الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سكان المناطق البرية في الإمارات يتمتعون بسلوك صديق للبيئة

سكان المناطق البرية في الإمارات يتمتعون بسلوك صديق للبيئة
25 ابريل 2012
كشفت ندوة أقيمت مؤخرا في مقهى براجيل التراثي في الشارقة، عن أن سكان المجتمعات المحلية الأصلية القاطنة في المناطق البرية في دولة الإمارات شكلوا موروثا ثقافيا خاصا ينظم علاقتهم الطيبة مع البيئة والثروات الطبيعية التي تكتنزها بيئات المناطق البرية، ويتمثل ذلك الموروث في العادات والتقاليد التي توارثها أهل البادية، والتي أصبحت اليوم تعكس الخصوصية المميزة لأخلاق وقيم تلك المجتمعات، التي تؤكد على عمق ارتباط تلك الجماعات البسيطة بالأرض، عبر السلوك الفطري والمكتسب في تنظيم استغلال الثروات والموارد التي تكتنزها البيئات البرية ونظمها المميزة. محمد الحلواجي (الشارقة) - ظهر التفاعل ما بين الإنسان والبيئة على كوكب الأرض منذ القدم، كون البيئة تلبي مطالب البشر وتشبع الكثير من رغباتهم واحتياجاتهم، وكان من نتائج السعي إلى إشباع مختلف الحاجات البشرية والزيادة المتسارعة في عدد سكان العالم، تزايد الضغوط لاستيعاب النفايات الناتجة عن الأنشطة البشرية، حيث تجاوز الأمر حد الإضرار بالكثير من عناصر البيئة، ولا تختلف دولة الإمارات عن باقي دول العالم في هذا الشأن. في هذا إطار نظمت ندوة ضمن برنامج المقاهي الثقافية المرافقة لأيام الشارقة التراثية، التي اختتمت مؤخرا. تنوع بيئي أكد الباحث والمتخصص في الشأن البيئي الدكتور شبر الوداعي أن المناطق البرية في الإمارات تشكل معلماً بيئياً وحضاريا بارزاً، كما تتميز بتداخل خصوصياتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياحية والبيئية، حيث تشكل الخواص البيئية أهم معالم المناطق البرية التي يتكون نظامها البيئي من منظومة من البيئات الطبيعية، التي تضم الكثبان الرملية والواحات البرية الجميلة ومنظومة التنوع الحيوي، وتضم الزواحف والحيوانات والطيور المستوطنة والمهاجرة، والغطاء النباتي المتنوع في مكوناته وفوائده الطبية، بالإضافة إلى الأشجار ذات الأهمية الوطنية والبيئية مثل شجرة الغاف والسدر والسمر، التي أهلت تلك المناطق لأن تكون واحة متميزة للجمال الطبيعي الفريد في النظام البيئي. كما رأى الباحث أن الوعي الاجتماعي بضرورة الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية، لصون بقاء المجتمعات المحلية القاطنة في المناطق البرية، يمثل العامل الأساسي في وجود القيم والعادات والتقاليد والأعراف المجتمعية، وعلاقتها الطيبة في التعامل مع الثروات والموارد البيئية، لافتا إلى أن الموروث الاجتماعي في العلاقة مع ثروات المناطق البرية، تشير إلى أن المجتمعات البدوية كانت تنظم سير القوافل البرية وفق مسارات متعارف عليها، بحيث يضمن ذلك عدم التأثير السلبي على الموارد البيئية في تلك المناطق، كما أنها تتمتع بوجود نظام خاص للرعي، وأساليب ومواسم محددة للتحطيب واستغلال ثروات وخيرات بيئات المناطق البرية، وفي السياق ذاته، درجت المجتمعات المحلية في الإمارات على ممارسة أنشطتها المتنوعة التي تميز بها مجتمع البادية، في مناطق متعارف عليها، بشكل منظم يحول دون التعدي على مكونات تلك المناطق، حيث غدت تلك المفاهيم منظومة متكاملة للعقد الاجتماعي الذي يحدد العلاقة مع النظام البيئي في المناطق البرية. المخاطر المعاصرة من ناحية أخرى، يشير الباحث الوداعي إلى المخاطر المعاصرة على البيئات الطبيعية في دولة الإمارات، فيقول “تتعرض قيم الثقافة السليمة في العلاقة مع البيئة البرية اليوم، إلى تجاوزات واضحة، وذلك نتيجة للمتغيرات المعاصرة التي تتمثل في تصاعد حمى الاستغلال غير الرشيد للموارد البيئية في المناطق البرية، وانتشار الصور والمفاهيم المغلوطة في تنظيم الأنشطة الاجتماعية الترفيهية، مثل رياضة ركوب الدراجات النارية والمركبات ذات الدفع الرباعي، وتنظيم الأنشطة السياحية والاجتماعية غير المسؤولة، وتبني السلوكيات غير الصحي في ممارسة أنشطة الراحة والاستجمام، والمتمثلة في اعتماد طرق الشواء غير السليمة، إضافة إلى ظاهرة ترك المخلفات في المواقع البرية التي يجري ارتيادها”. ويتابع “ هذا إلى جانب ارتكاب المخالفات القانونية من قبل بعض الشركات والمؤسسات الإنشائية والصناعية، عبر قيامها بإلقاء النفايات المختلفة في المناطق البرية، وصولا إلى الاستغلال غير الرشيد للثروات التي تكتنزها بيئات تلك المناطق، والمتمثلة في أسوأ صورها عبر الرعي والتحطيب الجائر، وصيد الأحياء البرية المهددة وغير المهددة من حيوانات وطيور وزواحف، ويتم القيام بهذه الأنشطة والممارسات اللا مسؤولة، دون الالتفات إلى ما يمكن أن يتركه ذلك من آثار سلبية وخيمة على النظام البيئي في تلك المناطق البرية الجميلة”. أكد الوداعي أن التجاوزات والتعديات الخطيرة على المناطق البرية، أسهمت في جعل البيئة البرية في مقدمة أولويات الاهتمام المؤسسي الحكومي والاجتماعي في دولة الإمارات، وكان من أولى المبادرات الخطط البيئية التي جرى تنفيذها لإعادة تأهيل نظم البيئة الصحراوية، بتوجيهات من المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله. كما شهدت الإمارات في المرحلة الثانية الحديثة، حراكا بيئيا تمثل محوره الأساسي في ترسيخ الأنشطة الموجهة لصون بيئات المناطق البرية، وقد تصدر هذا الحراك مبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تنفيذ الخطط العملية لإعادة التوازن البيئي في المناطق البرية، وقد جرى وفق ذلك إقامة منظومة من المحميات الطبيعية البرية، وإطلاق الحيوانات البرية في بعض منها، وتنظيم حملات لزراعة المناطق البرية، إلى جانب التنظيم المكثف لحملات التوعية بأهمية الحفاظ على المكون البيئي والتنوع الحيوي في تلك المناطق، وإصدار قرار بشان منع التدهور البيئي في المناطق البرية. وبالتوافق مع ذلك التوجه، يقول الوداعي “شهدت معظم إمارات الدولة حراكا مؤسسيا واجتماعيا، انتعش من خلاله العمل الاجتماعي عبر دعم خطط العمل، من أجل الحفاظ على البيئة البرية وصونها، حيث ساهمت منظمات المجتمع المدني والقطاع التعليمي والتربوي، بشكل تفاعلي في دعم المبادرة الرائدة لسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، بشأن تنظيم حملات تنظيف المناطق البرية، وهو الأمر الذي يدلل على تصاعد مستويات الوعي الاجتماعي، بضرورة الاهتمام بالبيئة البرية وتنوعها الحيوي، وجعلها معلما بيئيا ووطنيا مستداما”. الباحث في سطور ? شبر الوداعي حاصل على دكتوراه في القانون البيئي، وباحث في الشأن البيئي. ? مخطط استراتيجي في إعداد البرامج المختصة في مجال التوعية والتعليم البيئي والإدارة البيئي. ? كتب العديد من البحوث والمقالات حول الأمن البيئي في عدد من الدوريات المتخصصة منها مجلة الفكر الشرطي الصادرة عن شرطة الشارقة، وكاتب عمود أسبوعي بعنوان المنبر البيئي. ? محاضر وناشط بيئي ألقى العديد من المحاضرات وأراق العمل المختصة في المؤتمرات وورش العمل المحلية والإقليمية في الشأن البيئي. ? المدير التنفيذي السابق لجمعية أصدقاء البيئة في الإمارات، مؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للبيئة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©