الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

و للطفولة عيدها

و للطفولة عيدها
30 سبتمبر 2008 02:01
الطفولة عيد محتف بذاته، وعندما يأتي العيد تتجه الأنظار، والذكريات أيضاً، نحو مراتع الطفولة بحثاً عن معان كامنة وأسرار عميقة بقدر ما هي بريئة· وللعيد، إضافة إلى بهجته ومتعة الفرح المتآلفة معه، أهازيجه الصاخبة التي يطيب للأطفال التناغم معها، والتراقص على إيقاعها الساحر، ومع أنّها لا تنطوي على إبداع يدرك سره الراسخون في صنعة اللحن والأغنية، إلا أنّها تحمل كلّ ما تختزنه البراءة من إيحاءات عميقة الأثر، وبالغة الروعة· يظل العيد ناقصاً حتى يطلق الأولاد أهازيجهم، يمنحون من خلالها الكبار بعض ما يحتاجونه من شغب محبب، وعبث طفولي جميل لا تكتمل حكمة الشيوخ بدونه· تفيض الأهازيج الشعبية بالعذوبة، وتمنح الأطفال البهجة والمسرة عبر أبيات شعرية صغيرة بسيطة تتسم بالود والظرف، تختزنها ذاكرة أمهاتهن اللواتي سمعنها بدورهن من جداتهن حين كنا صغيرات، وقمن بتلقينها لأطفالهن، ليرددنها في مختلف المناسبات، خاصة عيد الفطر السعيد· يقول الشاعر حمدان الدرعي ''إن الهزج فن غنائي معروف منذ القديم وضارب في أعماق التاريخ العربي، وهو من الموروث جيلاً عن جيل، وانتشاره ليس حصراً في مكان واحد دون آخر، وينظم وفق بحور شعرية ويؤدى ترديداً دون موسيقى''· بينما يشير محمد المرزوقي- عضو إدارة ''نادي تراث الإمارات'' إلى أنه ''بالرغم من كون إيقاع العصر الحديث ووقائعه، دفعا بالأهازيج أو الأغاني الشعبية إلى بعض الاندثار، حيث دخلت الأغاني العصرية على اختلاف أنواعها إلى حياة ويوميات أطفالنا، إلاّ أن نادي التراث عمل وما يزال على إعادة إحيائها في المناسبات، كما الحال في احتفالات عيد الفطر السعيد الخاصة بالأطفال واليافعين، حيث نعمل على تعليمهن وتدريبهن على الأغاني والأهازيج''· ويلفت المرزوقي إلى دور الباحثين والمشتغلين في التراث الشعبي في حفظ الأهازيج ''انطلاقاً من الحرص على فن الأهازيج، تمّ حفظ وتدوين كل أنواعها، سواء التي ترددها الأمهات لأطفالهن في الحياة اليومية، أو التي يرددها الصغار في المناسبات، لتصير ضمن الموروث الشعبي في الخليج العربي، لدوامها وعدم زوالها، وثمة كتب كثيرة تضم في طياتها تلك الأهازيج المتداولة''· وتقول قماشة السويدي- مشرفة أنشطة المركز النسائي في نادي التراث ''فيما يخص استعداد الأطفال للاحتفال بمناسبة عيد الفطر السعيد -التي تسبقها بأسبوعين مناسبة ''القرقعان'' أي احتفال المنتصف من شهر شعبان- ثمة طقوس مشابهة لطقس ''القرقعان'' حيث يستعد الأهالي والأطفال للاحتفال بهذه المناسبة بشراء المكسرات والحلويات، وتقوم الأمهات بخياطة أكياس من القماش، يجمع الأطفال فيها ما يوزعه الأهالي عليهم من المكسرات والحلويات وحتى النقود·· مرددين أهازيج متعددة، منها: اعطونا حـق الله يرضــى عليكـــــم الله قـــدام بيتكـم دله عسـى الفقر ما يدله ثم يواصلون بترديد أهزوجة أخرى حينما يصلون إلى بيت آخر، فيرددون: قــدام بيتكــم طاســــــه وعيونكم محتاسه اعطــونا الـله يهديكم وبيت مكة يوديكم وتشيرالسويدي إلى أنه ''في عيد الفطر كما في القرقعان واحتفالات عيد الأضحى، يقوم الأطفال بتعليق الأكياس على رقابهم بعد أن تمتلئ بالحلوى والمكسرات والهدايا·· حيث تغرف الأمهات بيديها أو بواسطة إناء من الصينية المملوءة بالمكسرات والحلويات، وتفتح كيس كل طفل منهم وتضع به نصيبه، فيتدافع الأطفال للوصول إلى السيدة التي تقوم بالتوزيع ليشكرونها بأهزوجة دعاء لابنها: يالله تخلي ولدهم يالله ··خلي لأمه يالله عسى البقعة ما تخمه·· ولا توازي على أمه وتلفت السويدي إلى ''استمرار التجوال على البيوت حتى موعد الغذاء وعودة الأهالي من صلاة العيد، ليكونوا بذلك قد جالوا على كل الأقارب والجيران ونالوا عيدياتهم وهداياهم، إذ يستاء بعض الأقارب أو الجيران، إذا أهملهم الأطفال في يوم العيد ولم يقوموا بزيارتهم لأخذ نصيبهم من العيدية''! ولا تقتصر أجواء احتفال الأطفال بعيد الفطر السعيد على تلك الجولة التي يحصدون ثمارها مأكولات وهدايا وعيديات، بل تنسحب على بيوتهم، حيث بانتظارهم عطايا الجد والجدة والوالدين، وكذلك يستقبلون بعضهم البعض -أسوة بالكبار- ويقومون بواجب الضيافة من تقديم القهوة والحلوى لبعضهم· تقول كلثم العلي - باحثة اجتماعية ''للأطفال في العيد أهازيج وأشعار باللهجة العامية يرددونها ببراءة وطفولة أمام أجدادهم وآبائهم، خلال تلقيهم الهدايا، من بينها: عادت عليكم صيام كل سنة وكل عام ثم يشرعون بالدعاء إلى أهل البيت: الله يخلي راعي البيت·· الله يخلي، آمين آمين· وتلفت العلي إلى أن الأطفال -قديماً- خلال احتفالهم في أيام العيد أو في اليوم الذي يسبقه ''ينطلقون بفرح يرددون أهازيج متنوعة، لذا يتواصل الحرص على إحيائها في عصرنا الحالي، رغم وفرة أساليب الترفيه وتعدد وسائل احتفال الأطفال بعيد الفطر السعيد، ليعاودوا -ذكوراً وإناث- ترديد أهازيج الجدات والأمهات، ومنها: باقي اليوم وباكر·· ونلحقك يا فاطر· ومنها كذلك: باكر العيد ونعيّد·· ونذبح بقرة السيد''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©