثي جديد. لا أعرف لماذا يطاردني هاجس بات يلازمني، أخشى أن يشط علماء هذا القرن بفكرهم وجهدهم وتجاربهم لابتكار واختراع عقاقير جديدة من شأنها أن يولد إنسان «حيوان» هذا العصر مجرداً من الغرائز والأحاسيس والمشاعر، أو مجرداً حتى من إنسانيته! ولمَ لا ؟ ربنا يستر. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©