الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الابتلاء الأكبر لأميركا

الابتلاء الأكبر لأميركا
7 مايو 2014 20:13
تواجه الحركة الإسلامية أكبر أزمة سياسية في تاريخها الذي يمتد نحو خمسة وثمانين عاماً، وبرزت تلك الأزمة في أعقاب الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر. فبعد أن قطع الرئيس السابق محمد مرسي وعوداً بتشكيل حكومة شاملة بدأ في السعي الجاد لتحقيق الأجندة الخاصة بالإخوان المسلمين في دولة محكومة بالشريعة الإسلامية الصارمة أو القانون الإسلامي - كما وصف المؤلف- الذي يرى أن شرائح كبيرة من المجتمع المصري تعترض على تطبيقها لأن الجماهير كانت تأمل في أن تؤدي ثورة 2011 إلى مجتمع أكثر تعددية وانفتاحاً من نظام مبارك. يقول المؤلف في كتابه بعنوان «الإخوان: العدو الأعظم القادم لأميركا» والذي يقع في 256 صفحة من القطع المتوسط والصادر عن دار ريجنري للنشر، يوليو 2013، أن طبيعة جماعة الإخوان المسلمين بدأت تتكشف عندما تم استبعادهم من الحكم؛ حيث اتضح في خطابهم إحساس عالٍ بجنون العظمة والارتكان إلى نظرية المؤامرة، وعدم الاعتراف بالأخطاء، وتحريض مؤيديهم على المشاركة في مظاهرات عنيفة واسعة النطاق في الشوارع ضد الحكومة الانتقالية التي يقودها الجيش. يمتلك المؤلف إيريك شتيكل بيك خبرة واسعة في أدق تفاصيل جماعة الإخوان بحكم اقترابه الشديد من الحركة بفروعها على مستوى العالم في العقد الماضي حيث عمل مراسلاً ومحرراً لنقل أخبار متعلقة بأحداث العنف والإرهاب في وكالة (CBN نيوز) وكذلك في منظمات حقوقية أخرى. ويستعرض المؤلف في هذا الكتاب الكيفية التي تعمل من خلالها جماعة الإخوان وحلفاؤها من مسلمي السنة عندما تتعارض مصالحها مع مصالح الجهاديين الشيعة، وكيف يمثل ذلك ابتلاءً كبيراً لأميركا يستحق منها تعاملاً ذكياً لاحتواء الأزمات الناتجة عن هذا التعارض والاستفادة منه في آن واحد. ويطرح المؤلف السؤال: كيف يعمل الإخوان من أجل تنفيذ مخططاتهم؟ ويجيب قائلاً: بينما تتخذ القاعدة في مسعاها لتحقيق تطبيق الشريعة أسلوباً عنيفاً وسريعاً للوصول لأهدافها فإن الإخوان يفضلون المنهج التدريجي من خلال التعمق ببطء والتغلغل في المجتمع والسيطرة على مراكز النفوذ فيما وراء الكواليس في الحكومة والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام ويشبههم في ذلك بالنمل الأبيض الذي يختبئ عميقاً في المجتمع المضيف ويتناول الطعام في خفية وببطء من الداخل. ويرصد المؤلف أسلوب الإخوان في تنفيذ منهجهم في التغلغل داخل المجتمع بالتركيز على القاعدة الشعبية من خلال المساجد والمدارس الإسلامية. وتوقع أنهم سيعملون مع الفصائل المتباينة أيديولوجياً معهم وهي اليسار من أجل تحقيق أهدافهم في نهاية المطاف، وعندما يصلون للنفوذ المأمول ستكون تلك هي الحالة المثالية للدخول في المرحلة النهائية. وفي رأيه أن المرحلة النهائية للإخوان يمكن أن تتخذ أشكالاً عديدة أولها: نيل السلطة بشكل سلمي عن طريق خوض الانتخابات والفوز فيها (كما سبق وحدث في تونس ومصر) أو أن تصبح الكتلة المعارضة الرئيسية (كما هو الحال في الأردن وليبيا والمغرب)، في هذا السياق يلفت المؤلف النظر إلى ممارسات حماس- الفرع الإخواني الفلسطيني- السياسية عندما فازت في عام 2006 بالانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية وفي انقلاب عنيف أطاحت بأعظم تيار منافس لها «فتح» من المناصب القيادية بقطاع غزة حيث احتكرت السلطة منذ ذلك الحين. ويحدد الشكل الثاني المستهدف لدى الإخوان وهو التركيز على الدول الغربية كما ذُكر في وثيقة الإخوان المسماة «بالمشروع» الذي يستهدف قهر أوروبا وأميركا لا بالسيف ولكن بالدعوة والتي وصفها المؤلف بالتبشير. يشير المؤلف إيريك بيك إلى الخلافات الدائرة داخل مؤسسات جماعة الإخوان في أميركا ويؤكد أن هذه الخلافات أدت إلى إضعاف دور الجماعة على مستوى فروعها في العالم، بينما ترافق ذلك مع سعي كل من تركيا وإيران إلى تطوير حركاتهما الإسلامية لإقامة الخلافة العالمية بما في ذلك من تعارض مع مصالح الإخوان في السلطة والنفوذ. وأوضح أن هنالك قصوراً في النموذج التركي لتولي الخلافة بسبب طموح الأنظمة الإسلامية في القاهرة والرياض وطهران في توليها، لافتاً إلى أنه بعد فترة النشوة التي شعر بها الإخوان المسلمين عند وصولهم للحكم ثم ما أعقب ذلك من الإطاحة بهم نتيجة لرد الفعل الرافض لهم من قبل شرائح واسعة في المجتمع المصري ثم لجوءهم للعنف ضد الحكومة المصرية المؤقتة، إلى ضرورة مراقبة ورصد تحركات مؤيدي هذه الجماعة الغربيين والذين يمتلكون خبرة في العمل في بيئات ديمقراطية تعددية ومعروفة ما إذا كانوا سيحذون حذو نظرائهم في القاهرة من حيث العنف أم سيمارسون قدراً من ضبط النفس. هل أساء الإخوان المسلمون إلى الإسلام..؟! هل أساء الإخوان المسلمون إلى الإسلام..؟! تختلف الإجابة تبعاً لاختلاف الرؤية، وأيضاً تختلف التفسيرات تبعاً لاختلاف المصالح؛ فبينما يرى العرب في الربيع العربي ثورات إصلاحية ضد أنظمة استبدادية فاسدة ومعمرة وخطوات إلى الأمام من أجل تأسيس حياة ديمقراطية وعدالة اجتماعية وحرية وكرامة يرى بعض المفكرين الغربيين تلك الثورات من منظور آخر، ويفسرونها بكونها مجرد حمى انتشرت عدواها في الشرق الأوسط، قادت هذه الحمى الحركات الإسلامية المعادية والمهاجمة دائماُ للغرب. ينتمي أندرو ماكارثي مؤلف كتاب (حمى الربيع وهـم الديمقـراطية الإسلامية) إلى وجهة النظر الأخيرة. يذكر المؤلف في كتابه الصادر عن دار النشر (إنكاونتر) والذي يقع في 184 صفحة أن الإسلام ثقافة وحضارة تتميز بكراهيتها وعدائها للغرب وأن هذا العداء لا يعد سطحياً بل هو عميق الأثر فيمن ينتمون للفكر الإسلامي، ويرى أن الانتشار الواسع لحركات الإسلام الأصولية في الشرق الأوسط يعد التفسير الأشمل والقوة الدافعة الرئيسة لأحداث العنف الماثلة في المنطقة العربية منذ ثلاث سنوات وأن هذه الأحداث تعد جزءاً أساسياً في المخطط الإسلامي ضد الغرب، ويرى أن في كتابه علاجاً فعالاً لحالة الانبهار المرضي - على حد وصفه - الناشئة عند كل المتابعين لتطورات الربيع العربي. ويستعرض المؤلف التهديد الذي يشكّله الإسلام المتطرف على الأمن القومي الأميركي، وفي عرض رؤيته لجماعة الإخوان المسلمين يشير إلى أنها تتخذ سياسات تخريبية ومعادية للمجتمع الأميركي كما أنها تسعى لاختراق الثقافة الأميركية من خلال ما تطلق عليه “جهاد الحضارات” ويعرب عن قلقه من امتداد شبكة نفوذها على مستوى الأفراد والجماعات وتواطؤها مع اليسار المتشدد في هجوم مستمر ضد ثقافة الحرية في أميركا. ويلتقط المؤلف طبقاً لكتابه “حمى الربيع” صورة تفصيلية للمشهد العربي يضع فيها جماعة الإخوان المسلمين في بؤرة الأحداث ويرصد تحركاتها بالتعاون مع غيرها من الحركات الإسلامية التي تملك الدور الأساسي في إشعال ثورات الربيع العربي والاستمرار فيها حتى الآن. ويؤكد أن الحقيقة الأساسية الكامنة وراء الربيع العربي هي أن التصور الذاتي الذي يشكّله الإسلام في فكر المسلمين يمثل الجزء الرئيسي من الحضارة المعادية للغرب والتي دفعت لتلك الثورات.. ولكن هل يعتمد هذا التصور على حقائق موضوعية.. وهل يعكس هذا العرض البناء الحقيقي للإسلام..؟ يجيب المؤلف على نفسه بأن هذه الأسئلة وإن بدت غير موضوعية وغير مستندة على دلائل علمية فهي تمثل ما هو موجود على أرض الواقع. يتحدث المؤلف عن الحرية التي يتوق إليها البشر جميعاً ويقول: إن مفهوم الحرية طبقاً لمفهوم الإسلام في الشرق الأوسط يتعارض تماماً مع مفهوم الحرية في الغرب؛ فبينما تنبع الحرية لدى المسلمين من الاستسلام الكامل لله وشريعته فإن هذا لا يعد مفهوماً لدى الغرب الذي يؤمن بأن الإنسان يصنع شريعته بنفسه، ويرى في تطبيق الشريعة الإسلامية قيوداً على حرية المجتمع. ويضيف: أنه بينما احتضنت أميركا الجماعة الإسلامية ودعمتها فإن هذه الجماعة سعت إلى تخريبها وتدميرها. يعد هذا الكتاب مثالاً واضحاً لاختلاف الرؤى بين بعض مفكري الغرب والمفكرين في العالم العربي لثورات الربيع العربي، فالإسلاميون في واقع الأمر حتى وإن كان لهم دور واضح في هذه الثورات إلا أنهم لم يكونوا العامل الوحيد المحرك لها في ظل ضغوط من الفساد طويل الأمد وتردي الأوضاع على كافة المستويات، مما كان دافعاً للانفجار بل إن الكثيرين يتهمون الإسلاميين باختطاف تلك الثورات وليس إشعالها.. ولكن كتاب مثل هذا يمثل دليلاً على الخطورة الكامنة في خطأ تطبيق الدعوة الإسلامية في المجتمعات الغربية بمنهج يعتمد على العنف مما يسيء للإسلام بدلاً من أن يدعو له ويؤكد على أن جماعة الإخوان المسلمين قد شاركت في الإساءة إلى الإسلام. خدمة (وكالة الصحافة العربية)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©