الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هواجس تسليح المعارضة السورية

24 ابريل 2013 22:46
كارين ديونج بروكسل لاشك أن أوباما، خلال استقباله في الفترة الأخيرة عدداً من الزعماء العرب في البيت الأبيض، والزيارات الأخرى المرتقبة في الفترة المقبلة، سيوجه شكره لحلفاء أميركا في المنطقة العربية على تعاونهم في قضايا متعددة، بدءاً من ليبيا وليس انتهاء بأفغانستان. ولكن من المتوقع أيضاً أن يضغط أوباما على ضيوفه العرب لضمان عدم وصول الأسلحة، التي ترسلها بعض الدول الخليجية للثوار في سوريا، إلى متشددي جبهة النصرة التي ربطتها الإدارة الأميركية مع تنظيم «القاعدة»، وبقية التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تحارب نظام الأسد. والحقيقة أن التسريبات بشأن وصول بعض الأسلحة إلى أيدٍ متشددة تم تداولها مؤخراً من قبل أوساط عربية أخرى منافسة لبعضها بعضاً، وهو ما جعل أوباما في وضع صعب محاولاً تحديد ملامح سياسته بشأن سوريا؛ فإلى وقت قريب كانت الإدارة الأميركية تحث أصدقاءها في الخليج العربي على عدم إرسال أسلحة إلى المعارضة السورية حتى لا يؤدي ذلك إلى إراقة المزيد من الدماء، ولكن مع استمرار الحرب الأهلية لأكثر من عامين، وعدم وجود إشارات لقرب تنحي الأسد، أو سقوطه السريع، شرعت الولايات المتحدة في تعزيز مساعداتها غير الفتاكة للمعارضة، وفي الوقت نفسه الاعتراف والترحيب الضمني بإمدادات الأسلحة التي تقدمها دول المنطقة للمعارضة السورية. غير أن التحكم في مسار ووجهة الأسلحة لم يكن سهلاً، بل طرح عدداً من الإشكالات على البيت الأبيض، فخلال لقاء مجموعة دول أصدقاء سوريا والمعارضة السياسية والعسكرية السورية الذي استضافته إسطنبول خلال نهاية الأسبوع الماضي اتفقت الحكومات الإحدى عشرة على اعتماد مظلة قيادة المجلس العسكري السوري لإيصال الأسلحة برئاسة اللواء سليم إدريس، هذه القيادة التي تعهدت بدورها بتقديم السلاح فقط للمجموعات المقاتلة المتفق عليها، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بقوله: «لقد تعهد كل بلد من المجموعة بتقديم مساعدات عسكرية فقط من خلال القيادة العسكرية المعترف بها»، مضيفاً «إنها من الأمور المهمة التي ستحدث الاختلاف في الميدان». وبالإضافة إلى الولايات المتحدة والسعودية وقطر، تشمل المجموعة الرئيسية لدول أصدقاء سوريا أيضاً كلاً من بريطانيا ومصر وفرنسا والإمارات العربية المتحدة وألمانيا وإيطاليا والأردن وتركيا، ويبقى السؤال اليوم عما إذا كان تعهد الدول بحصر المساعدات على قيادة المجلس العسكري السوري سيتم احترامه؟ وهنا يأتي دور أوباما في تذكير زواره العرب بضرورة احترام الاتفاق. وتخشى دول المنطقة، ولاسيما تلك المجاورة لسوريا، من انفجار الوضع الأمني والإنساني وتفاقم الصراع الذي بدأ يتخذ أبعاداً طائفية. ويتشكل الثوار في معظمهم من السنة، باعتبارهم أغلبية الشعب التي عاشت لسنوات مديدة تحت حكم الأقلية العلوية، وعلى رغم محاولات المعارضة الانفتاح على بقية أطياف الشعب ما زالت الأقليات الأخرى، مثل المسيحيين والدروز حذرة من الثورة مخافة أن تؤدي إلى صعود الإسلاميين المتشددين، ولاسيما أن بعض المناطق الواقعة تحت حكم الثوار بدأت فيها جماعات إسلامية في فرض قيود اجتماعية على الأهالي، مثل منع التدخين، وفرض الحجاب على النساء. وبسبب انقسام الفصائل وعدم توحدها تحت شعار واحد فشلت المعارضة السياسية في إقناع الأقليات السورية وحتى بعض أطياف المعارضة الأخرى بأنها ملتزمة بتشكيل حكومة تعددية، بعد سقوط نظام الأسد وضمان وحدة البلد. وعلى الجانب العسكري غالباً ما تستفيد الأطراف المتشددة من المساعدات العسكرية القادمة من الخارج بالنظر إلى مقدرتها الميدانية، والمشكلة التي تواجه الإدارة الأميركية وبقية الدول الحريصة على عدم تسليح المتشددين هي أن المال المتدفق على الثوار لا يأتي فقط من جهات رسمية داخل الدول، بل يأتي أيضاً من أفراد في بلدان عربية يتعاطفون مع الثوار، وهو ما أكده مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية رفض ذكر اسمه، بقوله إنه يعرف عسكريين في الثورة السورية يجندون علاقاتهم العائلية والشخصية الموجودة في بعض الدول العربية للحصول على الأموال. ولكن على رغم هذه الصعوبات التي تواجه عملية مراقبة إمدادات الأسلحة إلى الثوار في سوريا، اعتبر كيري وبقية المسؤولين الأميركيين ما جرى في الاجتماع منعطفاً أساسياً في توجهات المعارضة السورية التي أعادت التركيز على الحل السياسي لوقف العنف، حتى لو كان الاتفاق ما زال قائماً على عدم إشراك الأسد في حكومة قادمة على أن يتم التعهد بحماية حقوق الأقليات وضمان وحدة الأراضي السورية. وفيما عدا الجهود التي تبذلها المعارضة السورية لبث الاطمئنان لدى الداعمين يبقى على الدول المانحة نفسها أن تتفق على الأولويات وتوحد مواقفها حتى لا تبقى كل دولة تقدم دعماً لجماعة بذاتها، وهو ما عبر عنه دبلوماسي في إسطنبول قائلاً «كيف يمكننا أن نطالب المعارضة السورية بتوحيد المواقف والرؤى فيما نحن غير متفقين حول الطرف الأجدى بتلقي الدعم». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©